يعدّ المهاجرون من عرب وأفارقة من بين أكثر الشرائح تأثراً بالأزمة الاقتصادية في فرنسا. يعاني هؤلاء بسبب ارتفاع معدّلات البطالة أو التمييز في العمل. لكن يبقى هناك شرائح أخرى أكثر اكتواءً بالأزمة، وهم المهاجرون غير الشرعيين أو الذين لا يحصلون على أي مساعدة اجتماعية، من بينهم الباعة المتنقلون الذين يبيعون بضائع غير مرخصة.
على مقربة من محطات مترو "باريس" أو "بورت دو مونروي" أو مدينة أوبيرفيليي وغيرها، تجد العديد من العرب والمهاجرين. وإذا ما تأكدوا أنك لست من عناصر الشرطة السرّية، قد يسألونك عن سجائر. يلجأ عدد كبير من المدخنين إلى هذه المناطق وغيرها لشراء سجائر رخيصة، إذ تباع العلبة الواحدة بنحو 4 يورو، في حين يصل سعرها في الأماكن المرخصة إلى 7 يورو.
في المقابل، لا تبالغ الدولة في قمع هؤلاء. وما إن يرى الباعة رجال الشرطة يقتربون من المنطقة، حتى يختفون بسرعة، ليعودوا بعدما يغادروا. في هذا السياق، التقت "العربي الجديد" عدداً من الباعة الذين يرفضون التصوير خشية احتمال استغلال هذه الصور من قبل الشرطة. حتى إن السياح لا يستطيعون الاحتفاظ بصورهم، إذا ما التقطت في هذا المكان.
معظم هؤلاء الباعة جزائريون علماً أن السلع جزائرية. ونادراً ما يُظهرها الباعة إلا إذا تأكدوا من رغبة الزبون في الشراء. وحين تظهر لهم المال، يقدمون لك البضاعة. وهناك العشرات بل المئات من الباعة الذين ينتشرون في الأحياء والشوارع المؤدية إلى المترو.
وصل أحمد، وهو جزائري، إلى فرنسا قبل ثلاث سنوات. يقول: "لا أملك أوراق إقامة وأنتظر جهود إحدى الجمعيات الإنسانية لتسوية وضعي. لا أملك عملاً شرعياً، لذلك وجدت نفسي مضطراً إلى العمل هنا". يضيف: "أعرف أن الخطر عليّ مضاعف. لكن حتى الآن، لم أعان من مشاكل جدية".
أما مالك، وهو جزائري يقيم في فرنسا بصفة قانونية، فيلفت إلى أنه يستطيع بسهولة تأمين نحو 1600 دولار شهرياً "وهذا مبلغ جيد وخصوصاً أنني لم أعثر على عمل قانوني. كذلك، لا تكفيني المساعدات الاجتماعية". وغالباً ما يعرض عليك البائع السجائر ومادة "الشمّة" الجزائرية.
من جهتهم، يقول عدد من المدخنين إن السعر هو الذي يُحدّد الشراء وليس الجودة. ويعرف المشترون جيداً تحذيرات السلطات الفرنسية، وخصوصاً في ما يتعلق بجهل محتويات هذه السجائر. إلا أن البائعين يدافعون عن بضاعتهم بالقول: "لو كنتَ مسافراً في الطائرة أو في مطار الجزائر، ألا يحقّ لك أن تشتري سجائر جزائرية من دون أن توقفك الجمارك الفرنسية؟".
لا يكترث المستهلكون لصحتهم، وخصوصاً المدمنين أو العاطلين عن العمل وغيرهم. في السياق، يقول عبد المالك، وهو مغربي، ولا يتجاوز دخله الـ 500 دولار شهرياً، إنه حين يجوع يلجأ إلى القمامة. "لا يهمني إن كان الأمر سيئاً. أنا أجوع، والأمر نفسه ينطبق على السجائر".
لا يقتصر الأمر على السجائر الجزائرية، بل هناك أنواع أخرى تصل من أوروبا الشرقية. لكن المهاجرين العرب والمتحدرين من بلدان عربية يحرصون على ارتياد الأماكن التي يتواجد فيها باعة عرب. وعادةً ما لا يسمح هؤلاء لأي بائع غريب بعرض سلعه في أماكن نفوذهم. في هذا السياق، يقول الأحمدي، وهو مغربي يقيم في أحد أحياء باريس منذ بدايات سبعينيات القرن الماضي، أن "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، لافتاً إلى أن "هناك مافيا تسيّر الأمر".
من جهته، يوضح الأحمدي أن المشترين "يلجأون إلى نُزُل المهاجرين المنتشرة في باريس وضواحيها، والتي يعرض فيها الباعة المواد الغذائية والكتب والعطور الحلال، بالإضافة إلى السجائر السنغالية". يضيف أن "هذه السجائر أسوأ من السجائر الجزائرية، لكن للضرورة أحكامها". هذا ما أكده كثير من المدخنين العرب الذين سألناهم عن الفارق بين المصدرين الجزائري والسنغالي.
وعلى الرغم من أن السلطات الفرنسيّة تحظر هذه التجارة، إلا أنها مزدهرة منذ سنوات عدة. يوضح أحد أعضاء نقابة القوى العمالية في الشرطة الفرنسية، لـ "العربي الجديد"، أن "أكثر ما تخشاه السلطات الفرنسية هو تجارة المخدرات". يضيف: "أحياناً، تتغاضى السلطات عن الأمر منعاً للاحتقان الشعبي. كذلك، واهمٌ من يتصور أن السلطات الفرنسية لا تعرف مروّجي هذه التجارة"، مضيفاً أنه حين "يشعر الباعة الذي يعملون ضمن القانون بتأثر مبيعاتهم، إن بسبب الإعلانات الرسمية المحذرة من مخاطر التدخين أو الزيادة المتكررة لثمن السجائر، يعلمون أن الحكومة ستضرب بيد من حديد هؤلاء الباعة المتنقلين".
اقرأ أيضاً: قلق في أحياء باريس العربيّة
على مقربة من محطات مترو "باريس" أو "بورت دو مونروي" أو مدينة أوبيرفيليي وغيرها، تجد العديد من العرب والمهاجرين. وإذا ما تأكدوا أنك لست من عناصر الشرطة السرّية، قد يسألونك عن سجائر. يلجأ عدد كبير من المدخنين إلى هذه المناطق وغيرها لشراء سجائر رخيصة، إذ تباع العلبة الواحدة بنحو 4 يورو، في حين يصل سعرها في الأماكن المرخصة إلى 7 يورو.
في المقابل، لا تبالغ الدولة في قمع هؤلاء. وما إن يرى الباعة رجال الشرطة يقتربون من المنطقة، حتى يختفون بسرعة، ليعودوا بعدما يغادروا. في هذا السياق، التقت "العربي الجديد" عدداً من الباعة الذين يرفضون التصوير خشية احتمال استغلال هذه الصور من قبل الشرطة. حتى إن السياح لا يستطيعون الاحتفاظ بصورهم، إذا ما التقطت في هذا المكان.
معظم هؤلاء الباعة جزائريون علماً أن السلع جزائرية. ونادراً ما يُظهرها الباعة إلا إذا تأكدوا من رغبة الزبون في الشراء. وحين تظهر لهم المال، يقدمون لك البضاعة. وهناك العشرات بل المئات من الباعة الذين ينتشرون في الأحياء والشوارع المؤدية إلى المترو.
وصل أحمد، وهو جزائري، إلى فرنسا قبل ثلاث سنوات. يقول: "لا أملك أوراق إقامة وأنتظر جهود إحدى الجمعيات الإنسانية لتسوية وضعي. لا أملك عملاً شرعياً، لذلك وجدت نفسي مضطراً إلى العمل هنا". يضيف: "أعرف أن الخطر عليّ مضاعف. لكن حتى الآن، لم أعان من مشاكل جدية".
أما مالك، وهو جزائري يقيم في فرنسا بصفة قانونية، فيلفت إلى أنه يستطيع بسهولة تأمين نحو 1600 دولار شهرياً "وهذا مبلغ جيد وخصوصاً أنني لم أعثر على عمل قانوني. كذلك، لا تكفيني المساعدات الاجتماعية". وغالباً ما يعرض عليك البائع السجائر ومادة "الشمّة" الجزائرية.
من جهتهم، يقول عدد من المدخنين إن السعر هو الذي يُحدّد الشراء وليس الجودة. ويعرف المشترون جيداً تحذيرات السلطات الفرنسية، وخصوصاً في ما يتعلق بجهل محتويات هذه السجائر. إلا أن البائعين يدافعون عن بضاعتهم بالقول: "لو كنتَ مسافراً في الطائرة أو في مطار الجزائر، ألا يحقّ لك أن تشتري سجائر جزائرية من دون أن توقفك الجمارك الفرنسية؟".
لا يكترث المستهلكون لصحتهم، وخصوصاً المدمنين أو العاطلين عن العمل وغيرهم. في السياق، يقول عبد المالك، وهو مغربي، ولا يتجاوز دخله الـ 500 دولار شهرياً، إنه حين يجوع يلجأ إلى القمامة. "لا يهمني إن كان الأمر سيئاً. أنا أجوع، والأمر نفسه ينطبق على السجائر".
لا يقتصر الأمر على السجائر الجزائرية، بل هناك أنواع أخرى تصل من أوروبا الشرقية. لكن المهاجرين العرب والمتحدرين من بلدان عربية يحرصون على ارتياد الأماكن التي يتواجد فيها باعة عرب. وعادةً ما لا يسمح هؤلاء لأي بائع غريب بعرض سلعه في أماكن نفوذهم. في هذا السياق، يقول الأحمدي، وهو مغربي يقيم في أحد أحياء باريس منذ بدايات سبعينيات القرن الماضي، أن "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، لافتاً إلى أن "هناك مافيا تسيّر الأمر".
من جهته، يوضح الأحمدي أن المشترين "يلجأون إلى نُزُل المهاجرين المنتشرة في باريس وضواحيها، والتي يعرض فيها الباعة المواد الغذائية والكتب والعطور الحلال، بالإضافة إلى السجائر السنغالية". يضيف أن "هذه السجائر أسوأ من السجائر الجزائرية، لكن للضرورة أحكامها". هذا ما أكده كثير من المدخنين العرب الذين سألناهم عن الفارق بين المصدرين الجزائري والسنغالي.
وعلى الرغم من أن السلطات الفرنسيّة تحظر هذه التجارة، إلا أنها مزدهرة منذ سنوات عدة. يوضح أحد أعضاء نقابة القوى العمالية في الشرطة الفرنسية، لـ "العربي الجديد"، أن "أكثر ما تخشاه السلطات الفرنسية هو تجارة المخدرات". يضيف: "أحياناً، تتغاضى السلطات عن الأمر منعاً للاحتقان الشعبي. كذلك، واهمٌ من يتصور أن السلطات الفرنسية لا تعرف مروّجي هذه التجارة"، مضيفاً أنه حين "يشعر الباعة الذي يعملون ضمن القانون بتأثر مبيعاتهم، إن بسبب الإعلانات الرسمية المحذرة من مخاطر التدخين أو الزيادة المتكررة لثمن السجائر، يعلمون أن الحكومة ستضرب بيد من حديد هؤلاء الباعة المتنقلين".
اقرأ أيضاً: قلق في أحياء باريس العربيّة