بعد منتصف الليل، حين ينام الجميع، تقف زهرة الضامن، التي فقدت بصرها في عمر مبكر، أمام معدات النحت الموضوعة في غرفتها. تغرق أناملها في عالم الطين، لتصنع منحوتات تنبض بالحياة. تفضل سماع الموسيقى أثناء العمل. وحين تكون شقيقتها صفا (26 عاماً) التي تشاطرها الغرفة مستيقظة، تقرأ لها بعض الأشياء المسلية والأكثر تداولاً على موقع "تويتر".
الضامن اليوم في الثالثة والعشرين من عمرها. تحب الفن والحياة، طموحة. هي أيضاً طالبة جامعية متفوقة. أرادت التخصّص في الإعلام السياسي، فانتسبت إلى جامعة الملك سعود في العاصمة الرياض.
أثناء فترة الدراسة، تقيم الضامن في الرياض في شقة تابعة لسكن طالبات الجامعة، برفقة أربع زميلات. غالباً ما يكنّ منهمكات في الدراسة أو إعداد الطعام أو ترتيب الملابس. أحياناً، يتركن جميع المهام، يستلقين على فراشهن ويستمعن إلى الموسيقى. تقول لـ "العربي الجديد" إنها تمضي أوقات فراغها في القراءة. تحب الروايات لأنها تعطيها قدرة على تخيل الأشياء والأشخاص، "ما يساعدني أثناء النحت".
تخشى الضامن، التي عادة ما تمضي إجازاتها بين مدينتها القطيف والرياض، حمل منحوتاتها معها، وخصوصاً أنها تتنقل بالقطار. خلال رحلاتها، تقرأ الروايات، لتعود إلى النحت حين تصل إلى المنزل. مثلت السعودية أخيراً في "النور ــ الرؤية الهشة"، وهو مشروع تعاون متعدد الثقافات بين المملكة المتحدة والمؤسسات الفنية المنفتحة على ثقافة وتنوع الأشخاص المعوقين، والذي عقد أخيراً في الرياض. تضمن معارض فنية، وعرض رسوم متحركة وأفلام رقمية.
أشرف على البرنامج المجلس الثقافي البريطاني، بالتعاون مع الخبيرة البريطانية ريتشل جادسدن، بالإضافة إلى فنانين من المملكة المتحدة والشرق الأوسط. يهدف إلى تغيير النظرة الاجتماعية المتعلقة بالأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة.
لا تذكر الضامن إلا القليل من لعبها التي ما زالت تحتفظ بها، بالإضافة إلى الرسوم المتحركة التي كانت تشاهدها، وإن بصعوبة، عبر شاشة التلفزيون في منزلهم. لطالما أحبت الرسم. رسمت بيوتاً وحدائق. أحياناً فتاة تحمل كتاباً بين يديها. إلا أن فقدانها بصرها بعد إصابتها بالمياه الزرقاء، جعلها تختار النحت.
حين كانت في التاسعة من عمرها، التحقت الضامن بالمدرسة الابتدائية التي تعتمد مبدأ الدمج. منذ ذلك الوقت، تعلمت لغة برايل ولغة اليدين. مع الوقت، ألفت أناملها عجينة الصلصال والسيراميك والطين. عن تلك الفترة، تقول: "كانت المعلمة تدربنا على صناعة بعض المجسمات الطبيعية للفواكه والأواني والأدوات الخاصة بصناعة القهوة وغيرها". أشكال لم تكن تعبر عنها. خارج الصف، تحمل العجينة بين يديها لتصنع منها أشكالاً جديدة، لا تشبه القوالب الجاهزة.
صارت الضامن تتحسّس وجوه عرائسها، أو تمرر أناملها على وجهها، لتحفظ شكل أنفها وفمها وعينيها. أحياناً تستعين بوصف الآخرين، قبل أن تبدأ في صنع تماثيل صغيرة بحجم أصبع اليد، فيها كثير من الملامح المتخيلة. غالباً ما تهديها لصديقاتها في المدرسة، اللواتي كن يسعدن بها ويتنافسن للحصول عليها.
تحلم الضامن، وهي الابنة ما قبل الأخيرة لأسرة مكونة من ثمانية أبناء، أن تصبح يوماً ما نحاتة مشهورة. أكثر من ذلك، تريد أن تقول إن "لا شيء يمكن أن يمنع المرء من تحقيق أحلامه". تحلم أيضاً أن تعمل مذيعة، بخاصة في الإعلام المسموع، لأنها تحب التواصل مع الناس من خلال صوتها.
في السياق، تقول معلمتها ابتهال الجوفي: "في المرحلة الابتدائية، تعلمت الضامن مبادئ التشكيل بالطين. تعرفت على أنواعه وأساليب التشكيل، منها: التشكيل بالحبال، والشرائح، والحذف والإضافة. لم تكن تكتفي بالعمل المفروض عليها في المدرسة، بل غالباً ما كانت تقوم بتشكيلات إضافية لا يظهر فيها أي شكل من أشكال الاعتماد على الآخر". تضيف: "بعد تمكنها من أساليب التشكيل وطرق معالجة الطين، رشحتها، علماً أنها كانت لا تزال في الصف الثالث الابتدائي، لتقديم عمل لمشروع الموهوبات الذي ترعاه التربية الخاصة".
بعد إتمامها المرحلة الابتدائية، واظبت على العمل بمساعدة معلمتها، قبل أن تصبح في عهدة مركز المكفوفين بالقطيف. تقول مدربة النحت في المركز عبير البشراوي إن "الضامن كانت تبدو سعيدة أثناء النحت، الفن الذي يعبر عنها. تصنع الأشكال بسلاسة. بدا أنها معتادة على نحت المجسمات الصغيرة. لكن التشجيع دفعها لبناء مجسمات بأحجام كبيرة صارت تعبر من خلالها عن أحلامها، على غرار العروس في ثوبها الأبيض. كانت تمسك الطين وكأنها تراه".
الضامن اليوم في الثالثة والعشرين من عمرها. تحب الفن والحياة، طموحة. هي أيضاً طالبة جامعية متفوقة. أرادت التخصّص في الإعلام السياسي، فانتسبت إلى جامعة الملك سعود في العاصمة الرياض.
أثناء فترة الدراسة، تقيم الضامن في الرياض في شقة تابعة لسكن طالبات الجامعة، برفقة أربع زميلات. غالباً ما يكنّ منهمكات في الدراسة أو إعداد الطعام أو ترتيب الملابس. أحياناً، يتركن جميع المهام، يستلقين على فراشهن ويستمعن إلى الموسيقى. تقول لـ "العربي الجديد" إنها تمضي أوقات فراغها في القراءة. تحب الروايات لأنها تعطيها قدرة على تخيل الأشياء والأشخاص، "ما يساعدني أثناء النحت".
تخشى الضامن، التي عادة ما تمضي إجازاتها بين مدينتها القطيف والرياض، حمل منحوتاتها معها، وخصوصاً أنها تتنقل بالقطار. خلال رحلاتها، تقرأ الروايات، لتعود إلى النحت حين تصل إلى المنزل. مثلت السعودية أخيراً في "النور ــ الرؤية الهشة"، وهو مشروع تعاون متعدد الثقافات بين المملكة المتحدة والمؤسسات الفنية المنفتحة على ثقافة وتنوع الأشخاص المعوقين، والذي عقد أخيراً في الرياض. تضمن معارض فنية، وعرض رسوم متحركة وأفلام رقمية.
أشرف على البرنامج المجلس الثقافي البريطاني، بالتعاون مع الخبيرة البريطانية ريتشل جادسدن، بالإضافة إلى فنانين من المملكة المتحدة والشرق الأوسط. يهدف إلى تغيير النظرة الاجتماعية المتعلقة بالأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة.
لا تذكر الضامن إلا القليل من لعبها التي ما زالت تحتفظ بها، بالإضافة إلى الرسوم المتحركة التي كانت تشاهدها، وإن بصعوبة، عبر شاشة التلفزيون في منزلهم. لطالما أحبت الرسم. رسمت بيوتاً وحدائق. أحياناً فتاة تحمل كتاباً بين يديها. إلا أن فقدانها بصرها بعد إصابتها بالمياه الزرقاء، جعلها تختار النحت.
حين كانت في التاسعة من عمرها، التحقت الضامن بالمدرسة الابتدائية التي تعتمد مبدأ الدمج. منذ ذلك الوقت، تعلمت لغة برايل ولغة اليدين. مع الوقت، ألفت أناملها عجينة الصلصال والسيراميك والطين. عن تلك الفترة، تقول: "كانت المعلمة تدربنا على صناعة بعض المجسمات الطبيعية للفواكه والأواني والأدوات الخاصة بصناعة القهوة وغيرها". أشكال لم تكن تعبر عنها. خارج الصف، تحمل العجينة بين يديها لتصنع منها أشكالاً جديدة، لا تشبه القوالب الجاهزة.
صارت الضامن تتحسّس وجوه عرائسها، أو تمرر أناملها على وجهها، لتحفظ شكل أنفها وفمها وعينيها. أحياناً تستعين بوصف الآخرين، قبل أن تبدأ في صنع تماثيل صغيرة بحجم أصبع اليد، فيها كثير من الملامح المتخيلة. غالباً ما تهديها لصديقاتها في المدرسة، اللواتي كن يسعدن بها ويتنافسن للحصول عليها.
تحلم الضامن، وهي الابنة ما قبل الأخيرة لأسرة مكونة من ثمانية أبناء، أن تصبح يوماً ما نحاتة مشهورة. أكثر من ذلك، تريد أن تقول إن "لا شيء يمكن أن يمنع المرء من تحقيق أحلامه". تحلم أيضاً أن تعمل مذيعة، بخاصة في الإعلام المسموع، لأنها تحب التواصل مع الناس من خلال صوتها.
في السياق، تقول معلمتها ابتهال الجوفي: "في المرحلة الابتدائية، تعلمت الضامن مبادئ التشكيل بالطين. تعرفت على أنواعه وأساليب التشكيل، منها: التشكيل بالحبال، والشرائح، والحذف والإضافة. لم تكن تكتفي بالعمل المفروض عليها في المدرسة، بل غالباً ما كانت تقوم بتشكيلات إضافية لا يظهر فيها أي شكل من أشكال الاعتماد على الآخر". تضيف: "بعد تمكنها من أساليب التشكيل وطرق معالجة الطين، رشحتها، علماً أنها كانت لا تزال في الصف الثالث الابتدائي، لتقديم عمل لمشروع الموهوبات الذي ترعاه التربية الخاصة".
بعد إتمامها المرحلة الابتدائية، واظبت على العمل بمساعدة معلمتها، قبل أن تصبح في عهدة مركز المكفوفين بالقطيف. تقول مدربة النحت في المركز عبير البشراوي إن "الضامن كانت تبدو سعيدة أثناء النحت، الفن الذي يعبر عنها. تصنع الأشكال بسلاسة. بدا أنها معتادة على نحت المجسمات الصغيرة. لكن التشجيع دفعها لبناء مجسمات بأحجام كبيرة صارت تعبر من خلالها عن أحلامها، على غرار العروس في ثوبها الأبيض. كانت تمسك الطين وكأنها تراه".