مع استمرار جولات مفاوضات إيران النووية مع السداسية الدولية، لازال الوفد الإيراني المفاوض ينتظر تحقيق انفراجة كبيرة على طاولة الحوار التي يبدو أن خلافاتها الأساسية لازالت عالقة بالفعل وفق التصريحات الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين والغربيين أيضاً.
اعتمدت إيران طيلة سنوات الحوار السابقة، على توازن بين القوى المعنية، أيّ أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من المعسكر الغربي من جهة، والصين وروسيا من المعسكر الشرقي من جهة ثانية.
بكين وموسكو وطهران شركاء من الدرجة الأولى، فميزان التبادل الاقتصادي والتجاري بينهما مع إيران يصل لمليارات الدولارات، وفي السياسة تتقاطع هذه البلدان على الرغم من البراغماتية التي تميّز كل واحدة منها على حدة، ولعل الموقف المشترك مما يجري في سورية منذ ثلاث سنوات والداعم للرئيس السوري بشار الأسد من أبرز محاور التقاطع.
ولكن مع هذا، تدرك طهران أنّ العلاقة مع هذين الطرفين تحمل في طياتها توجهات وفق المصالح، فلو كانت بالفعل علاقات استراتيجية لساهمت كل من الصين وروسيا بتسهيل جر من تبقى من بلدان السداسية الدولية نحو توقيع اتفاق شامل مع إيران ورفع العقوبات عنها، ولكنهما صوتا في مجلس الأمن سابقاً على قرارات العقوبات الدولية بحق طهران.
ونقل موقع "صراط نيوز" الإيراني أخيراً، عن مستشار الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات، علي يونسي، قوله إنّه غير متفائل بالتوصل لنتيجة مرضية في محادثات بلاده مع دول (5+1)، مشيراً إلى أن الطرف الإيراني وحتى الأميركي لديهما الرغبة بالتوصل لاتفاق، غير أنّ بعض المتشددين من داخل البلدين لا يريدان الأمر، وهم بالفعل يصرحون علناً عن هذه الرغبة.
يونسي، الذي كان وزيراً للاستخبارات في عهد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، قال أيضاً إنّ بعض الأطراف الصديقة لا تريد التوصل لاتفاق نووي مع إيران، في إشارة منه إلى روسيا والصين، ليكون صريحاً للغاية في هذا الصدد.
لا يمكن القول إنّ يونسي يمثل جزءاً أساسياً من دائرة أصحاب القرار السياسي في إيران، وليس قريباً من المفاوضين النوويين أيضاً، ولكن وجهة النظر هذه إنّ صحت تستحق التوقف عندها. فلمَ لا تساهم الصديقتين الاستراتيجيتين لطهران برفع الحمل الحالي عنها؟
إذا كانت الولايات المتحدة هي "الشيطان الأكبر" بالنسبة لإيران، فإنّ روسيا هي عدو تاريخي ينظر إليه إيرانيّاً على مدى العقود الماضية على أنه "الطرف الانتهازي". لا ينسى الإيرانيون حتى اليوم أن الجارة الروسية كانت سبباً في اقتطاع عدد كبير من الأراضي الإيرانية الممتدة شمالاً وضمها إلى روسيا بدايات القرن التاسع عشر وفق معاهدتين جائريتن كما يصفها المؤرخون الإيرانيون. هذه المناطق أصبحت اليوم جزءاً من جمهوريات صغيرة كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي يوماَ، فضلاً عن الكثير من "المؤامرات" التي أدخلت الحكومات الإيرانية السابقة في صراع دائم.
وخلال السنوات الماضية أخلت روسيا باتفاقها مع إيران فلم تسلمها منظومة صواريخ "أس 300"، وهو ما انتقده الطرف الإيراني علناً. وخلال جولة المحادثات السادسة في فيينا التي انعقدت في يوليو/تموز الماضي لم يحضر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الاجتماع الذي كان على مستوى وزراء الخارجية، كما لم يحضر نظيره الصيني وانغ يي.
نقلت وكالة "اسوشيتد برس" في ذاك الوقت أن السبب يعود لإدراك هذين الطرفين أن هذه المحادثات لن تصل إلى نتيجة حاسمة، على الرغم من أنه كان من المفترض أن تكون تلك الجولة هي الأخيرة بين إيران والدول الست، وبالفعل تم التمديد خلالها لاتفاق جنيف لأربعة أشهر جديدة، يستمر التفاوض خلالها حتى توقيع اتفاق نهائي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أو نسف كل تلك الجهود.
وقال الطرف الروسي حينها إنّ سبب عدم حضور لافروف يعود لضرورة تواجده في أميركا اللاتينية للمشاركة في قمة اقتصادية هناك، بينما رأى البعض الآخر أن السبب الحقيقي يعود لانتقادات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، آنذاك، التي اتهم فيها روسيا باتخاذ وجهة نظر مغايرة للغرب، فيما يخص برنامج إيران النووي، وهو ما لا يساعد في إنهاء هذا الملف.
وكان الكرملين قد تحدث في وقت سابق عن اختلاف حقيقي في وجهات النظر هذه.
ولكن هذا الخلاف من المفترض أن يجر بالضرورة لوقوف كامل مع إيران، لأنه بالنسبة لبعض المراقبين في الساحة الإيرانية فإن العلاقة بين واشنطن وموسكو علاقة تنافسية تتوتر في كثير من الأحيان، أمّا العلاقة بين واشنطن وطهران فعدائية بالكامل منذ عقود، وأيّ اتفاق إيراني أميركي يعني إيقاف الدور الروسي الذي لطالما لعب على أوتار هذا العداء.
روسيا تقف مع إيران كجزء من صراعها مع الولايات المتحدة، فهي مع إيران إقليمياً ودولياً، والاتفاق يعني تقارباً مع الولايات المتحدة وتعزيز دور هذه الأخيرة في المنطقة التي تقف إيران لها فيها بالمرصاد حالياً، وهو الهاجس الأساس الذي لا يجعل روسيا تصر على تحقيق اتفاق نووي.
أمّا العملاق الصيني، فهو عملاق اقتصادي بالدرجة الأولى، ويتحول مع الوقت لقوة عالمية بارزة، وصحيح أنّ إلغاء العقوبات على السوق الإيرانية ستكون من مصلحة الصين كما يقول البعض، إلاّ أنّ هذه العقوبات ذاتها هي التي أغلقت إيران أمام الأسواق الأميركية والأوروبية، وفتحت المجال بالتالي أمام الصين وحدها، للاستثمار في النفط والغاز والسلع والمشاريع وغيره، لتنفرد بالسوق الإيرانية بكين ومعها موسكو أيضاً المسؤولة عن كل المشاريع النووية الإيرانية والتي تشترك معها أيضاً باتفاقيات عسكرية كثيرة.
وعلى الرغم من أن طهران تدرك هذه المعادلة، ولكن في حال التوصل لاتفاق، سيكون الوضع أفضل لها، كون البلاد ستفتح أمام السوق العالمية، وستحاول طهران تحقيق خطاب الاعتدال والانفتاح في سياستها الخارجية الذي يتحدث عنه الرئيس الإيراني حسن روحاني منذ تسلمه الرئاسة قبل أكثر من عام.
اعتمدت إيران طيلة سنوات الحوار السابقة، على توازن بين القوى المعنية، أيّ أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من المعسكر الغربي من جهة، والصين وروسيا من المعسكر الشرقي من جهة ثانية.
بكين وموسكو وطهران شركاء من الدرجة الأولى، فميزان التبادل الاقتصادي والتجاري بينهما مع إيران يصل لمليارات الدولارات، وفي السياسة تتقاطع هذه البلدان على الرغم من البراغماتية التي تميّز كل واحدة منها على حدة، ولعل الموقف المشترك مما يجري في سورية منذ ثلاث سنوات والداعم للرئيس السوري بشار الأسد من أبرز محاور التقاطع.
ونقل موقع "صراط نيوز" الإيراني أخيراً، عن مستشار الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات، علي يونسي، قوله إنّه غير متفائل بالتوصل لنتيجة مرضية في محادثات بلاده مع دول (5+1)، مشيراً إلى أن الطرف الإيراني وحتى الأميركي لديهما الرغبة بالتوصل لاتفاق، غير أنّ بعض المتشددين من داخل البلدين لا يريدان الأمر، وهم بالفعل يصرحون علناً عن هذه الرغبة.
يونسي، الذي كان وزيراً للاستخبارات في عهد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، قال أيضاً إنّ بعض الأطراف الصديقة لا تريد التوصل لاتفاق نووي مع إيران، في إشارة منه إلى روسيا والصين، ليكون صريحاً للغاية في هذا الصدد.
لا يمكن القول إنّ يونسي يمثل جزءاً أساسياً من دائرة أصحاب القرار السياسي في إيران، وليس قريباً من المفاوضين النوويين أيضاً، ولكن وجهة النظر هذه إنّ صحت تستحق التوقف عندها. فلمَ لا تساهم الصديقتين الاستراتيجيتين لطهران برفع الحمل الحالي عنها؟
إذا كانت الولايات المتحدة هي "الشيطان الأكبر" بالنسبة لإيران، فإنّ روسيا هي عدو تاريخي ينظر إليه إيرانيّاً على مدى العقود الماضية على أنه "الطرف الانتهازي". لا ينسى الإيرانيون حتى اليوم أن الجارة الروسية كانت سبباً في اقتطاع عدد كبير من الأراضي الإيرانية الممتدة شمالاً وضمها إلى روسيا بدايات القرن التاسع عشر وفق معاهدتين جائريتن كما يصفها المؤرخون الإيرانيون. هذه المناطق أصبحت اليوم جزءاً من جمهوريات صغيرة كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي يوماَ، فضلاً عن الكثير من "المؤامرات" التي أدخلت الحكومات الإيرانية السابقة في صراع دائم.
وخلال السنوات الماضية أخلت روسيا باتفاقها مع إيران فلم تسلمها منظومة صواريخ "أس 300"، وهو ما انتقده الطرف الإيراني علناً. وخلال جولة المحادثات السادسة في فيينا التي انعقدت في يوليو/تموز الماضي لم يحضر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الاجتماع الذي كان على مستوى وزراء الخارجية، كما لم يحضر نظيره الصيني وانغ يي.
نقلت وكالة "اسوشيتد برس" في ذاك الوقت أن السبب يعود لإدراك هذين الطرفين أن هذه المحادثات لن تصل إلى نتيجة حاسمة، على الرغم من أنه كان من المفترض أن تكون تلك الجولة هي الأخيرة بين إيران والدول الست، وبالفعل تم التمديد خلالها لاتفاق جنيف لأربعة أشهر جديدة، يستمر التفاوض خلالها حتى توقيع اتفاق نهائي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أو نسف كل تلك الجهود.
وقال الطرف الروسي حينها إنّ سبب عدم حضور لافروف يعود لضرورة تواجده في أميركا اللاتينية للمشاركة في قمة اقتصادية هناك، بينما رأى البعض الآخر أن السبب الحقيقي يعود لانتقادات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، آنذاك، التي اتهم فيها روسيا باتخاذ وجهة نظر مغايرة للغرب، فيما يخص برنامج إيران النووي، وهو ما لا يساعد في إنهاء هذا الملف.
وكان الكرملين قد تحدث في وقت سابق عن اختلاف حقيقي في وجهات النظر هذه.
روسيا تقف مع إيران كجزء من صراعها مع الولايات المتحدة، فهي مع إيران إقليمياً ودولياً، والاتفاق يعني تقارباً مع الولايات المتحدة وتعزيز دور هذه الأخيرة في المنطقة التي تقف إيران لها فيها بالمرصاد حالياً، وهو الهاجس الأساس الذي لا يجعل روسيا تصر على تحقيق اتفاق نووي.
أمّا العملاق الصيني، فهو عملاق اقتصادي بالدرجة الأولى، ويتحول مع الوقت لقوة عالمية بارزة، وصحيح أنّ إلغاء العقوبات على السوق الإيرانية ستكون من مصلحة الصين كما يقول البعض، إلاّ أنّ هذه العقوبات ذاتها هي التي أغلقت إيران أمام الأسواق الأميركية والأوروبية، وفتحت المجال بالتالي أمام الصين وحدها، للاستثمار في النفط والغاز والسلع والمشاريع وغيره، لتنفرد بالسوق الإيرانية بكين ومعها موسكو أيضاً المسؤولة عن كل المشاريع النووية الإيرانية والتي تشترك معها أيضاً باتفاقيات عسكرية كثيرة.
وعلى الرغم من أن طهران تدرك هذه المعادلة، ولكن في حال التوصل لاتفاق، سيكون الوضع أفضل لها، كون البلاد ستفتح أمام السوق العالمية، وستحاول طهران تحقيق خطاب الاعتدال والانفتاح في سياستها الخارجية الذي يتحدث عنه الرئيس الإيراني حسن روحاني منذ تسلمه الرئاسة قبل أكثر من عام.