وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الجمعة، رسالة خطيّة إلى رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون أكد فيها حرص مصر على استقرار لبنان ورفاهيته، مبدياً استعداده لبذل كلّ جهدٍ يمكن أن يُسهمَ في استعادة الشعب اللبناني لعافيته.
الرئيس عون تسلّم رسالة من الرئيس المصري أكد حرص مصر على استقرار لبنان ورفاهيته: مستعدون لبذل كل جهد يمكن ان يسهم في رفعة الشعب اللبناني الشقيق واستعادته لعافيته
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) July 10, 2020
وأمل السيسي في الرسالة، التي نقلها السفير المصري في بيروت ياسر علوي، أن تسفرَ المفاوضات التي يجريها لبنان مع المؤسسات المالية لمعالجة الأوضاع الاقتصادية الضاغطة، عن نجاح يفضي إلى تقليل الأضرار الواقعة على الاقتصاد اللبناني، وأن يسهمَ ذلك في تدفق المخصصات المنصوص عليها في مؤتمر "سيدر" كي يتمكّن لبنان من مواجهة كافة الأعباء التي تثقل كاهله.
الرئيس عون تسلّم رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نقلها إليه سفير مصر في لبنان الدكتور ياسر علوي تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين pic.twitter.com/tr5eW94h2x
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) July 10, 2020
الرئيس السيسي للرئيس عون: نأمل ان تسفر المفاوضات التي يجريها لبنان مع المؤسسات المالية عن نجاح يقلل الأضرار الواقعة على الإقتصاد اللبناني
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) July 10, 2020
وأعرب الرئيس المصري عن ثقته بأنه ستكون لدى المسؤولين اللبنانيين الإرادة اللازمة من أجل إخراج "هذا البلد العزيز على قلوب العرب جميعاً"، على حدّ قوله، من الظرف الذي يمرّ به حالياً، والنأي به عن التجاذبات الإقليمية تفادياً لتأثيرها السلبي عليه.
وتأتي هذه الرسالة في وقتٍ تشهد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تعثراً كبيراً ترجم، أخيراً، بتعليق الجلسات التي من المتوقع استئنافها الأسبوع المقبل، بعد أن لمَسَ الصندوق غياب الإرادة الفعلية والحقيقية للوفد اللبناني المفاوض، والحكومة بشكل خاص، بإجراء الإصلاحات المطلوبة وإحداث تغيير حقيقي في طريقة إدارة الدولة ومرافقها، لا بل شهد خلال المفاوضات على تخبّط داخلي بين أعضاء مجلس الوزراء من جهة، وبين هؤلاء ومصرف لبنان وجمعية المصارف من جهة أخرى، حيث فشلوا في تقديم أرقام موحّدة عن الخسائر للجهة التي يطلبون منها الدعم المالي، ما انعكس سلباً على المسار التفاوضي ولا سيما بعد استقالة عضوين من الوفد اللبناني، هما آلان بيفاني وهنري شاوول.
وأبدت دول عربية وغربية استعدادها لمساعدة لبنان والوقوف إلى جانبه في ظلّ أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية ونقدية تمرّ على البلاد منذ الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، وهذا ما ظهرَ في اللقاءات التي عقدت في الفترة الأخيرة بين سفراء بعض الدول والرؤساء الثلاثة، الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري والحكومة حسان دياب، وبعض القادة السياسيين على رأسهم رئيس الحكومة السابق النائب سعد الحريري، إلى جانب المرجعيات الدينية. بيد أن السبب الرئيسي الذي يحول دون حصول لبنان على الدعم الدولي، كما العربي، يتمثل في غياب الثقة بالجانب اللبناني، وتحديداً حكومة دياب التي أثبتت في استحقاقاتٍ عدّة أنها ليست سوى تكملة للمنظومة السياسية نفسها التي خاضت تجارب سيئة مع الجهات الدولية المانحة.
ولم تفِ حكومات لبنان المتعاقبة بوعودها وتعهّداتها الإصلاحية، لا بل أغرقت البلاد بالديون وأرهقت الشعب بالضرائب من دون التعويض عليه بأي بديل إنمائي أو تنموي، والدلائل كثيرة أبرزها مؤتمرات باريس 1، 2، 3 التي انطلقت في 27 فبراير/شباط 2001، ومن ثم في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2002، ثم بتاريخ 25 يناير/كانون الثاني 2007. وارتكزت هذه المؤتمرات على خطة استراتيجية مبنية على برنامج إصلاحي تبيّن لاحقاً أنه يحمل عنوان الهدر والفساد والمحاصصة، قبل أن يصلَ إلى مؤتمر "سيدر" الذي انعقد في 6 إبريل/نيسان 2018 في العاصمة الفرنسية باريس، وخسر لبنان دعما يصل إلى 11 مليار دولار بسبب عدم قيام الحكومة التي كانت برئاسة سعد الحريري بالإصلاحات المطلوبة.
في المقلب الآخر، استقبل دياب السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيه، اليوم الجمعة، في السراي الحكومي، ورافقها إلى مائدة الغداء لتغادر بعدها السفيرة من دون الإدلاء بأي تصريح، بينما اكتفى المكتب الإعلامي لدياب بالإشارة إلى أن اللقاء بحث في الأوضاع العامة في لبنان والجهود التي تبذلها الحكومة والدعم الذي يمكن أن تقدّمه الولايات المتحدة لمساعدة لبنان، في حين سرّبت مصادر في السراي أن الاجتماع تطرق أيضاً إلى العلاقة بين الجانبين الأميركي واللبناني والسبل المتاحة للبنان للخروج من الأزمة الاقتصادية والنقدية الحادة، بما فيها أزمة الكهرباء والتقنين القاسي الذي أغرق البلاد في العتمة، إضافة إلى المباحثات الدائرة مع العراق لتصدير النفط إلى لبنان. كما طلب دياب مساعدة الولايات المتحدة خصوصاً في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي تعدّ أميركا الشريك الأكبر فيه.
ويعد اللقاء بين دياب وشيه الثاني من نوعه خلال يومين فقط، إذ حضرت السفيرة الأميركية أيضاً الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة مع قائد المنطقة المركزية الوسطى الجنرال كينيث ماكنزي، الذي زار لبنان ليوم واحد واجتمع بالرؤساء الثلاثة وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون، علماً أن الرئيس دياب شنّ هجوماً قوياً على السفيرة شيه من دون أن يسمّيها، عقب جولاتها السياسية ومواقفها الإعلامية، قائلاً "سكتنا كثيراً عن ممارسات دبلوماسية فيها خروقات كبيرة للأعراف الدولية والدبلوماسية، حرصاً على علاقات الأخوة والانتماء والهوية والصداقات، لكن هذا السلوك تجاوز كل مألوف بالعلاقات الأخوية أو الدبلوماسية. والأخطر من ذلك، بعض الممارسات أصبحت فاقعة في التدخل بشؤون لبنان، وحصلت اجتماعات سرية وعلنية، ورسائل بالحبر السري ورسائل بالشيفرة ورسائل بالواتساب، ومخططات، وأمر عمليات بقطع الطرقات وافتعال المشاكل".
والتقت شيه، أمس الخميس، رئيس مجلس النواب نبيه بري، وذلك في إطار اللقاءات المكثفة من الجانب الأميركي بعد حديث أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله عن انفتاح لبنان شرقاً، وخصوصاً باتجاه الدولة الإيرانية، ما استدعى ردّ وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو باعتبار أن شراء لبنان مشتقات نفطية من إيران خطوة غير مقبولة لأن هذه المنتجات مشمولة بالعقوبات، مؤكداً أن واشنطن ستعمل ما بوسعها لضمان منع حصول صفقات بيع للنفط الإيراني بما في ذلك إلى "حزب الله".
وتحاول الولايات المتحدة، التي تمارس حصاراً موسعاً على "حزب الله" بشكل تتأثر فيه الدولة اللبنانية، خصوصاً أنها ممثلة اليوم بحكومة يرعاها الحزب وحلفاؤه في "قوى الثامن من آذار"، أن تساعد لبنان من خلال الجيش اللبناني فقط، وهذا ما أكد عليه الجنرال الأميركي ماكنزي لدى زيارته لبنان، الذي يقول مصدر عسكري، لـ"العربي الجديد"، إنه كان صريحاً عند لقاء القادة السياسيين باستمرار الدعم الأميركي للمؤسسة العسكرية رغم غياب الرضا الأميركي عن سياسة حسان دياب، ولا سيما أن الأزمة المالية طاولت الجيش بعد إلغاء اللحم من وجبات العسكريين أثناء خدمتهم.