04 نوفمبر 2024
سورية إلى أين؟ السوريون إلى أين؟
لم يعد السؤال الملحّ اليوم سورية إلى أين؟ وفقط، فثمة سؤال آخر: السوريون إلى أين؟ وهو سؤال يطرح نفسه، بعد أن أغلقت في وجه السوريين كل المعابر، ورفعت الأسوار حولهم، حتى في بلاد اللجوء، فهم محاصرون، إما تحت قنابل النظام أو تحت رحمة قوانين جائرة في دولة احتلال (إسرائيل) أو دول الجوار، أو تحديد إجراءات الإقامة والسفر وتقييدها في دول اللجوء.
لا يعني السؤال أين يجب أن يذهب السوريون، تحت عنوان متابعة سياسة النظام في تهجير من تبقى منهم داخل سورية، أو بقاء الذين ينتظرون في المناطق الحدودية الساخنة حيث هم، وإنما المقصود الحديث عن سورية المستقبل، وسيناريوهات الحل المنتظر من المجتمع الدولي الذي صار يخيّرنا بين التقسيم أو التقاسم، بين أن نكون تحت النفوذ الإيراني أو الروسي، بين الإبقاء على روسيا، بمشاركة كل قوى العالم في سورية، مقابل خروج إيران والإبقاء على نظام الأسد، بين استمرار موتنا بيد النظام وفي معتقلاته، وتحت براميله العشوائية والغبية، أو موتنا تحت قصف الطائرات الأكثر تطوراً وتقنية وتصويباً وذكاءً؟
بالفعل، عن أي سوريين نتحدث؟ هل عن الذين يفضلون الموت تحت أنقاض بيوتهم، أو الذين يلوذون في مناطق تحت سيطرة النظام، ويعيشون ظروفاً اقتصادية قاسية، أم عن المشرّدين بين عابر للحدود، أو الذين يحاولون الاندماج بمجتمعاتهم الجديدة التي لن تستطيع أن تتقبلهم بالمرونة نفسها التي تتحدث بها تلك المجتمعات عن حقوق الإنسان وحق اللجوء.
في المختصر، نحن نتحدث عن سوريين تنقصهم حقوق المواطنة في كل شيء، وفي أي مكان، في سورية داخل مناطق النظام، وتحت حكم "المعارضة"، وفي خارج سورية في دول عربية، أو غربية، في ظل قوانين اللجوء، أو الحماية المؤقتة أو الإقامة وقتاً محدّداً.
إذاً، ووفقاً لما سبق، يدخل الحديث عن سورية الواحدة والشعب السوري الواحد اليوم في مأزق،
أو في التباسات، عند الاعتراف بالواقع، فالبلد بات مقسماً على أساس جغرافي وديمغرافي، بين سورية النظام وسورية المعارضة، وسورية القوات الديمقراطية "الكردية" وسورية مناطق جبهة النصرة وتنظيم داعش، وهناك سورية التي، على ما يبدو، نسيها السوريون في ظل انقساماتهم، وترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، وما فيها من سوريين رفضوا الهوية الإسرائيلية، وتشبثوا بسوريتهم التي يرونها تضيع ضمن كل هذه السوريات المنقسمة جغرافياً وديمغرافياً، إذ سورية كل السوريين غائبة حتى الآن.
سورية التي نشأت حسب خريطة سايكس بيكو، والتي انطلقت الثورة فيها عام 2011 ، والتي نادى القوميون العرب بشعاراتهم "التسويقية" بكسر حواجز حدودها مع الدول العربية، حالمين بالوطن العربي الواحد، بينما نادى "المتطرّفون من المتأسلمين" الذين جاءوا ليمتطوا الثورة، لإقامة دولتهم التي لا تعترف بحدود سورية أساساً، ولا بالسوريين شعباً واحداً، ولا بمشروع ثورتهم لإقامة دولة المواطنة، دولة مواطنين أحرار متساوين.
هذا المشروع الوطني وفق الرؤية الديمقراطية، والتي أعادت الأمل لسوريي الجولان بأن تعود قضيتهم إلى الواجهة، وأن تعود سورية إليهم، سورية هذه البديل لسورية الأسد، حيث استمر النظام بحكم سورية بطريقة استبدادية أمنية متغولة على حياة المواطنين المحرومين من أبسط حقوقهم.
هذه سورية التي سأل عنها أهلنا في الجولان في ندوة نظمها صالون الجولان (التابع لمركز حرمون)، في مدينة مجدل شمس، وحضرها نخبة من المثقفين السوريين والشخصيات الوطنية في الجولان، وشارك فيها لأول مرة شخصياتٌ من المعارضة السورية في الخارج، بمناسبة
الزيارة الأولى للكاتب ماجد كيالي إلى فلسطين، بلده التي يراها بعد أكثر من ستين عاماً على حلم اللقاء، والتي بدأها من بلد المولد سورية، من أرضها المحتلة الجولان، وأنهاها منها تأكيداً على انتمائه الكامل لكلا البلدين، سورية وفلسطين، حيث قال: "نمت ليلتي الأولى في هذه الرحلة في مجدل شمس في الجولان السورية، وأختم ليلتي الأخيرة منها، أنا الفلسطيني السوري أو السوري ـ الفلسطيني، سيان، فقد تصالحت هويتي الفلسطينية مع هويتي السورية، في الكفاح من أجل الحرية والمساواة، إذ قضية فلسطين ليست مجرد قطعة أرض، وإنما هي معنى للحرية والكرامة أيضاً".
حظيت بشرف المشاركة في الندوة، إضافة إلى الأصدقاء ميشيل كيلو وحازم نهار وزكريا السقال، من مجموعة العمل الوطني الديمقراطي، وكانت هذه التجربة سابقة فريدة من نوعها، أبدى فيها المشاركون من الجولان ترحيباً وتكريماً عرفوا به دوماً، كما عرفوا بروحهم الوطنية وانتمائهم القومي. طرحت في الندوة، أسئلة عديدة، ضمنها السؤال عن مصير الجولان المحتلة، مؤكدين رفضهم مشاريع التقسيم، سيما أن هذه المشاريع تصب في خانة إسرائيل التي ستكرّس اغتصابها الجولان، كما أنها ستصب في خانة إضعاف سورية وتقسيم شعبها.
طوال الفترة الماضية، تركت المعارضة السورية الجولان، وأهل الجولان، على الرغم من الحاجة إلى التواصل، وللتأكيد على أننا شعب واحد، واقترح أن ندوات كهذه ضرورية ومطلوبة. لذا هذه تحية لمن عمل على إقامة صالون الجولان، وهي ملاحظة للمعارضة لتلافي النقص في هذا الأمر. كما هي تحية لأهلنا الأعزاء في الجولان المحتل، المتمسكين بسوريتهم وهويتها، على الرغم من ظروف الاحتلال القاسية، بينما يعمل النظام بسياسة التهجير التي يتبعها، لسحبها من كل من طالب بالحرية والكرامة ودولة مواطنين أحرار ومتساوين، دولة ديمقراطية مدنية.
لا يعني السؤال أين يجب أن يذهب السوريون، تحت عنوان متابعة سياسة النظام في تهجير من تبقى منهم داخل سورية، أو بقاء الذين ينتظرون في المناطق الحدودية الساخنة حيث هم، وإنما المقصود الحديث عن سورية المستقبل، وسيناريوهات الحل المنتظر من المجتمع الدولي الذي صار يخيّرنا بين التقسيم أو التقاسم، بين أن نكون تحت النفوذ الإيراني أو الروسي، بين الإبقاء على روسيا، بمشاركة كل قوى العالم في سورية، مقابل خروج إيران والإبقاء على نظام الأسد، بين استمرار موتنا بيد النظام وفي معتقلاته، وتحت براميله العشوائية والغبية، أو موتنا تحت قصف الطائرات الأكثر تطوراً وتقنية وتصويباً وذكاءً؟
بالفعل، عن أي سوريين نتحدث؟ هل عن الذين يفضلون الموت تحت أنقاض بيوتهم، أو الذين يلوذون في مناطق تحت سيطرة النظام، ويعيشون ظروفاً اقتصادية قاسية، أم عن المشرّدين بين عابر للحدود، أو الذين يحاولون الاندماج بمجتمعاتهم الجديدة التي لن تستطيع أن تتقبلهم بالمرونة نفسها التي تتحدث بها تلك المجتمعات عن حقوق الإنسان وحق اللجوء.
في المختصر، نحن نتحدث عن سوريين تنقصهم حقوق المواطنة في كل شيء، وفي أي مكان، في سورية داخل مناطق النظام، وتحت حكم "المعارضة"، وفي خارج سورية في دول عربية، أو غربية، في ظل قوانين اللجوء، أو الحماية المؤقتة أو الإقامة وقتاً محدّداً.
إذاً، ووفقاً لما سبق، يدخل الحديث عن سورية الواحدة والشعب السوري الواحد اليوم في مأزق،
سورية التي نشأت حسب خريطة سايكس بيكو، والتي انطلقت الثورة فيها عام 2011 ، والتي نادى القوميون العرب بشعاراتهم "التسويقية" بكسر حواجز حدودها مع الدول العربية، حالمين بالوطن العربي الواحد، بينما نادى "المتطرّفون من المتأسلمين" الذين جاءوا ليمتطوا الثورة، لإقامة دولتهم التي لا تعترف بحدود سورية أساساً، ولا بالسوريين شعباً واحداً، ولا بمشروع ثورتهم لإقامة دولة المواطنة، دولة مواطنين أحرار متساوين.
هذا المشروع الوطني وفق الرؤية الديمقراطية، والتي أعادت الأمل لسوريي الجولان بأن تعود قضيتهم إلى الواجهة، وأن تعود سورية إليهم، سورية هذه البديل لسورية الأسد، حيث استمر النظام بحكم سورية بطريقة استبدادية أمنية متغولة على حياة المواطنين المحرومين من أبسط حقوقهم.
هذه سورية التي سأل عنها أهلنا في الجولان في ندوة نظمها صالون الجولان (التابع لمركز حرمون)، في مدينة مجدل شمس، وحضرها نخبة من المثقفين السوريين والشخصيات الوطنية في الجولان، وشارك فيها لأول مرة شخصياتٌ من المعارضة السورية في الخارج، بمناسبة
حظيت بشرف المشاركة في الندوة، إضافة إلى الأصدقاء ميشيل كيلو وحازم نهار وزكريا السقال، من مجموعة العمل الوطني الديمقراطي، وكانت هذه التجربة سابقة فريدة من نوعها، أبدى فيها المشاركون من الجولان ترحيباً وتكريماً عرفوا به دوماً، كما عرفوا بروحهم الوطنية وانتمائهم القومي. طرحت في الندوة، أسئلة عديدة، ضمنها السؤال عن مصير الجولان المحتلة، مؤكدين رفضهم مشاريع التقسيم، سيما أن هذه المشاريع تصب في خانة إسرائيل التي ستكرّس اغتصابها الجولان، كما أنها ستصب في خانة إضعاف سورية وتقسيم شعبها.
طوال الفترة الماضية، تركت المعارضة السورية الجولان، وأهل الجولان، على الرغم من الحاجة إلى التواصل، وللتأكيد على أننا شعب واحد، واقترح أن ندوات كهذه ضرورية ومطلوبة. لذا هذه تحية لمن عمل على إقامة صالون الجولان، وهي ملاحظة للمعارضة لتلافي النقص في هذا الأمر. كما هي تحية لأهلنا الأعزاء في الجولان المحتل، المتمسكين بسوريتهم وهويتها، على الرغم من ظروف الاحتلال القاسية، بينما يعمل النظام بسياسة التهجير التي يتبعها، لسحبها من كل من طالب بالحرية والكرامة ودولة مواطنين أحرار ومتساوين، دولة ديمقراطية مدنية.