رأت دراسة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي أن الضربة الأميركية المرتقبة لسورية تحمل في طياتها طاقة كامنة لتحقيق مصالح تل أبيب في سورية، وتحسين قدرتها على مواجهة برنامج إيران النووي وتوسعها في المنطقة.
وحسب الدراسة، التي أعدها كل من مدير المركز والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، الجنرال عاموس يادلين، والجنرال أساف أريون، الذي تولى في الماضي منصب قائد لواء التخطيط الاستراتيجي في شعبة التخطيط في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، فإن التقارب الزمني بين الهجوم الذي استهدف، الأسبوع الماضي، مطار "تيفور" في محيط مدينة حمص السورية، والذي نفذته إسرائيل، والهجوم بالسلاح الكيميائي الذي نفذه نظام بشار الأسد واستهدف مدينة دوما في الغوطة الشرقية، وقرب شن الولايات المتحدة ضربة عسكرية ضد نظام الأسد، يوفر سياقاً يساعد تل أبيب على مواجهة تحديات أمنية وإقليمية واستراتيجية في ظروف مناسبة. وأشارت الدراسة، التي نشرت أمس الخميس، إلى أن التقارب الزمني بين التطورات الثلاثة يساعد إسرائيل على الربط بين مخاطر الوجود الإيراني في سورية واستخدام السلاح الكيميائي، علاوة على أنه يضفي صدقية على المطالبة بإعادة تعديل الاتفاق النووي مع طهران. وأضافت أن هذه التطورات يفترض أن تدفع تل أبيب وواشنطن إلى صياغة استراتيجية مشتركة لمواجهة التحديات.
وأشارت الدراسة إلى أن الهجوم الأميركي المرتقب على نظام الأسد يمكن أن يضمن لإسرائيل تحقيق مجموعة من الأهداف، على رأسها اصطفاف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل بهدف عدم إفساح المجال أمام روسيا لإملاء خطوطها في سورية، وعودة الولايات المتحدة للعب دور مركزي في سورية يتجاوز مهمة مواجهة تنظيم "داعش". وحسب الدراسة، فإنه بإمكان إسرائيل استغلال تداعيات الضربة الأميركية في محاولة فرض المطالبة بطرد إيران من سورية ومنعها من التمركز هناك، وتسويقه على أنه مصلحة دولية. ولفتت إلى أن حلول الضربة المتوقعة قبل اللقاء الذي سيجمع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بزعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، سيضفي مصداقية على المطالبة بإعادة النظر في الاتفاق النووي مع طهران ومواجهة التوسع الإيراني في المنطقة.
وطالبت الدراسة صناع القرار في تل أبيب بالاستعداد عسكرياً لإمكانية أن تقوم إيران بالرد على الضربة العسكرية على مطار "تيفور"، أو على الضربات التي يمكن أن توجهها الولايات المتحدة إلى سورية، مشيرة إلى أنه يتوجب أن تراعي إسرائيل الموازنة بين استخدام القوة اللازمة للمحافظة على مصالحها والحرص على تجنب تصعيد يمكن أن يفضي إلى مواجهة واسعة مع إيران والحيلولة دون احتكاك مع روسيا. وأشارت إلى أن رد طهران على مقتل القيادات العسكرية الإيرانية في الهجوم الذي استهدف مطار "تيفور" يمكن أن يتم من خلال "الوكلاء"، خصوصاً الحوثيين، الذين يمكن أن يستهدفوا، انطلاقاً من اليمن، السفن الإسرائيلية التي تتحرك في البحر الأحمر. وأضافت أنه يمكن لطهران الرد عبر لبنان، مستدركة بأن استخدام الأراضي اللبنانية يمكن أن تترتب عليه مخاطر أمنية كبيرة. ولم تستبعد الدراسة أن تقدم طهران على الانتقام من خلال استهداف مصالح يهودية وإسرائيلية في أرجاء العالم، مشيرة إلى أن الرد على قصف "تيفور" انطلاقاً من الأراضي الإيرانية احتمال غير قائم.
وحسب معدي الدراسة، فإن أهداف الضربة الأميركية المتوقعة لسورية يمكن أن تشمل معامل ومخازن السلاح الكيميائي، وقواعد ومنظومات تسليحية تابعة لسلاح الجو السوري ومنظومات دفاع جوي. وأشارا إلى أن الأهداف يمكن أن تشمل مراكز قوة من تلك التي تضمن بقاء نظام الأسد. وأوضحت الدراسة أن إسرائيل هدفت من خلال القصف الذي استهدف مطار "تيفور" الإيضاح لإيران بأنها عازمة على ضمان احترام الخط الأحمر "الرابع" الذي حددته، والذي يتمثل في منع إيران من التمركز عسكرياً في سورية، مشيرة إلى أن منظومة الطائرات المسيرة التي احتفظت بها إيران في المطار كانت تمثل تهديداً مباشراً لإسرائيل. ورأى الباحثان الإسرائيليان أن تل أبيب أرادت من خلال الغارة التي استهدفت المطار إيصال رسالة لروسيا مفادها أنها لا يمكنها التسليم بسياساتها القائمة على السماح لإيران بالعمل بحرية داخل سورية. وأوضحت أن الهجوم الأميركي المرتقب على سورية يمثل فرصة لترامب لإبداء موقف متشدد إزاء روسيا.