سفاسف الأمور

05 ديسمبر 2014

عمل لـ(كلاوديو ديبانو)

+ الخط -

ـ عندما تشتعل الفتنة، يلعن الناس مَن أيقظها، ومَن يحاول أن يطفئها أيضاً.

ـ وتبقى الحقيقة المرّة أننا لو دعونا من قلوبنا اللّهمّ أهلك كل مَن أساء إلى نبينا، وصادف ذلك الدعاء ساعة استجابة، سينقرض غالبية المسلمين من البشرية.

ـ أكبر دليل على الصورة المرتبطة للأب في الوجدان الشعبي بالشخص الذي "يهرتل" ويدمن الأخطاء ويعبث بالعائلة ومصيرها ويظلم أفرادها، هو أنه كلما فعل حاكم الشيء نفسه بشعبه وعارضه أحد، وجد الملايين يقولون له "اعتبره زي أبوك".

ـ من أبرز مشاكل الحياة في زماننا هذا، أنك، كرجل، تعرف أنك لا تنتظر حادثاً سعيداً، لأنك لا يمكن بيولوجيّاً أن تكون حاملاً، ومع ذلك، لا يفارقك الشعور بالغثيان أبداً.

ـ نظرت إلى ابنتي الصغيرة بحبٍ غامر، وكتمت رغبة ملحّة في البكاء، من فرط الشجن، ثم سألت نفسي: "يا الله، هل سأعيش حتى يأتي اليوم الذي تكبر فيه، لأقول لها: قومي اعملي لي شاي".

ـ يا أخي سبحان الله، كل الذين يتحدثون بحرقة عن الذين ينامون دون عشاء، يتعشون كل يوم قبل النوم.

ـ الكاتب الذي يُحَوِّل نفسه إلى منبر سيسمح يوماً ما للآخرين بالاعتلاء عليه.

ـ هناك أوطان تساعدك على أن تحلم بالوصول فيها إلى قمة المجد، وهناك أوطان تجعلك تحلم فقط بأن تعرف فيها نهاية لقاع "البكابورت".

ـ إذا كنت لا تحب الكلاب، فأنت تعلم أنك لكي تتغلّب على أذاها، ليس عليك إلا أن تتجنّب أي تواصل بالعين معها، وأن تتجاهلها تماماً لكي لا تشعر أنك مهتم بها، مهما علا نباحها وهياجها، وهو المنهج نفسه الذي سيفيدك جدّاً إذا استخدمته مع بعض الإع.. لاميين.

ـ علمتني الأيام: كلما استمعت إلى جملة "ضرورة التحلي بأدب الحوار"، وهي ترد في أي تصريح رئاسي، أن أقوم على الفور بتجديد التوكيل للمحامي.

ـ هل أنا وحدي الذي أضحك ضحكة خبيثة، عندما أقرأ بعض ترجمات المصطلحات الإنجليزية الموجودة في أجهزة الكمبيوتر إلى العربية، خذ عندك، على سبيل المثال لا الحصر، جملة مثل (عرض الحجم الكامل)، و(وضع المستخدم)، هل المشكلة في الترجمة أم في دماغي؟

ـ لا يوجد إبداع فني استطاع أن يلخّص الشخصية المصرية وطريقة تفكيرها في شتى مناحي الحياة أكثر من حوار "كل ما أشده يلسعني.. طيب بتشده ليه؟.. عشان يلسعني".

ـ وممّا يبهج النفس أن تتذكر أنه ما زالت هناك أجيال قادمة، سيأتي عليها اليوم الذي تشعر فيه بالارتباك عندما تسمع كلمة "نكهة" لأول مرة.

ـ سألني الصحافي بابتسامة واسعة، تدلّ على إقبال في الحياة، لا يتمتع به إلا مَن لم تقبل عليه الحياة بعد "ماذا تحب أن يُكتب على قبرك؟"، قمعت كل رغباتي الشريرة في السخرية من سذاجة السؤال وجلافته، وقررت أن أجيب على "قدّ" السؤال، فقلت: الحقيقة لم أفكر بعد في إجابة لهذا السؤال المهم. لكن، ربما أستعير إجابة الروائي اليوناني الشهير، نيكوس كازانتزاكيتس الذي قال: أحب أن يُكتب على قبري "لا أخشى شيئاً ولا آمل شيئاً، أنا إنسان حر". باخت حماسة الصحافي، وقال لي: "جميل، لكن هل يمكن أن تقول شيئاً يخصك أنت ولا يكون مستعاراً من أحد، قلت بعد تأمل قصير: أحب أن يكتبوا على قبري "ممنوع التبوّل". ضحك ضحكة عصبية، ليداري خيبة أمله في الإجابة، وقال لي: إجابة ساخرة، لكن الموضوع الذي أكتبه موضوع جاد. قلت لكي أنهي المأساة التي وضعت نفسي فيها بالرد عليه: طيّب، هل يمكن أن تخبرني بنموذج من إجابات مَن شاركوا في موضوعك، لعلّي أستفيد منها، فوجد ذلك حلاً منطقيّاً لكي ينهي المأساة التي وضع نفسه فيها بسؤالي، فرد قائلاً: يعني مثلاً هناك إجابة، قالت: أحب أن يُكتب على قبري "على الأقل حاولت"، فقاطعته قائلاً بحماس: جميل، إذن ستكون إجابتي: أحب أن يُكتب على قبري "على الأقل حاولت إقناع الجميع ألا يتبوّلوا على قبري".

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.