قرر شباب سعوديون أمس الأربعاء، إطلاق حملة تهدف إلى تفقد منازل الفقراء في الأحياء الشعبية، للوقوف على مدى مراعاتها لقواعد السلامة المنزلية بعدما شبّ حريق منتصف ليل البارحة في شقة ببيت شعبي في المنطقة الشرقية من السعودية أودى بحياة أسرة بكاملها.
فقد قضت أسرة اختناقاً بدخان الحريق الذي نشب في إحدى غرف المنزل، ولم ينج من الحادث سوى الأب الثلاثيني أحمد السليم الذي أصيب بحروق بسيطة، فيما توفيت زوجته زينب جمعة العلوي(25 عاماً)، وأطفالها الثلاثة ضوى (7أعوام)، جاسم(عامان) وآية (عام واحد).
من جهته، أكد المتحدث الرسمي للدفاع المدني بالمنطقة الشرقية العقيد منصور الدوسري في تصريح إعلامي، أن حادث الحريق وقع في غرفة لا تتجاوز مساحتها 3×4 أمتار في منزل شعبي مساحته 100 متر مربع، مكون من طابقين وسطحه مسقوف بالصفائح المعدنية في قرية الجفر بمحافظة الاحساء.
ورفع أهالي القرية للملك سلمان خطاب تظلم عبروا من خلاله عن حزنهم على ما ألم بالأسرة المنكوبة، منتقدين آلية عمل الدفاع المدني وفرق الإسعاف، ووصفوها بالعمل غير الاحترافي والذي يفتقد في بعض جوانبه للحرص والاهتمام، لافتين إلى وجود أحياء وقرى في المحافظة لا تستطيع فرق الدفاع المدني الوصول إليها بسبب ضيق طرقاتها وممراتها.
وقال عضو الحملة الصحافي زكريا العباد إن "هذا الحادث لو كان في مجتمع آخر لحرك ضمير المجتمع ولانطلقت مبادرات اجتماعية تطوعية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً".
وأضاف في حديثه لـ"العربي الجديد"، بأن"هؤلاء الفقراء هم أقل الناس وعياً بأساليب السلامة، وحتى لو أدرك هذا المسكين أن في منزله نقاط خطر قد يتقاعس عن إزالتها بسبب تردي وضعه المادي، فهو قد لا يمتلك قيمة مكيف جديد أو حتى قيمة فيش كهربائي جديد، فلماذا لا نساعدهم لكي يحافظوا على حياتهم وحياة أطفالهم؟".
وتابع "لو قامت الجمعيات الخيرية في المنطقة باستئجار كهربائي يطوف على منازل الفقراء شهرياً، للتأكد من نقاط الخطر ومعالجتها لما فقدنا هذه الأسرة وغيرها بسبب مثل هذه الحوادث المتكررة، فمتى سنستبدل أساليب عملنا الاجتماعي والتطوعي؟".
من ناحيته، قال الدكتور عبدالله الراشد أن "بيت الضحايا كما يبدو هو بيت شعبي ولدينا مثله الكثير في قرانا ومدننا بالإحساء والقطيف المحتوية على بيوت صفيح وشعبية متهالكة وقابلة لأية كارثة من قبيل الحرائق والأمطار والرياح وغيرها، وكلنا يتذكر تكرار حوادث هنا وهناك سببها هذا الوضع المؤسف لهذه المسماة مجازاً مساكن"، وطالب بإيجاد حلول عملية لحماية سكان هذه المنازل الشعبية من الأخطار المحدقة بهم.
وأكد عقيل البوصالح أن البيوت الشعبية بحاجة لوقفة جادة. واعتبر صالح عساكر بأن الوقاية بالفعل خير من العلاج، لافتاً إلى ما تشكله الممرات الضيقة للأحياء الشعبية من عراقيل تقف في وجه محاولات الإنقاذ. وقال:" شهدت في إحدى المرات نشوب حريق في منزل في حي شعبي وقد وصل رجال الإطفاء في الوقت المناسب، إلا أن دخول سياراتهم عبر الدروب الضيقة استحال إلى مشكلة كبيرة، ما دفعهم لتوصيل خراطيم المياه ببعضها البعض، وأثناء ذلك كانت النيران قد التهمت المنزل".
واقترحت الأخصائية الاجتماعية نورة الحمودي التخطيط بشكل مبدئي لسيارات الخدمة مثل الدفاع المدني والإسعاف، بحيث يكون لها مداخل مناسبة للحي يمكن أن تصل من خلالها لجميع المنازل بأسرع وقت، بمعنى أن تخصص شوارع داخل الحي لا تقف بها السيارات نهائياً للمساعدة في سهولة الحركة.
غير أن الأخصائية بدرية الموسى أكدت "وجود أحياء شعبية في المنطقة، خصوصاً في مدينة الهفوف عاصمة محافظة الإحساء، لا تتمكن السيارات من عبور طرقها، لأن بعضها لا يزيد اتساعه عن متر ونصف المتر"، مشيرة لفجيعة المنطقة قبل أعوام قليلة بوفاة أم وأطفالها بحادث مشابه، "ورغم ذلك لم يحصل أي تحرك لحل المشكلة، وللأسف العمل التطوعي لدينا يعاني من العشوائية، وأغلب المتطوعين ينسحبون دون الاستفادة من طاقاتهم".
واقترح مهدي العباد توفير وسائل مساعدة للإطفاء داخل الأحياء القديمة مثل "تركيب أعمدة مياه داخل هذه الأحياء بحيث أنه لدى تعذر وصول سيارات الإطفاء أو الإسعاف للموقع بإمكانهم الترجل وإحضار الخراطيم وتوصيلها بهذه الأعمدة، إضافة إلى توفير سيارات إسعاف وإطفاء متعددة الأحجام وفي حال تعذر الوصول فعليهم ركن السيارة في أقرب نقطة يمكن الوصول إليها والترجل وإحضار عدة الإسعاف الأساسية معهم وحمل المصابين".