وضجّت المدينة حين أوقفت أجهزة الأمن البريطانية وحيد أحمد، لحظة وصوله إلى مطار برمنغهام، في 15 أبريل/نيسان، بعد اعتقاله في تركيا، بينما كان يحاول الدخول إلى سورية. وأُلقي القبض على وحيد، وهو نجل عضو المجلس البلدي لروتشديل عن حزب "العمال"، شاكيل أحمد، من قبل شرطة مكافحة الإرهاب مع مجموعة من تسعة بريطانيين، بينهم خمسة بالغين وسيدتان، وأربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين العام و11 عاماً. وينتمي جميع الموقوفين إلى مدينة روتشديل في مقاطعة مانشستر الكبرى.
وفي تعليقه على اعتقال نجله، قال أحمد "لقد صُدمت. ابني مسلم جيد وولاؤه لبريطانيا، ويدرس للحصول على شهادة البكالوريوس في السياسة وعلم الاجتماع من جامعة مانشستر، وأمامه مستقبل واعد. لذلك أنا لا أفهم لماذا كان هناك". وأضاف "لو فكرت للحظة واحدة أنه كان عرضة للسقوط في خطر التطرف، لأبلغت عنه للسلطات المختصة".
ولم تكن "خلية" وحيد أحمد، أولى الخلايا المتحدرة من روتشديل، فقد كانت المدينة موطن رانجزيب أحمد، أرفع مسؤول من تنظيم "القاعدة"، ويخضع للمحاكمة بموجب قانون مكافحة الإرهاب البريطاني، بعد اعتقاله في العام 2007 لحظة وصوله إلى مطار هيثرو على متن طائرة آتية من باكستان.
في تعليق على اعتقال المجموعة، حذر عضو "مجلس مساجد روتشديل"، الإمام عرفان شيشتي، من "تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي يتمدد بسرعة في المجتمع المسلم". وعبّر شيشتي، الذي عمل ضمن برنامج حكومي لمكافحة التطرف، عن قلقه الشديد "من إمكانية سقوط الشباب في روتشديل في براثن التطرف على يد متشددين".
كما خصص الإمام خطبة الجمعة لتحريض الجالية ضد التطرف، وحثهم على مقاومة إغراءات "داعش"، وقال إن "لا أحد في مأمن من داعش، لا في المنازل فحسب، بل أيضاً في شبكة الإنترنت والهواتف النقالة". وأضاف "داعش ليس إسلامياً، وعلينا نشر هذه الرسالة بذكاء لمواجهة دعاية التنظيم".
اقرأ أيضاً بريطانيا: سيناريوهات ما بعد الانتخابات
أما الإمام في مسجد بلال في روتشديل، محمد مشتاق، فقال "نحاول من خلال توعية الأهل بحماية الشباب الذين يتم إعدادهم والتأثير عليهم من داعش، ويجب إبقاء أعيننا مفتوحة ودعم بعضنا البعض، ونكون جميعاً في حالة تأهب".
وسبق لروتشديل أن عرفت فضيحة جنسية كبيرة في العام 2012، وصفتها وسائل الإعلام بـ "الأكبر والأبشع في تاريخ البلاد". وفي تفاصيل القضية أن شبكة رجال غرروا بخمس من فتيات قاصرات، وقاموا باستغلالهن في شبكة "دعارة"، بعد توريطهن في الإدمان على الكحول والمخدرات.
وشملت قائمة الجرائم التي عُرضت حينها أمام المحكمة "الاغتصاب وتهريب الفتيات لممارسة الجنس، والتآمر على الانخراط في النشاط الجنسي مع قاصرات". وعلمت المحكمة أن هذه الجرائم، بدأت في العام 2008، في مطعمين للوجبات السريعة يملكها المتهمون، الذين تراوحت أعمارهم بين 24 و59 عاماً. وسمعت محكمة ليفربول أن الرجال المتهمين كانوا يقدمون الخمور والمخدرات للضحايا، حتى يتمكنوا من السيطرة عليهن واغتصابهن.
وأثارت القضية التي شهدت فصولها اعتقال واتهام تسعة رجال، ثمانية من باكستان وواحد من أفغانستان، موجة غضب واستنكار، وصلت إلى حدّ مهاجمة مطاعم الوجبات الجاهزة، التي قيل إن العصابة استخدمتها للايقاع بالفتيات. كما قادت الجماعات اليمينية المتطرفة، تظاهرات عنصرية خارج المحكمة، للتحريض على الأجانب والمسلمين.
ويقول أعضاء الجالية المسلمة إنهم "يواجهون عنصرية غير مسبوقة وغير مقبولة، منذ اعتقال الرجال في فضيحة استغلال الفتيات في المدينة. ويشير قادة الجالية إلى أن "التركيز المفرط على أصول ودين مرتكبي الجرائم الجنسية، أدى إلى توجيه الاتهامات العنصرية إلى كامل أفراد الجالية، وبات الخوف من الإسلام الآن "قاعدة مقبولة"، لا سيما بعد أن سعى بعض السياسيين وبعض وسائل الإعلام للمساواة بين "فضيحة الاستغلال الجنسي" والمجتمع المسلم، وبأنهم وجهان لعملة واحدة.
اقرأ أيضاً: أكثر 10 مدن بريطانية أمناً للطلاب