أقدم وزير الداخلية الإسرائيلي السابق، القيادي البارز في حزب الليكود جدعون ساعر، على مغامرة كبيرة عندما تحدى، مساء أمس السبت، رئيس الحزب والحكومة بنيامين نتنياهو بدعوته إلى إجراء انتخابات تمهيدية واختيار زعيم جديد لقيادة الحزب.
وبرر ساعر دعوته بالقول إن نتنياهو لم يعد بإمكانه تشكيل حكومة في أعقاب توجيه المستتشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت لوائح الاتهام ضده، إلى جانب تشديده على أن اختيار زعيم جديد لليكود سيساعد الحزب على تشكيل حكومة جديدة في غضون الواحد والعشرين يوماً التي حددها القانون، وتجنيب إسرائيل تنظيم انتخابات ثالثة في غضون أقل من عام.
ولم يكتف ساعر بهذا الإعلان، بل توجه إلى رئيس اللجنة التنفيذية للحزب، وزير الخارجية يسرائيل كاتس، طالباً منه تنظيم انتخابات تمهيدية سريعة لاختيار بديلاً لنتنياهو.
وتنطوي خطوة ساعر على مغامرة كبيرة، لأن القاعدة الحزبية لليكود أبدت حتى الآن دعماً كبيراً وغير متحفظ لنتنياهو، ورأت في تحقيق الشرطة والنيابة معه مجرد محاولة للقيام بانقلاب لوضع حدّ لحكم اليمين بزعامة الليكود.
لكن نجاح مغامرة ساعر يتوقف على الموقف القانوني الذي يمكن أن يعلنه مندلبليت بشأن أهلية نتنياهو لتشكيل حكومة في أعقاب لوائح الاتهام الخطيرة التي وجهت له.
وكشفت قناة التلفزة الإسرائيلية "12" قبل يومين النقاب عن أن رئيس "الدولة" روفي ريفلين توجه بالفعل إلى مندلبليت، وطلب منه رأياً قانونياً حول أهلية نتنياهو لتشكيل حكومة.
وفي حال إصدار مندلبليت قراراً يحظر على نتنياهو بموجبه تشكيل حكومة، سيضفي هذا القرار شرعية على طلب ساعر إجراء انتخابات تمهيدية لاختيار بديل لنتنياهو، الذي لن يكون بوسعه تشكيل حكومة.
في الوقت ذاته، إن مصير الكتلة المانعة التي شكلتها الأحزاب اليمينية والدينية سيؤثر كثيراً بفرص ساعر في النجاح. فهذه الكتلة أحبطت جميع جهود بني غانز، زعيم تحالف "أزرق أبيض" المعارض والمنافس لنتنياهو في تشكيل حكومة، لأنه من دون دعم هذه الأحزاب أو بعضها، لن يتمكن من تشكيل حكومة.
وإذا سحبت هذه الأحزاب دعمها لنتنياهو، فإن هذا سيعزز المسوغات التي يستند إليها ساعر في مطالبته اختيار بديل لنتنياهو.
في الوقت ذاته، إن موقف أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "يسرائيل بيتنا" اليميني، الذي يعارض تشكيل حكومة يمينية بزعامة نتنياهو، سيكون حازماً. ففي حال خروج نتنياهو من المشهد السياسي، فإن ساعر، المعروف بعلاقته الشخصية الوثيقة مع ليبرمان، سيحاول إقناعه بالانضمام إلى حكومة يشارك فيها الليكود والأحزاب الدينية وحزب يمينا، إذ إن هذه الحكومة تحظى بأغلبية مطلقة في البرلمان.
لكن المشكلة تكمن في أن ليبرمان يضع شروطاً للمشاركة في أية حكومة تشارك فيها الأحزاب الدينية الحريدية، ولا سيما حزبا "شاس" و"يهدوت هتوراة"، ويصر على تمرير قوانين تعزز الطابع "العلماني" لإسرائيل، فضلاً عن مطالبته بربط الامتيازات التي يحصل عليها التيار الديني الحريدي بخدمة أتباعه في الجيش، وهو ما ترفضه هذه الأحزاب بشدة.
وحتى في حال إجراء انتخابات تمهيدية لاختيار زعيم جديد للحزب، فهذا لا يعني أن فرصة ساعر ستكون محسومة، على اعتبار أن قطاعات واسعة من جمهور الحزب، المؤيدة لنتنياهو، يمكن أن تعاقبه بعدم التصويت له، فضلاً عن أن هناك قيادات داخل الحزب تحظى بتأثير كبير وترى أنها الأولى في خلافة نتنياهو.