حَضَّ المدير التنفيذي لشبكة مبادرة الشباب الأفريقي فيكتور أوتشن الشباب العربي، على الانحياز للسلام، والتوقف عن الانجرار وراء الثأر وتصفية الحسابات الشخصية، وهو ما يرى فيه مغذياً للنزاعات التي تشهدها المنطقة العربية.
وخلال عرضه لتجربته المثيرة في الانتصار للسلام، وصف أوتشن النزاعات في المنطقة العربية بالمعقدة والمتقاطعة مع غالبية النزاعات التي يشهدها العالم.
جاء حديث أوتشن على هامش مشاركته في "المنتدى العالمي للشباب والسلام والأمن"، والذي استضافته مدينة مادبا الأردنية (جنوب عمّان).
وكشف الشاب الأوغندي كيف انحاز إلى السلام عندما التقى أحد المسلحين الذين عملوا مع العصابات المسلحة وشاركوا في غارة على مخيم النازحين الذي كان يقيم فيه مع عائلته بإحدى قرى شمال أوغندا، وهي الغارة التي نتج عنها مقتل شقيق أوتشن، قال: "عندما التقيت المسلح فكرت بين أن أثأر لشقيقي أو أن أختار السلام، فاخترت السلام".
وأضاف مؤكداً "هو قرار صعب لكنه القرار الصحيح على طريق إنهاء النزاع"، كاشفاً عن أنه يعمل اليوم مع المسلح الذي قتل شقيقه في نفس الشبكة التي تسعى إلى تحقيق السلام في أفريقيا.
وفي كلمته أمام المنتدى، والذي افتتح يوم الجمعة تحت رعاية ولي عهد الأردن، الأمير الحسين بن عبد الله، قال الشاب البالغ من العمر 33 عاماً، إنه وخلال النزاع الذي عاشته بلاده "أمضيت 21 سنة وأنا أحاول ألا يتم قتلي أو تعذيبي أو اختطافي، كنت أفكر وأقلق كل يوم ماذا سأكل؟ أين سأنام؟ أمضيت 7 سنوات من طفولتي أقتات على وجبة واحدة في اليوم، وبعض الأحيان كان علينا ألا نأكل".
اقرأ أيضاً: نقاش عن خطر الإرهاب بمنتدى"الشباب والسلام والأمن" في عمّان
يعتقد أوتشن أن معاناته تلك تنطبق على من يعيشون اليوم في مختلف مناطق النزاع، ويلخص واقع من يعيشون النزاعات "لا تعليم لا أمن.. لدينا عدم تقدير للذات فقط".
كان من السهل أن تقوده الأوضاع التي عاشها إلى أن ينجرف كغالبية الشباب باتجاه الخيار الأسهل، المتمثل بحمل السلاح والدفاع عن نفسه أو الثأر من أطراف النزاع الذين تسببوا له بالألم وقتلوا أفراداً من أسرته، لكنه اختار طريقاً مختلفاً، يقول "حصلت على التعليم وقاومت كل أسباب حمل السلاح، كنت محل انتقاد من الكثيرين لرفضي حمل السلاح، لكنني وعدت أمي ألا أحمل سلاحاً، ولم أحمله ولا أعرف كيف أستخدمه".
يشعر أوتشن بالحزن والأسف على ما تعيشه المنطقة العربية من نزاعات يذهب الشباب ضحيتها، من حيث يجري استغلال طاقاتهم لحمل السلاح والتورط في دوامة القتل والثأر، وبحسبه فإن "الوضع معقد في بعض الدول العربية، وتصنف اليوم كواحدة من أخطر مناطق النزاع على مستوى العالم".
ويرى أن واقع الدول العربية التي تعيش النزاع لا تختلف كثيراً عما يحدث في أفريقيا حيث تنشط شبكته.
ويعبر أوتشن عن قناعته المطلقة في أن الشباب العرب في مناطق النزاع ينشدون السلام ويحلمون بتحقيقه، لكنهم بحاجة إلى خلق تأثير إيجابي برؤية جديدة، وهو ما يتحمل القادة المسؤولية عن تحقيقه، من خلال استثمار الطاقة الإيجابية للشباب قبل أن يجري استغلالها من قبل الجماعات المسلحة.
ويوجه أوتشن من خلال مشاركته رسالة إلى الشباب، يدعوهم فيها إلى الانحياز للسلام واتخاذ القرار الصحيح المتمثل في إلقاء السلاح وعدم التورط في مزيد من الثأر وتصفية الحسابات الشخصية، والتي لن تؤدي سوى إلى مزيد من القتل وإطالة أمد النزاع.
أوتشن الذي يعد أحد أبرز صناع السلام الشبان على مستوى العالم، يدعو الشباب العربي إلى رفض الصراعات الطائفية والعرقية، والعمل على احترام الأديان المختلفة حتى لا يبقى هناك من يشعر أن حياته مهددة بسبب دينه أو عرقه أو لونه، تلك هي البداية الصحيحة نحو السلام، حسبما يؤكد أوتشن.
وكان ولي عهد الأردن قد أعلن نهاية أبريل/ نيسان الماضي، في كلمة ألقاها خلال ترأسه اجتماعاً لمجلس الأمن الدولي عن إطلاق المنتدى.
وخلال يومي المنتدى، ركز المشاركون على خطورة أن يسقط الشباب ضحايا استقطابهم من قبل الجماعات المتطرفة التي تسعى للاستفادة من طاقاتهم في تنفيذ أعمالها الإرهابية، خاصة أولئك الشباب الذين يعانون من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة، تجعلهم فريسة سهلة للمنظمات الإرهابية.
اقرأ أيضاً تربويون أردنيون: المناهج المدرسية تخرج "دواعش"