اقرأ أيضاً: عراقيل متعددة المصادر تؤخر هدنة اليمن
وتقول الإحصائيات غير الرسمية إن ثلاث غارات على الأقل استهدفت مقر اللواء مغرب الثلاثاء، ما أدى إلى سقوط نحو 40 قتيلاً على الأقل وأضعافهم من الجرحى، واستهدفت إحدى الغارات مقر القيادة، وأخرى مخازن التسليح وثالثة إحدى الكتائب. وفيما تقول بعض التبريرات إن القصف عن طريق الخطأ، إذ أشار مصدر مسؤول في المنطقة العسكرية الأولى في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن قيادة التحالف أفادتهم بأن الغارات استهدفت مقر اللواء 23 ميكا عن طريق الخطأ، إلا أن المعطيات تضعف من هذا التبرير. يقع المعسكر في منطقة صحراوية لا توجد فيها مواجهات قريبة، ولم يكن الموقع مجهولاً، بل هو من أشهر المواقع لقربه من الحدود السعودية، ودوره في التدريب والإمدادات ووجود الموالين للحكومة. وذهبت العديد من الروايات الأولية بعد الحادثة إلى اعتبار أن القصف جاء بناء على معلومات عن وجود عسكريين من الموالين للحوثي وصالح قد يساهمون بتسليم المعسكر لقوات موالية لصالح مع أنباء عن تقدمها باتجاه المنطقة. كما أشارت مصادر لـ"العربي الجديد" إلى أن كتيبة تابعة للحرس جمهوري تمردت وكانت في طريقها نحو منفذ الوديعة، للسيطرة عليه ودخولها في مواجهات مع قوة موالية للشرعية، لذلك سرعان ما نفذت مقاتلات التحالف غارات استهدفت اللواء.
تبدو رواية وجود عسكريين من الموالين للحوثي وصالح غير مستبعدة إلى حد ما، بالنظر إلى مواقف أغلب المعسكرات الأخرى التي تخلت عن "الشرعية" وتزامن الغارات مع محاولات الانقلابيين التقدم من جهة شبوة. ومع ذلك، فإن هناك ما يقلل من هذا التفسير، وهو أن من بين القتلى موالين للشرعية، أحدهم ضابط معروف وهو العميد أحمد أبارة الذي قُتل مع العديد من الجنود التابعين له.
ومن بين التفسيرات التي تناقلها اليمنيون على نطاق واسع في المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، أن الغارات تمت بالفعل عن طريق الخطأ، ولكن بوشاية من بعض القيادات المحسوبة على الشرعية، ضمن موجة خلافات بدأت تظهر من خلال انتقادات محسوبين على بعض الأطراف ضد أخرى، يتم فيها تقاذف الاتهامات بعرقلة الحسم. وأبرز ما في السياق، بعض الانتقادات الموجهة للرئيس عبد ربه منصور هادي ومحسوبين عليه تأخذ في بعض الأحيان تفسيراً مناطقياً شمال/جنوب.
أياً تكن الأسباب والملابسات فإن الحادث على قدر من الأهمية، ومن المتوقع أن تكون له آثار على مستوى الأطراف المؤيدة للشرعية وعلاقتها بالعسكريين المؤيدين لها وحتى على درجة الثقة بالتحالف، ما لم يتم تقديم تفسير مقبول لما يجري.
وجاء الحادث ضمن سلسلة ضربات خاطئة خلال أيام، بدأت باستهداف سوق عام في منطقة "عاهم" بمحافظة حجة، قتل فيها نحو 40 شخصاً، وذكرت العديد من المصادر أن أغلبهم من المدنيين. وفي محافظة لحج قتل يوم الإثنين الماضي أيضاً نحو 42 مدنياً وجرح آخرون إثر غارات جوية استهدفت سوقاً لـ"الماشية" في منطقة "الفيوش". وفي محافظة عمران، باليوم نفسه، قُتل نحو 35 شخصاً وجرح عشرات آخرون، جراء غارة للتحالف استهدفت سوقاً في منطقة "جوب". وفي محافظة لحج أيضاً سقط الثلاثاء نحو عشرة قتلى وأصيب آخرون جراء استهداف مسجد في منطقة "الوهط". وتباينت الأنباء بين من ذكر أن المسجد استهدف بغارة ومن قال إنه قُصف من بارجة حربية للتحالف. وحسب مصادر الحوثيين وأخرى مقربة من الحراك الجنوبي، فإن القتلى من المدنيين.
تمثل هذه المجموعة من الضربات التي لا تزال تفاصيلها غير واضحة، أكبر مجموعة أخطاء خلال أيام، وقد جاءت بالتزامن مع تكثيف التحالف ضرباته بشكل عام، قُبيل هدنة مرتقبة ، بعد تأكيد الأطراف وجود تقدم بالمفاوضات حولها، برعاية المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وقد تطرقت منظمات حقوقية إلى الإصابات في صفوف المدنيين جراء غارات التحالف. وذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها قبل أيام أنّها "حققت في تفاصيل ثماني ضربات جوية في أنحاء مختلفة من اليمن لا سيما الضربات الجوية المتعددة التي طاولت العاصمة صنعاء يومي 12 و13 يونيو/ حزيران وتعز في 16 يونيو/حزيران. وفي المحصلة، تسببت الضربات الثماني بمقتل 54 مدنياً (27 طفلاً و16 امرأة و11 رجلاً) بمن في ذلك مولود لم يتجاوز عمره يوما واحدا، لم يكن والداه قد منحاه اسماً، وجرْح 55 آخرين (19 طفلاً و19 امرأة و17 رجلاً)". وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن "ثمة سمة مشتركة تجمع بين مواقع هذه الضربات، ألا وهي قربها الشديد الذي يتراوح بين بضع مئات من الأمتار إلى بضعة كيلومترات من القواعد وغير ذلك من الأهداف العسكرية التابعة للقوات الموالية لجماعة الحوثي أو الرئيس السابق صالح، وهي مواقع تكرر استهدافها بضربات قوات التحالف الجوية".
اقرأ أيضاً: في ذكرى7 يوليو... اليمن بين حربين