مراجعة أحداث "الثقافة الفلسطينية" آخر السنة، تشبه تفحّص جرح في خاصرتك. جرح قديم متجدد، منذ وعيت نفسك وأنت تتعهده. كنت تيأس منه ومن القصة كلّها، لكن بسببه أيضاً تقاتل اليأس ولأجله تستيقظ كل يوم.
ماذا فعلت الثقافة الفلسطينية على جبهة الصراع الفكري في 2014 وماذا صنعت الثقافة العربية كلّها في ميدان الأفكار؟ اقفز عن الإجابة؛ لن تحتملها.
وإذ تعود خلسةً لكتابات مالك بن نبي تجد أننا في الأرض المستعمرة وشبه المستعمرة ما زلنا (النخب قبل الجميع) نتقلّب في الشراك التي تعب المفكّر الجزائري في كشفها قبل أكثر من نصف قرن.
تتذكر (متى نسيت؟) أنك في يوم كهذا قبل سنة، خرجت مع حيفا في وداع روضة بشارة. الوداع أكثر الكلمات مخاتلة. الجنازة والصلوات والتشييع كلها أمور لم تنطل عليك. ما الذي يفهمه هؤلاء الأطباء والكهنة عن الحياة والموت. ثم ما الذي يعرفونه عن مفردة وداع. وكيف تفسر شعورك بأنك مقبل على لقاء في "الوداع".
لا تستطيع أن تشرح ولا حتّى لنفسك، كيف أن إنساناً يرحل (مثلما "رحلتِ") ويترك عندكَ كلّ هذه القوة وكلّ هذا الفرح. وإذ تجد قدمكَ أثبت على جبهة الصراع تعرف أنه ما زال يسندك. وهذه أشياء خاصة بين الإنسان وبلده وثقافته. ويفهمها الذين كان لهم حظ وعرفوكِ.