تجوب شوارع دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقيّة المحاصرة منذ نحو عام، تظاهرات منذ ثلاثة أيام، يشارك فيها العشرات من سكان المدينة وبلدة مسرابا القريبة، احتجاجاً على ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة، نتيجة احتكار التجّار، المقرّبين من فصائل المعارضة الرئيسية المسيطرة على المدينة، المواد الغذائيّة.
وتشهد أسعار المواد الغذائيّة ارتفاعاً كبيراً في الأيام الأخيرة، مع مرور شهر على إغلاق قوات النظام السوري طريق مخيم الوافدين، الطريق الوحيد الذي تدخل منه المواد الغذائية نحو المناطق المحاصرة في غوطة دمشق الشرقيّة. ووصل سعر كيلو السكّر إلى ثلاثة آلاف ليرة سوريّة، أي ما يعادل خمسة عشر دولاراً أميركياً، وسعر كيلو الرز إلى ألف وستمائة ليرة سوريّة، أي ما يعادل ثمانية دولارات أميركيّة.
وأشار الناشط، خالد الدوماني، لـ"العربي الجديد" إلى "إقدام المتظاهرين، الغاضبين من احتكار التجار والمجموعات الإغاثيّة المواد الغذائيّة، على اقتحام مستودعات عدّة في مدينة دوما، بينها مستودع المكتب الإغاثي الموحّد ومستودع أبو خالد عبد الدايم، ومستودع المنفوش ومستودعات عدّة أخرى في ساحة الغنم وحارة العرب، وسط مدينة دوما".
ولفت إلى أنّه "تخلّلت الاقتحامَ عملياتُ نهب وسلب لمحتويات المستودعات، تزامناً مع إطلاق نار من قبل حراسها، مما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى في صفوف المتظاهرين، الذين ردّ مسلحون بينهم على إطلاق النار بالمثل". وأدّى ذلك، وفق المصدر ذاته، إلى اندلاع أعمال شغب، عمّت دوما ومسرابا القريبة، "وسُمعت أصوات إطلاق النار في شوارع المدينة لساعات، قبل أن يسود الهدوء في المدينة مع حلول الظلام".
ويعيد بعض ناشطي المدينة خروج هذه التظاهرات إلى "تحريض قاده عناصر فاسدون في بعض الفصائل والمجموعات المسلحة الصغيرة بهدف إشعال المشاكل في المنطقة"، الخاضعة عملياً لسيطرة "لواء الإسلام" بقيادة زهران علوش، والذي يُعدّ أكبر تشكيلات المعارضة في غوطة دمشق الشرقية.
ويوضح الناشط، حسان محمود، لـ"العربي الجديد"، أنّ "مسلحين تابعين لمجموعات مسيئة ساروا مع المتظاهرين المطالبين بمحاسبة التجار المحتكرين في مدينة دوما، وحرّضوهم على القيام بعمليات تخريب وسلب ونهب للمستودعات، قبل أن يردّ حراس هذه المستودعات بإطلاق النار، الذي تبعه إطلاق نار من قبل بعض هؤلاء المحرّضين على التخريب، لتعمّ الفوضى العارمة في المدينة".
وكانت تظاهرة كبيرة قد انطلقت يوم الجمعة الماضي في دوما، هاجم خلالها المتظاهرون مستودعات "مؤسّسة عدالة الإغاثيّة"، وعمد البعض إلى نهب محتوياتها، مما أسفر عن إصابة ثلاثة مدنيين على الأقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بعد تبادل إطلاق النار بين الحراس وبعض المتظاهرين.
وتوعّد المجلس القضائي في الغوطة الشرقيّة التجار، الذين يثبت احتكارهم مواد غذائيّة في مستودعات خاصة، بهدف رفع أسعارها وتحقيق أرباح إضافيّة، بإنزال أشدّ العقوبات بهم، داعياً السكان إلى التبليغ عن أيّ مستودع توجد فيه كميات كبيرة من المواد الغذائيّة المخزّنة وغير المعروضة للبيع.
وتقع مدينة دوما وسط غوطة دمشق الشرقية، التي تفرض عليها قوات النظام السوري حصاراً شبه كامل منذ أكثر من عام، الأمر الذي أدى إلى تردّي الأوضاع الإنسانيّة في المنطقة بشكل كبير في الشهور الماضية. وتمكّنت قوات المعارضة، في الشهرين الأخيرين، من السيطرة على مستودعات تحوي كميّات كبيرة من الطحين والمواد الغذائيّة التابعة لقوات النظام في منطقتي عدرا والدخانية، مما أدّى إلى انفراج مؤقت في الأوضاع الإنسانيّة، قبل أن تتدهور أخيراً. وكان طفلان قد توفيا في الأيام الأخيرة في دوما نتيجة نقص الغذاء، ليرتفع عدد الأطفال المتوفّين بسبب نقص الغذاء والعناية الصحيّة في الغوطة الشرقية، منذ بداية الشهر الحالي، إلى أربعة.