هل بقي أمام العرب من أسلحة حقيقية، عمليّة ومتاحة، لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي؟ وهل بقي ما يمكن أن يستنهض الشعوب العربية، والأجنبية المؤمنة بعدالة القضية، ويخرجها من دوائر الإحباط الراهنة، ويجدد فيها الأمل بإمكانية استعادة الحقوق الفلسطينية السليبة بشتى الطرق الممكنة.
أسئلة كثيرة أعاد طرحها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بالتعاون مع فرعه في تونس، من خلال أعمال المؤتمر الذي عقد في تونس بعنوان "استراتيجية المقاطعة ضد الاحتلال الإسرائيلي ونظام الأبارتهايد: الواقع والطموح".
ومع حالة الإحباط المذكورة، بسبب انشغال شعوب عربية بهمومها، وانتهاء الفعل الرسمي العربي بالكامل تقريباً لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي؛ أي المشروع الصهيوني بالأحرى، إلا ما يُستثنى من محاولات هنا وهناك، وأمام حجم الدراسات التي قدمت حول فكرة مقاطعة "إسرائيل"، يبدو لوهلة، أن ما تبقى أمامنا كسلاح للمقاومة الفعلية أمام القوة السياسية الدولية والعسكرية الإسرائيلية، هو المقاطعة فقط!
ينفي الأكاديمي والباحث محمد المصري، المدير التنفيذي للمركز، صحّة هذا الأمر، لأن المقاطعة هي أحد أسلحة المقاومة، وتُكمل بقية الأشكال التي ينبغي على المؤسسات الفلسطينية أن تعتمدها في نضالها ضد الكيان الصهيوني، مضيفاً أنه لا ينبغي أن تصل هذه الأوهام إلى المواطن الفلسطيني، لأن سلاح المقاطعة هو مكمل لبقية الاستراتيجيات للمقاومة، ويمكن أن تستخدم من أجل إحراج "إسرائيل" ونزع الشرعية عنها، ومن الخطأ الاقتناع بأن حركة المقاطعة ستحقق، وحدها، آمال الشعب الفلسطيني، لأن هذا يقود إلى الاعتقاد بأن كل الأسلحة الأخرى وأشكال المقاومة قد سقطت، وهذا أمر خطير.
يلفت المصري إلى أن الجهود العربية الرسمية تراجعت بسبب معاهدات السلام التي عقدتها بعض الدول العربية، وأصبحت المقاطعة العربية الرسمية تقريباً غير موجودة، ولا يكاد يعرف المواطنون العرب أن هناك حملة مقاطعة عالمية تتم في عدد من الدول.
وأضاف أن المحيط العربي يركز نظره على المقاطعة في المنطقة الأوروبية، فقط، ويتناسى أهمية المقاطعة في مجالات حيوية أخرى كآسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، معرّجاً على التجربة الجنوب أفريقيّة في مقاومة النظام العنصري، حيث كانت البلدان الـفريقية هي التي بدأت بذلك، وفرضت على العالم أن ينضم إليها، لكن المقاطعة العربية، التي تبقى شعبية فقط، ظلّت على مستوى الهبّات والاحتجاجات، وتنتظر أن يُقتل العديد من الفلسطينيين لتنطلق من دون فاعلية حقيقية.
المصري نبّه إلى أن بعض حملات المقاطعة العربية تضم أحياناً نشطاء يدّعون الإيمان بعدالة القضية الفلسطينية وجوهرها الحقوقي في حين أنهم ينتصرون للاستبداد في بعض الدول العربية، وأنهم غير ديمقراطيين، وهذا يُضعف القضية الفلسطينية ويقلص من حجم التعاطف والتضامن الأجنبي مع القضية، لأن المسائل الحقوقية واحدة لا تتجزأ.
توقيت المؤتمر
يؤكد الباحث والكاتب الفلسطيني، الدكتور خليل جشهان، أحد المشاركين في المؤتمر، أن "المؤتمر يأخذ بعداً إضافياً في توقيته، فعملية المقاطعة تدخل الآن في مرحلة جديدة بعد 11 سنة من العمل في الغرب"، ما يؤشّر إلى ضعف الجهد العربي المقاوم على هذا المسار، ويحيل بالضرورة إلى استفسارات ومقارنات مع الجهود ذاتها في أماكن أخرى من العالم، قد لا ينتبه عرب كثيرون إلى أنها تقاطع "إسرائيل"، وتتحمس لذلك بشكل يفوق الخطاب العربي.
تنبّه أوراق المركز، والتي قُدّمت للمؤتمر، إلى أنه "مع فشل الرهان على عملية التسوية، وتحوّل خيار المقاومة المسلحة من استراتيجية تحرير، أو استراتيجية لتحقيق برنامجٍ سياسي، إلى فعل دفاعٍ عن النفس، تزداد الحاجة إلى البحث في خيارات جديدة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي أو تفعيل القائم منها.
وقد برزت في الآونة الأخيرة المقاطعة بوصفها أحد أهم أشكال المقاومة ضد الاحتلال؛ إذ وصلت حركة المقاطعة ضد "إسرائيل"، بأشكالها المختلفة، إلى درجةٍ من التطوّر تتطلّب التعامل معها بوصفها أداةً نضاليةً أساسيةً في العمل الوطني الفلسطيني المقاوم، والتي أخذت تتحوّل إلى محور عملٍ للقوى الديمقراطية العربية والعالمية المتضامنة مع الحق الفلسطيني، وتوظّف قواعد القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه.
كما انعقد المؤتمر في ظرف دقيق عربياً، يتأرجح بين انعتاق القرار العربي، الشعبي بالخصوص، في بلدان نجحت نسبياً في الولوج إلى مناخات الممارسة الديمقراطية، تونس نموذجاً، وبين أخرى لا تزال تعاني ويلات الحروب الأهلية، بغاية إجهاض مسارها نحو التحرر من الأنظمة الديكتاتورية، بما يحمله ذلك من دلالات عميقة، حيث ترافقت بدايات الربيع العربي سنة 2011 مع موجة شعبية عالية للتضامن مع القضية الفلسطينية، توضحت معالمها أكثر إبّان الاعتداء على غزة، ثم تراجعت مع احتدام المشاكل الداخلية في أكثر من بلد عربي، بالتوازي مع استفاقة حقيقية للحراك المدني المؤثر في القرار الرسمي.
يلفت مدير فرع "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في تونس، الأكاديمي مهدي مبروك، إلى أن المؤتمر ينعقد بعد 70 سنة من صدور أول قرار لجامعة الدول العربية للمقاطعة الرسمية (1945)، ويؤكد أنه بمرور السنوات، اعترضت هذه البادرة منعطفات عديدةٌ أكّدت أمراً مهمّاً؛ هو ضعف النظام الرسمي العربي، وتشتُّت النخب العربية، وبروز حالات استقطاب حادّة، وتنامي موجات العنف والتطرف، وارتفاع منسوب مناهضة العرب، والمسلمين عامّة، وهو ما كان له انعكاس وخيم على القضية الفلسطينية.
المقاطعة الأوروبية تُحرج الجهود العربية
يلفت مبروك الى أهمية وجود "فعاليات مدنية في مجال حقوق الإنسان، وتفعيل المقاومة الشعبية"، ومنها المؤتمر الذي كشف عدداً من الحقائق حول واقع المقاطعة في عدد من البلدان خارج المنطقة العربية، ما يدفع إلى مقارنتها بوضع المقاطعة العربية، خصوصاً مع تراجع وهج المقاومة الشعبية، وانصراف الشعوب العربية إلى همومها، فضلاً عن الغياب الرسمي العربي، وعدم اعتماده سياسة مقاطعة أساساً.
انتظمت لذلك جلسة ترأسها البروفسور ماكس بلومنثال، وشارك فيها الباحث محمد ناظري إسماعيل بدراسة حول التحديات الراهنة لحملة المقاطعة في ماليزيا، وكمال قمصيلة مرزوقة حول "حملة المقاطعة في تشيلي، السيرة المختصرة والتحديات"، وبيتر سلزاك بعمل حول "حملة المقاطعة في أستراليا: نماذج من الاحتجاج السياسي الشعبي"، وإميلي بلزرد بشأن "تموضع حركة المقاطعة العالمية كقوة لتحويل النزاعات في الإعلام الجماهيري: دروس مستفادة من أستراليا".
بدورها، قالت الباحثة في الشؤون الأوروبية وحقوق الإنسان، المديرة السابقة للمرصد الأوروبي المتوسطي، أماني السنوار، إن موضوع المقاطعة يتعرّض لظلم في الإعلام العربي، من خلال الأطروحات الشعبوية التي تُسلّم بأن الغرب منحاز بالمطلق لـ"سرائيل"، وإن كان هناك بعض الصحّة، ولكن ذلك كان يضعف من العمل في وسائل المقاومة الشعبية، ومن ضمنها المقاطعة".
ورأت أن "فائدة مثل هذا المؤتمر أنه يأخذ تلك الأطروحات نحو نقاش جدي وأكاديمي، يكتسب أهمية كبيرة لناحية بحث وتقييم نجاعة مثل هذا الموضوع الحساس وبشكل علمي، بعيداً عن الشعارات الكبيرة".
ولفتت كل هذه المداخلات إلى جدية مجهودات المقاطعة في دوائر حقوقية، وحتى رسمية غير عربية، ما يدفع إلى مقارنتها بالحملات العاطفية الموسمية العربية، وهو ما يؤكده مهدي مبروك، إذ يعتبر أن "المقاطعة العربية تبقى في مستوى الشعار والخطاب ولا توجد أي مبادرة فعلية تجسد هذه الشعارات".
ويلفت مبروك إلى أن الوعي بأهمية المقاطعة، كممارسة شعبية نضالية مدنية سلمية، تتوسع في دوائر وعي النخب والنشطاء الغربيين مما اضطر إلى انسحاب العديد من الشركات المستثمرة في "إسرائيل" ومقاطعة بضائع المستوطنات".
ويشير في الوقت ذاته إلى أن المقاطعة تضررت كثيراً بسبب الاستقطاب الإقليمي الحاد، لافتاً إلى أن جملة من العوامل الرئيسية ساهمت في ذلك، وأهمها انعكاس بعض الأعمال المتطرفة، وصورة الإرهابي العربي المسلم وتدفق اللاجئين الذين تسبب بعضهم على قلتهم في بعض المشاكل، وكانت كلها على حساب التعاطف مع الشعب الفلسطيني، لأن هناك لَبْساً متعمداً يهدف إليه اليمين الأوروبي بالذات للخلط بين العربي والمسلم والفلسطيني والإرهابي، في دلالات ورموز تقود من الصفة الأخيرة للوصول إلى الفلسطيني.
ويضيف مبروك أن حالة الانقسام الفلسطيني وتصنيف بعض الدول العربية لفصائل من المقاومة بالإرهابية أضرّت بحالة التعاطف السلمي المدني.
من جهته، يؤكد الباحث والكاتب البحريني، راشد الجاسم، أن "هناك صراعاً في المحاور الإقليمية وتشرذماً طائفياً وانقساماً فلسطينياً، لذا يأتي الطرح البحثي الأكاديمي مختلفاً، لأنه يصدر عن أناس غير منحازين وعلميين".
أما الباحث الفلسطيني ميشيل نوفل فيشير إلى أن "الموقف الأوروبي الشعبي كان جريئاً وأكثر انتصاراً للحقّ الفلسطيني من الموقف الأوروبي الرسمي"، وإلى "نجاح حركة المقاطعة في تعبئة قطاعات واسعة من الرأي العامّ الأوروبي ضد "إسرائيل"، موضحاً أن "هذا الزخم أربك العدو كثيراً، ودفعه إلى إطلاق سياسات مضادة؛ للالتفاف على جهد المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية والثقافية".
انزعاج إسرائيلي
كشفت هجومات بعض وسائل الإعلام البريطانية على أعمال المؤتمر، انزعاجاً إسرائيلياً (خلف اللوبيات التي ترعاها) من كل جهد علمي وعملي دقيق يمكن أن يحرك السواكن في اتجاه دعم المقاطعة وتنسيق جهودها. وتكفي بعض الأرقام للدلالة على تقدّم مشروع المقاطعة غير العربية، على الرغم من أنها مبادرات مشتتة وغير منسقة دولياً، إذ ألغت البرازيل عقداً ضخماً مع شركة إسرائيلية للألعاب الأولمبية لعام 2016، بعد حملة قام بها متضامنون مع القضية الفلسطينية.
فيما تؤكد أرقام إسرائيلية استندت إلى بيانات رسمية حصلت عليها من مكتب الإحصاء، أنه في حال استمرار المقاطعة الأوروبية فإن حجم الخسائر الإسرائيلية يمكن أن يصل الى قرابة 9.5 مليارات، وهو ما تحاول السلطات الإسرائيلية تعويضه بزيادة الصادرات إلى الولايات المتحدة وأسواق أخرى غير الاتحاد الأوروبي، وبزيادة الاستثمارات الأميركية في "إسرائيل".
وكانت شركة "كي. أل. بي" النرويجية للتأمينات قد سحبت استثمارات من شركتين ألمانيتين لمواد البناء بسبب عملهما في مستوطنات في الضفة الغربية.
وأشار تقرير عربي إلى أن "شركة أورانج" الفرنسية أعلنت سحب علامتها التجارية من "إسرائيل" وذلك بعد قيام شركة "بارتنر الإسرائيلية" بالبناء على أراضٍ فلسطينية مصادرة، كما أن متحف اللوفر الفرنسي رفض طلب زيارة طلاب إسرائيليين من جامعات إسرائيلية وذلك لتبادل الأفكار بينهما، ولكن مسؤولي "أورانج" سارعوا إلى الاعتذار عن ذلك تحت ضغط اللوبيات الصهيونية الفرنسية.
ويؤكد التقرير أن المقاطعة الأوروبية على المنتجات الزراعية الإسرائيلية، الخاصة بالمستوطنات، كبدت "إسرائيل" ستة مليارات دولار عامي 2013 و2014، وفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
وعلى الرغم من أن هذه الأرقام مبعثرة ولا توضح حجم الخسائر الإسرائيلية، فإنها تبين انزعاجاً إسرائيلياً واضحاً من هذا السلاح السلمي، القادر على إعادة ترتيب الأوراق السياسية في حالة نجاحه، ما دعاها إلى إيلاء الأمر أهمية قصوى بتسخير جهود إدارية وتسويقية ودبلوماسية كبيرة لمواجهة المقاطعة التي تكبر كبقعة الزيت.
ويلفت أعضاء في "اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة" إلى أن المسؤولين ورجال الأعمال الإسرائيليين ينظرون لحركة المقاطعة اليوم كخطر محدق يتهدد الاقتصاد الإسرائيلي برمته ويلقي بظلال جنوب أفريقيا عليه، حسب تعبير وزيرة العدل تسيبي ليفني. أما وزير المالية الإسرائيلي فقد سبق له أن صرح أيضاً بأن "الاقتصاد الإسرائيلي أكثر هشاشة من أمنها القومي". كما أصدرت وزارة المالية تقريراً ينص على "أن المقاطعة أكبر خطر على الاقتصاد الإسرائيلي".
يعكس هذا الهلع الإسرائيلي من حركة المقاطعة التطور الملحوظ في الإجراءات المتعلقة بالمقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات التي اتخذتها صناديق تقاعد ضخمة وشركات وبنوك، بالذات في أوروبا، ضد شركات ومؤسسات إسرائيلية متورطة في الاحتلال والاستيطان (من حوار صحافي لـ عمر البرغوثي أحد مؤسسي "حركة مقاطعة إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها).
المشاركون في مؤتمر تونس شددوا على أن دفع المقاطعة وتطوير أشكالها يستوجبان جهداً تنسيقياً، ويتطلبان صبراً طويلاً، فقد عرضت أعمال المؤتمر لتجربة مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ولفتوا إلى أن "حالة المقاطعة التي انتشرت ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، قد أخذت سنوات قبل أن تصل أوجها في ثمانينيات القرن الماضي، بتضافر جهود كبيرة. وهو أمر تؤمل الاستفادة منه في قضية المقاطعة ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي بتضافر كل الجهود".
أسئلة للمقاطعة العربية
طرح المؤتمر أيضاً أوراقاً بحثية حول المقاطعة القانونية، وكيفية تعزيز المقاطعة في العالم العربي، من خلال النموذج الجنوب الأفريقي الذي يعتبر مهماً جداً للاستفادة من التجربة.
وألقت تجارب المقاطعة في تشيلي وأستراليا وماليزيا جملة من الأسئلة الحقيقية على وضع المقاطعة العربية، وتعرّضت للصعوبات الكثيرة التي تعترضها إزاء صورة العربي في هذه الأوساط، وفاعلية اللوبيات المساندة لـ "إسرائيل" في هذه الدول، وتشابك المصالح بين الدول والكيان الصهيوني.
كما طُرحت أسئلة جوهرية على النخب والشعوب العربية، إذ قال الباحث والأكاديمي محمد ناظري إسماعيل، من ماليزيا، بأن بعض أبناء شعبه يتساءلون: "لماذا نقاطع شركات إسرائيلية ويهودية والعرب يتعاملون معها؟ ولماذا نقاطع إسرائيل والعرب لا يفعلون ذلك؟".
وأضاف أن قطاعات مهمة من الرأي العام الماليزي تتساءل اليوم عن البديل في حالة مقاطعة "إسرائيل"، ومن سيعوّض الخسائر المترتبة على ذلك؟ فضلاً عن اهتمام الماليزيين بالمشاكل الاقتصادية وصعوبات الحياة وتنامي معدلات المديونية، وهي كلها عوامل تحدُّ من انخراطهم في حملات المقاطعة.
تتأتى أهمية المؤتمر بالخصوص من "تناول مسألة المقاطعة من خلال دراسات علمية، وبالحجج الاقتصادية، بالأرقام والجداول"، و"تغذية ديناميكيةَ المقاطعة، وتفعيل أشكالها ومضامينها؛ بوصفها جزءاً من حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والتحرر"، كما يشير مبروك، بالإضافة إلى "مدّ النخب العلمية والجماعات البحثية، لجسور التعاون مع الجماعات العلمية الغربية".
ولفت الباحث الفلسطيني المقيم في واشنطن، أسامة أبو ارشيد، لـ "العربي الجديد"، إلى علاقة المواطن العربي بأنظمته، لأنه "يفترض بأن دولته مقاطعة، لكن عملياً هي ليست كذلك. فمن الجيد أن نتبادل الخبرات وأن نعرف كيف تسير حركة المقاطعة، وما تستهدفه وكيف نستفيد منها وكيف نعمل لنقاطع، لأننا نحتاج إلى صناعة تسمى المقاطعة لتشمل الكثير من الشركات والتوجهات العقلية والممارسة والمنهج المؤيد لدولة الاحتلال. وفي ذلك أمر جيد لنستفيد منه كعرب من خلال مؤتمر أكاديمي للعمل بشكل أوسع على مسألة المقاطعة".
نزع الشرعية عن "إسرائيل"
تركزت جلسات الموتمر حول الاستراتيجية المثلى لحشد التأييد الغربي لجهود المقاطعة، وذهبت أغلب الآراء إلى أهمية التركيز على "أنسنة" القضية الفلسطينية والإقناع بأن ممارسات الكيان الصهيوني مخالفة لأبسط حقوق الإنسان، والبحث في مختلف القوانين والتشريعات الوطنية والعالمية بما يخدم هذا التوجه والاشتغال أكثر على المقاطعة الأكاديمية والجامعية والثقافية بسبب الوزن الكبير الذي يمثله الجامعيون والباحثون والمثقفون في صناعة الرأي العام.
وفي هذا السياق، تم اقتراح إحداث وحدات أو مراكز بحثية على مستوى الجامعات العربية تهتم بموضوع المقاطعة العربية لـ"إسرائيل" وتبحث سبل تطويرها وتفعيلها.
أشار بعض الحاضرين إلى أهمية مضاعفة الجهد الرامي لنزع الشرعية الأخلاقية والقانونية عن "إسرائيل" في المحافل الإقليمية والدولية وفي المنظمات العالمية، وفضح ممارساتها العدوانية وسياسات التمييز العنصري التي تنتهجها ضد الفلسطينيين، مع ضرورة الانتباه إلى محاولات تشويه حركة "بي دي أس" وإلصاق شبهات معاداتها للسامية، وهي أحد محاور عمل استراتيجية "إسرائيل" المضادة لحركة المقاطعة.
كما دعوا إلى تعزيز التشبيك بين حركات المقاطعة ضد "إسرائيل" في مختلف أنحاء العالم بهدف تحقيق مزيد من النجاعة والفاعلية لتدخلاتها ونشاطاتها. وأوضح أحد الحاضرين خطورة غياب مشروع وطني فلسطيني، مما أثر سلبياً في نجاعة نشاطات حركة المقاطعة، وأنه من المهم العمل على مزيد من تنسيق المواقف الرسمية والشعبية والمدنية خدمة لحركة المقاطعة وللقضية الفلسطينية بوجه عام.