تصاعدت المخاوف من تفاقم ركود السياحة المصرية في ظل قرار الحكومة زيادة رسوم تأشيرات دخول البلاد وزيارة المناطق الأثرية، مما سيزيد التكلفة على شركات السفر والطيران، ويكبّدها خسائر باهظة، كما قد يعرقل حالة التعافي الجزئي، التي بدأت تظهر على القطاع خلال الأشهر الأخيرة.
وقال مسؤول سياحي بارز لـ"العربي الجديد"، طلب عدم الكشف عن هويته، إن "الحكومة رفضت طلب الاتحاد المصري للغرف السياحية إلغاء زيادة رسوم تأشيرة الدخول للسياح الوافدين لمصر المقرر أن تبدأ من يوليو/تموز المقبل".
وحسب المسؤول فإن "الحكومة تتوقع إيرادات تتراوح بين 180 إلى 200 مليون دولار خلال النصف الثاني من العام الجاري، جراء فرض رسوم تأشيرة الدخول للسياح الأجانب لمصر بدءا من يوليو/تموز المقبل".
وكانت الحكومة المصرية قد أصدرت قرارا في الأسبوع الأخير من فبراير/شباط الماضي بزيادة رسوم تأشيرة دخول البلاد من 25 دولاراً إلى 60 دولاراً بداية من مارس/آذار الجاري إلا أن الحكومة تراجعت وأجلت القرار إلى بداية يوليو/تموز المقبل تحت ضغط شركات السياحة والسفر وأصحاب الفنادق والمنتجعات السياحية.
وأوضح المسؤول أن تونس والأردن واليونان والمغرب ستكون منافساً قويّاً في ظل رفع مصر رسوم التأشيرة بنسبة 140% مرة واحدة، وهو الأمر الذي سيضيع حجوزات تتراوح بين 10% إلى 15% ، خاصة من دول وسط أوروبا وألمانيا خلال النصف الثاني من العام الجاري.
وقال إن "الحكومة أخبرت وزارة السياحة بأنها أجلت تطبيق الزيادة في الرسوم حتى يوليو/تموز، حتى يتم إعلام شركات السياحة الأجنبية بتلك الزيادة".
وأوضح المسؤول أن الزيادة في رسوم التأشيرة سترفع الأعباء على الشركة الأجنبية المنظمة للرحلة سعة 200 راكب من 5 آلاف إلى 12 ألف دولار.
وتلقت الفنادق والشركات المشاركة في بورصة برلين السياحية استفسارات حول زيادة الرسوم الخاصة بالتأشيرة، بدءا من يوليو/تموز المقبل، إلى جانب زيادة رسوم الدخول إلى المزارات الأثرية بدءا من أكتوبر/تشرين الأول العام الجاري.
وتبرر الحكومة قرار زيادة الرسوم بعمليات التطوير التي تجرى في البنية التحتية في المطارات المصرية، سواء في مطارات القاهرة أو شرم الشيخ أو الغردقة أو برج العرب أو الأقصر وغيرها، فضلا عن شراء أجهزة مراقبة وتفتيش للحقائب في ظل مراجعة إجراءات الأمن بالمطارات المصرية.
وبلغت تكلفة المرحلة الثانية من مراجعة إجراءات الأمن بالمطارات المصرية نحو 60 مليون دولار، وفقاً للمسؤول.
وكان وزير الطيران المدني، شريف فتحي، قد ذكر أن تكلفة مراجعة المرحلة الاولى من إجراءات الأمن بالمطارات المصرية بلغت 42 مليون دولار.
وقال رئيس شركة بلوسكاي للسياحة، وكيل شركة توماس كوك في مصر، حسام الشاعر، لـ"العربي الجديد" إن "الرسوم ستؤثر سلبا على التدفقات الوافدة لمصر خلال النصف الثاني من العام الجاري جراء زيادة التكلفة، التي سيتحملها منظمو الرحلات الأجانب.
وأضاف أن "الشركات الكبرى تتعاقد مع الأفراد على قضاء العطلات بفترات كبيرة، ولم تضع في حسابها الزيادة في رسوم التأشيرات".
وحسب الشاعر فإن القطاع السياحي في مصر يعاني من خسائر كبيرة خلال السنوات الست الماضية، جراء الانحسار في حركة السفر الوافدة لمصر مما يتطلب التأني في زيادة رسوم التأشيرة، خاصة وأن تونس ودبي سمحتا للسياح الروس بدخول أراضيها دون تأشيرة دخول أو رسوم وذلك خلال الشهرين الماضيين.
وأوضح أنه رغم الارتفاع في تكلفة التشغيل للفنادق خلال العام الأخير، جراء رفع أسعار الطاقة والمواد الغذائية، إلا أن العديد من الفنادق غير قادرة على رفع أسعار الإقامة جراء الظروف التي يمر بها القطاع السياحي المصري.
وتراجعت الأعداد السياحية الوافدة لمصر خلال العام الماضي إلى 5.3 ملايين سائح في 2016 مقابل 9.3 ملايين سائح خلال 2015 جراء توقف الرحلات الوافدة من روسيا، لكل المناطق السياحية بمصر منذ سقوط الطائرة "مترو جت" في شبه جزيرة سيناء نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2015، كما أوقف بريطانيا رحلاتها لمنطقة شرم الشيخ.
وتمثل السياحة الروسية والبريطانية نحو 45% من التدفقات السياحية الوافدة لمصر سنويا، في حين تمثل السياحة العربية أقل من 14%.
وتعتزم وزارة الآثار زيادة رسوم الدخول إلى المناطق الأثرية بدءاً من أكتوبر/تشرين الأول المقبل بنسب تتراوح بين 50 إلى 60%.
وقال عضو غرفة شركات ووكالات السياحة، ثروت العجمي، لـ"العربي الجديد" إن "رفع الرسوم الخاصة بزيارة الآثار سيدفع العديد من السياح إلى الإحجام عن زيارة المعابد، مما يضيع على العاملين بالسياحة فرصا للحصول على دخل إضافي".
وأوضح منشور أرسلته غرفة شركات السياحة لأعضائها أن وزارة الآثار قررت رفع زيارة رسوم دخول الهرم الأكبر، على سبيل المثال، من 200 إلى 300 جنيه (الدولار = 17.75 جنيهاً) للأجنبي، والهرم الثاني والثالث من 40 إلى 60 جنيهاً.
وذكر عضو غرفة الشركات في الأقصر وأسوان، سمير إسحاق، لـ"العربي الجديد"، أن العديد من الفنادق أغلقت أبوابها بمنطقة الهرم ولم يتبقّ سوى نحو 30 فندقا من إجمالي أكثر من 300 فندق، تبلغ طاقتها الاستيعابية نحو 21 ألف غرفة.
وقال عامل بأحد فنادق شرم الشيخ (شمال شرق)، محمد حسن، لـ"العربي الجديد"، إن "العاملين في القطاع يأملون زيادة رواتبهم مع تحسن التدفقات حال عودة السياحة الروسية والبريطانية للمنطقة وزيادة الرسوم ستحد من الزيادات في الأجور خاصة في ظل تراجع الحجوزات المتوقع".