استمر القصف من بعد ظهر يوم 24 مايو/ أيار حتى ما بعد منتصف الليل، وخلّف 11 قتيلاً في الحولة، وعشرات الجرحى، الذين قتل بعض منهم في وقت لاحق وقليل منهم نجا.
يقول محمد: "بدا الوضع غير اعتيادي وبدأ الأهالي بالخروج من منازلهم إلى المزارع المحيطة، وفي ساعات الصباح الأولى ومع بزوغ الشمس، قابلتنا أرتال من جنود النظام وقوات الأمن، ترافقهم مجموعات طائفية من أهالي القرى المحيطة، التي انتسب معظم أبنائها إلى مليشيا الشبيحة".
ويستطرد: "واجهونا بإطلاق الرصاص العشوائي، قتل وجرح العشرات وانتشرت المليشيات بين المنازل، كان إطلاق الرصاص مستمراً، وقد لا تمضي دقيقة بدون سماع رشات متتابعة، وبالتزامن مع ذلك كانت المدينة مطوقة، لجأ المدنيون إلى المنازل، وباتوا يتنظرون الموت مع باقي أفراد أسرهم".
ورغم أن نداءات الاستغاثة كانت تسمع من كل مكان، كما يروي محمد، لكن كان لكل عائلة ما يكفيها من "الشبيحة"، وكان كل شخص يحاول أن يفدي باقي أفراد أسرته، خاصة الأطفال والرضع، لكن الشبيحة كانوا لا يفرقون بين صغير وكبير، حتى بلغ عدد القتلى من الأطفال، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 39 طفلاً دون العاشرة، إضافة إلى 32 امرأة.
يقول محمد: "رأيت بين عناصر الشبيحة نساء ورجالاً، كانوا يحملون سكاكين كبيرة وينحرون الناس نحراً، ومن حاول الهرب تلذذوا بإفراغ مخازن أسلحتهم في جسده، وسمعتهم يطلبون ذبح الصغير قبل الكبير، (حتى لا يبقى أحد من نسلنا النجس)".
"رأيتهم بأم عيني يقطعون أيادي النساء لسرقة المصاغ والذهب، وسحلوا جثث المتظاهرين بالسيارات في شوارع المدينة أمام مرأى الآخرين، ودعسوا عليها بالدبابات، وكانوا يصرخون: (هذا مصيركم يا أنجاس)".
ويتابع قائلاً: "لم أكن أظن أنني سأنجو، لقد كنت أنتظر الموت في كل دقيقة، لم يبق أحد من عائلتي إلا أنا وجدتي التي كانت في غرفة وحيدة قرب بيتنا، طعنت عدة طعنات بحراب البنادق، وقتل والدي ووالدتي واثنان من إخوتي أمامي، كانوا يتلذذون بطعننا بالحراب، لم يكونوا يطلقون النار داخل المنازل إلا نادراً".
يروي محمد كيف نجا من موت طاول معظم الآخرين الذين أصيبوا مثله. يقول: "تظاهرت بالموت عدّة ساعات، فكتبت لي النجاة، قصتي نادرة لأن معظم من أصيبوا ماتوا، لقد تم تهشيم جثثهم بحراب البنادق، والسكاكين الكبيرة، وبعد ساعات من عمليات التصفية، سرق الشبيحة ما استطاعوا ثم غادروا المدينة".
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد تم توثيق مقتل 107 أشخاص في مجزرة الحولة بالاسم الثلاثي، وأشارت إلى أن هناك قتلى لم تتمكن من الوصول إلى بياناتهم، إذ بحسب التقديرات بلغ عدد القتلى 117.
تزامنت المجزرة التي ارتكبها أهالي قريتي فلة والقبو، بحسب الشبكة، مع وجود المراقبين الدوليين في سورية، وتم تأجيل دفن الضحايا حتى يوثّقها المراقبون، لكن ذلك كان دون جدوى.
لم تكن هذه المجزرة هي الأولى في تاريخ الثورة السورية، فقد سبقتها مجازر في حي بابا عمرو الحمصي، كما أعقبتها مجازر أخرى بالأسلوب ذاته، لا سيما في حيي كرم الزيتون وعشيرة في حمص، والقبير في ريف حماة الجنوبي، وكلها بقيت دون محاسبة.