دخل سوق السيارات في الأردن في حالة ركود ملحوظة منذ بداية العام الجاري، وذلك مع بدء تطبيق قرار حكومي يقضي بإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية التي كانت ممنوحة للسيارات التي تعمل على البنزين والكهرباء "الهايبرد".
وتسببت حالة الركود في إلحاق خسائر فادحة بتجار السيارات دفعت بعضهم إلى التفكير في الخروج من السوق وتصفية نشاطه والبحث عن نشاط آخر يدر عليه عائدًا مقبولا.
وقال محمد عليان، صاحب وكالتي سيارات، إن أسعار المركبات ارتفعت بشكل واضح منذ بداية 2018 بسبب زيادة الجمارك والرسم الإضافي على السيارات بحسب الوزن.
وأضاف أن ذلك يؤثر في إقبال المواطنين على شراء السيارات، مشيرا إلى أن الرسم الإضافي المفروض على السيارات بحسب الوزن لا يفرق بين مركبة وأخرى رغم الاختلاف الكبير في الأسعار.
وامتدت حالة الركود للمستعمل، حيث أكد عدد من تجار السيارات في ساحة ضخمة لبيع السيارات المستعملة وسط العاصمة عمان أن الطلب على السيارات المستعملة تراجع أيضا بشكل واضح وذلك بسبب تراجع القدرات الشرائية للمواطنين.
في حين أن الطلب يتجه لشراء السيارات الموفرة للطاقة بسبب ارتفاع أسعار البنزين بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقال التاجر باسم حمد الله، لـ"العربي الجديد"، إن الطلب على كل أنواع السيارات تراجع بشكل ملحوظ منذ بداية العام الحالي، وزادت حالة التراجع منذ تطبيق قرار إلغاء الإعفاءات على سيارات الهايبرد.
وأضاف أن تجارة السيارات المستعملة انخفضت أيضا متأثرة بزيادة أسعار السيارات الجديدة حيث ارتفعت أسعار المركبات القديمة وبنسب متفاوتة.
وسجل أن التجار يمرون بضائقة مالية، ما سيدفعهم إلى تخفيض الأسعار في الوقت الذي يتوقع أن تقدم وكالات تجارية حسومات وعروضاً على بعض أنواع السيارات لتحريك السوق.
واستبعد حمد الله أن يخرج السوق من حالة الركود تلك في وقت قريب بسبب زيادة الأسعار والضرائب المفروضة على السيارات، إضافة إلى ارتفاع رسوم الترخيص والتسجيل وكذلك ارتفاع أسعار البنزين.
وعلى المستوى الحكومي، فقد رصدت أرقام شبه رسمية تراجعا في دخول السيارات الجديدة إلى البلاد، وقال مصدر جمركي لـ"العربي الجديد"، إن التخليص الجمركي على كل أنواع السيارات المستوردة تراجع بشكل كبير، ولا يتم التخليص من المناطق الحرة إلا على عدد محدود فقط من المركبات.
وأضاف أنه مما عمق ركود تجارة السيارات في البلاد هو التراجع الحاد في القدرات الشرائية للمواطنين الأردنيين وخاصة مع موجة غلاء الأسعار التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة وبلغت ذروتها العام الحالي مع تطبيق الحكومة إجراءات تقشفية شملت زيادة في أسعار بعض السلع والضرائب.
ورفعت الحكومة الشهر الماضي أسعار كل السلع بما فيها الغذائية باستثناء عدد محدود منها، ولأول مرة يتم اتخاذ قرار برفع الدعم عن الخبز وزيادة أسعاره 100% بعد أن شكل لسنوات طويلة محظورا لم يكن بالإمكان الاقتراب منه من قبل الحكومة.
وقال نيبل رمان، رئيس هيئة مستثمري المناطق الحرة، لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع أسعار السيارات وبنسبة تجاوزت 200% أدى إلى عزوف المواطنين عن شرائها، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات العامة للخزينة.
وأضاف رمان أن التجار أنهوا الإجراءات الجمركية لأعداد كبيرة من السيارات التي كانت داخل المناطق الحرة خلال الشهرين الماضيين لتفادي زيادة الأسعار، لكن المعارض مليئة اليوم بمختلف أصناف المركبات والطلب محدود جدا.
وعن أكثر السيارات التي كانت أكثر رواجا في السوق المحلي، قال إنها الهايبرد، وخاصة سيارات تويوتا اليابانية والفورد الأميركية إضافة إلى المرسيدس الألمانية والسيارات الكورية بشكل عام.
واتجه الطلب في آخر 5 سنوات إلى السيارات الموفرة للطاقة أي التي تعمل على الكهرباء والبنزين معا.
وقال إن الحكومة بدات اعتبارا من بداية يناير/ كانون الثاني 2018 برفع قيمة الرسوم الجمركية على مختلف أنواع السيارات باستثناء سيارات الهايبرد التي دخلت المناطق الحرة في 2017، حيث تم منح التجار مهلة شهر واحد فقط للتخليص عليها وإدخالها إلى السوق.
وقدّر رئيس هيئة مستثمري المناطق الحرة ارتفاع أسعارالرسوم والضرائب على السيارات بنسبة بلغت نحو 220% تشمل زيادة الرسوم الجمركية والضريبة النوعية التي شملت كافة المركبات.
وقال إن استثمارات التجار في القطاع تبلغ حوالي 2.5 مليار دولار سنويا، لكن هذا المبلغ سيتراجع كثيرا العام الحالي بسبب انخفاض الطلب وتراجع مبيعات السيارات محليا وانخفاض عمليات التصدير إلى الأسواق المجاورة خاصة للعراق وسورية.
وأشار رمان في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، إلى أنه تم التخليص الجمركي على حوالي 72 ألف مركبة للسوق المحلي وللتصدير في 2017، منها 31 ألف مركبة تعمل على البنزين والكهرباء معا و6 آلاف تعمل على الكهرباء فقط.
وقال إن العائد على الخزينة من تجارة المركبات بلغ نحو 560 مليون دولار في 2017، تشمل الرسوم الجمركية والتسجيل والترخيص، لكن تراجع الطلب سيؤدي إلى تضاؤل الإيرادات الحكومية من هذا القطاع.
وأكد أن تجار السيارات بدأوا يتكبدون خسائر كبيرة نتيجة رفع الجمارك على مركبات الهايبرد، والتي انتشرت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية.