وصل الخلط حدّ منع القطري من مؤازرة فريق دولته(Getty)
خلط السياسة بالرياضة ليس بجديد، لكنه في فصله العربي الأخير، في بطولة كأس آسيا لكرة القدم في الإمارات، ذهب بفجوره بعيداً، آخذاً معه البُعد الإعلامي والثقافي والاجتماعي. ولعلّ الأخير هو الأخطر على مستقبل عالم عربي تعيش بلاده حالة منهكة من التفكك. في أوروبا، ينمو التعصّب القومي بوضوح، فيما ذهب ويذهب شعبويو القارة في المنحى ذاته. ولم يسلم من ذلك لاعبو فرنسا وألمانيا، مثلما حصل في مونديال روسيا 2018، باستعادة تصريحات السياسي الفرنسي اليساري جورج فريتش، عام 2006 عن "السود المجنسين"، فضلاً عن قائمة طويلة من الساسة المتطرفين. ورغم ذلك، فالفرق واضح بين الحالتين العربية والأوروبية. ففي الأخيرة ثمّة تصدّ سياسي وإعلامي وشعبي للظاهرة. لكن في مقابل ذلك، من المؤسف عربياً، وخصوصاً خليجياً، وصول الخلط حدّ منع القطري وجمهور رياضي محلي من مؤازرة فريق دولة عربية "شقيقة"، بتهمة "إبداء التعاطف". هذا فيما الأبواب تفتح لرياضيين وجمهور وسياسيين صهاينة، ليعزفوا نشيد قتل فلسطين في مدن عربية وخليجية. وتلك ليست المفارقة الوحيدة في الأجواء التي يسممها العنصريون والشعبويون، متجاوزين أحياناً تعبيرات الفاشية الأوروبية الجديدة.
البعض الخليجي، وغيره، المحاط بمستشاري المناكفة والمراهقة، ليس من مصلحته إطلاقاً فتح سجال التجنيس، ولا شرعنة فرز وتصنيف الناس بحسب اللون والأصل. فإذا كان المولود والمقيم العربي، مثلاً في فرنسا وألمانيا والسويد، يستطيع حمل الجنسية، ليصبح لاعباً أو سياسياً، فإنّ تقليد سياسيين و"مستشارين" عرباً لوضاعة العقل العنصري الغربي، أبداً ليس في مصلحة المستقبل العربي، لا الفردي ولا المشترك.
كان الأجدى، وبدل الغرق السياسي في تطبيع الفجور، فتح نقاش استراتيجي وثقافي واجتماعي، عن مساوئ سياسة الطرد، عوض مناقشة تجنيس شباب وُلدوا وأقاموا في مجتمعات عربية، وكذلك مناقشة أسباب منع نشوء مجتمعات يحترم فيها التنوع والحقوق ويتم فيها إعلاء قيمة الإنسان، بعيداً عن نشر ثقافة استعباد البشر والسخرية من أصولهم... والدعوة والتهديد بعقاب جماعي بـ"الطرد". مع اليقين بأنّ متطرفي الغرب يخجلون أن يصفوا الناس بـ"عبيد".