أقحم رجل الأعمال القبطي، نجيب ساويرس، أقباط مصر في تجاذبات الانتخابات الأميركية، بما من شأنه إلحاق الضرر بقضاياهم، حيث أطلق تصريحات استفزازية في واشنطن حاول بها استمالة أنصار إسرائيل في تيار المتشددين الجمهوريين وبقايا المحافظين الجدد، لكنه في الوقت ذاته حمّل الحزب الديمقراطي والمرشحة هيلاري كلينتون المسؤولية عن كل كوارث المنطقة العربية، متخذا من هذه التهمة مدخلا لإعلان دعم المرشح الجمهوري المعادي للأقليات، دونالد ترامب.
جاءت تصريحات ساويرس على هامش مشاركته في مؤتمر بواشنطن عن أوضاع الأقباط في مصر، اتهم فيه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة والرئيسة الأميركية المحتملة مستقبلا هيلاري كلينتون بأنها دعمت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، قائلا إن ذلك الدعم دفعه إلى الوقوف إلى جانب ترامب.
وأثناء المؤتمر الذي عقدت الجلسة الأولى منه في إحدى قاعات الكونغرس الأميركي، أظهر نجيب ساويرس تناقضا فيما طرحه، فبعد أن حمّل إدارة أوباما الحالية والحزب الديمقراطي المسؤولية الكاملة عن الكوارث التي حلت بالمنطقة، وانتقد الدعم الأميركي المفترض للإخوان المسلمين، ما لبث أن عاد وبرّأ الولايات المتحدة ومعها إسرائيل من أي كارثة تمر بها المنطقة، قائلا إن العرب مسؤولون عن كوارثهم بأنفسهم، وأن المصريين بصورة خاصة يتحملون المسؤولية عن ما حلّ ببلادهم.
وربط ساويرس بين انتماء أوباما وكلينتون للحزب الديمقراطي وبين "ما وصلت إليه الأمور في الشرق الأوسط"، قائلا إنه لهذا السبب قرر دعم المرشح الجمهوري دونالد ترامب. غير أن ساويرس بدا حريصا على وصف دعمه لترامب بأنه قرار شخصي، ولا يمثل موقفا جمعيا لأقباط مصر، حيث قال: "أنا شخصياً" لا يمكننى أن أغفر لأوباما وكلينتون والحزب الديمقراطي ما فعلاه بمنطقتنا.
وفي محاولة أخرى لاستقطاب إعجاب التيار اليميني الجمهوري، امتنع ساويرس عن الاعتراف بأي فضل لإدارة أوباما في إنقاذ بعض أتباع الطائفة الإيزيدية في العراق من مذابح كان تنظيم الدولة الإسلامية عازما على إلحاقها بهم، وقال: "لقد شاهدنا المئات من النساء الإيزيديات يتعرضن للاغتصاب، كما كان الإيزيديون، رجالا وأطفالا، يقتلون بدم بارد، ولم يتدخل أوباما".
وحذّر مراقبون من أن مثل هذه التصريحات والمواقف تحمل في طياتها مخاطرة بمصالح الأقليات في العالم العربي، سواء كان الفائز بالرئاسة الأميركية ترامب أو كلينتون.
ومرد هذا الامتعاض، على ما يبدو، عائد إلى أن استمالة معسكر ترامب لا تجدي، كونه أصبح معروفا بسجله المخيف في معاداة الأقليات. أما استعداء معسكر كلينتون فلن يعود بالفائدة على الأقباط بأي حال من الأحوال، إن لم يلحق الضرر بقضاياهم، خصوصا أن نفوذ الحزب الديمقراطي في الخارجية الأميركية سيظل عميقا، حتى لو خسر الديمقراطيون البيت الأبيض.
وجدير بالإشارة، أن مستشار شؤون أقليات الشرق الأوسط في الخارجية الأميركية، أنوكس تامز، حضر جانبا من المؤتمر، وهو السابع من نوعه، وتقيمه منظمة التضامن القبطى بالولايات المتحدة التي يرأسها حاليا الناشط القبطي مجدي خليل. وقال مدعوون إلى المؤتمر لـ"العربي الجديد"، إن مشاركة نجيب ساويرس تأتي للمرة الأولى. كما حضر المؤتمر مستشار الكونغرس الأميركي لشؤون الأقليات، وليد فارس، وهو أميركي من أصل لبناني، إلى جانب ممثلين عن لجنة الحريات الدينية الأميركية، وأيضاً عدد من الشخصيات المنتمية لأطياف سياسية فكرية ومتعددة، مع وجود أغلبية ملحوظة للتيار المحافظ في المؤتمر، خصوصا بين الباحثين القادمين من معهد هادسون، ومعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.
ومن المفترض أن يناقش المؤتمر، اليوم وغدا، أوضاع الأقباط فى مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011. وكان اللافت أن المؤتمر لم يحظ بتغطية ناجعة في الإعلام الأميركي، لكن الصحافة المصرية وقنوات التلفزيون في مصر، أبدت اهتماما كبيرا ببعض مجريات المؤتمر.