تحوّل مصير مختلف المناطق الرئيسية في سورية إلى رهينة للتفاهمات بين القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في المشهد، فيما يكتفي نظام بشار الأسد، كما المعارضة السورية، في أغلب الأحيان، بتلقي نتائج التفاهمات التي تعقد تنفيذها. وعلى الرغم من أن المشاورات بشأن الجنوب السوري حازت على الاهتمام الإعلامي الأكبر في الأيام الماضية، خصوصاً بعد أن ضاعف الاحتلال الإسرائيلي من عمليات قصفه لأهداف في سورية في الفترة الأخيرة، إلا أنه في موازاة ذلك، وإن بهدوء أقل، تجري مفاوضات بين تركيا وروسيا من جهة، وتركيا والولايات المتحدة من جهة ثانية، لحسم مصير مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، ومدينة منبج في ريف حلب الشرقي.
وبعدما شكّلت المرحلة الماضية غلبة للتفاهمات متعددة الأطراف، تحديداً عبر مسار أستانة الذي استطاع الروس فرضه وأفضى إلى التوصل لمناطق خفض التصعيد، تشهد المرحلة الحالية تركيزاً على المشاورات ثنائية الأطراف، فيما تبدو تركيا حاضرة فيها كلها لأكثر من اعتبار، خصوصاً أنها تمتلك نفوذاً أو خطوطاً في المناطق المتبقية خارج نطاق التفاهمات المنجزة.
وأثمرت التفاهمات التركية الروسية عن انسحاب قوات النظام السوري من مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، على أن يتم تسليم المدينة قريباً إلى أهلها، بانتظار أن تحسم التفاهمات التركية-الأميركية خلال اجتماع، يُعقد بين الطرفين اليوم الإثنين في واشنطن، مصير مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، وسط تحركات من جانب النظام لمد نفوذه شرقي البلاد، خصوصاً بعد تصريحات رئيس النظام بشار الأسد الأخيرة التي خيَّر فيها "قوات سورية الديمقراطية" بين التفاهم أو الحرب، وهي مواقف كررها وزير خارجيته وليد المعلم.
وقالت مصادر محلية إن "قوات سورية الديمقراطية" وقوات النظام السوري أحرقت عدداً من المنازل والأفران في منطقة تل رفعت شمال مدينة حلب، قبل انسحاب عناصر "سورية الديمقراطية" نحو مدرسة المشاة ومدينة منبج وقرية الحصية، بينما انسحب عناصر الحرس الجمهوري والأمن العسكري التابعون لقوات النظام إلى بلدتي نبل والزهراء، بالإضافة إلى انسحاب الشرطة العسكرية الروسية نحو مدينة حلب.
وأشار مراقبون إلى أن الانسحاب من تل رفعت جاء بعد تفاهمات روسية-تركية على تسليم المنطقة إلى فصائل الجيش السوري الحر في وقت لاحق، وكانت تركيا قد أعلنت مراراً نيّتها استعادة المنطقة وتسليمها إلى أهلها.
وكانت مليشيات "القوات الشعبية"، التابعة للنظام، قد استلمت إدارة مدينة تل رفعت وبلدة دير جمال وعدة قرى شمال مدينة حلب، من "وحدات حماية الشعب" الكردية، بينما يطالب الأهالي النازحون من منطقة تل رفعت، وبشكل مستمر، فصائل الجيش السوري الحر والجيش التركي، ببدء عملية عسكرية لاستعادة منطقتهم التي سيطرت عليها "وحدات حماية الشعب" في فبراير/شباط من عام 2016.
في السياق نفسه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن عناصر وضباط القوات الإيرانية والقوى الموالية لها انسحبوا من منطقة تل رفعت ومحيطها، بعد خلافات مع روسيا حول مشاورات روسية-تركية لتسليم المنطقة إلى القوات التركية والمعارضة السورية، مقابل انسحاب فصائل المعارضة من مثلث غرب جسر الشغور - سهل الغاب - ريف اللاذقية الشمالي الشرقي. وفي سياق هذه التفاهمات كما يبدو، ذكرت مصادر محلية أن "وحدات حماية الشعب" الكردية بدأت في الأيام القليلة الماضية الانسحاب بشكل تدريجي من المواقع القليلة التي تبقّت لها في ريف حلب الشمالي.
اقــرأ أيضاً
وتأتي هذه التطورات عشية اجتماع من المقرر أن يُعقد، اليوم الإثنين، في واشنطن بين وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو ونظيره الأميركي مايك بومبيو، للبت في مستقبل مدينة منبج شمال شرق محافظة حلب الخاضعة لإدارة "قوات سورية الديمقراطية".
وفي خطوة لافتة، زار وفد من المعارضة السورية مدينة منبج. وقالت مصادر محلية إن الوفد، الذي ضم كلاً من رئيس حركة "التجديد الوطني" عبيدة النحاس، والإداريين أنس طعمة ومحمد السرميني، دخل عن طريق معبر جرابلس في ريف حلب الشمالي.
كذلك زار وفد من المعارضة المقربة من النظام السوري مدينة القامشلي الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية شمال شرق سورية. وقال مسؤول كردي، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة "فرانس برس"، إن الزيارة تتم بالتشاور مع النظام السوري وتأتي في سياق محاولات النظام الحصول على مكسب سياسي في المنطقة بعدم إعطاء التحالف الدولي الشرعية لوجوده في الشمال السوري، مضيفاً أن الوفد يحاول القيام بدور الوسيط بين الإدارة الذاتية والأحزاب الكردية من جهة، والنظام السوري من جهة ثانية.
وكان الأسد قد قال الخميس الماضي إن أمام "قوات سورية الديمقراطية" المدعومة من التحالف الدولي خيارين: المفاوضات أو الحرب. وتعليقاً على ذلك، قالت عضو الوفد الذي زار القامشلي، ميس كريدي: "من حسن حظنا أن الزيارة نضجت بالتزامن مع هذه التصريحات، لأنه لا بد من البناء على ورقة سياسية، وهذه التصريحات يجب أن تُفهم على أنها دفع باتجاه عملية سياسية".
في غضون ذلك، شكّلت قوات النظام السوري مليشيا محلية جديدة من العشائر الموالية لها شرقي البلاد، بهدف "مواجهة القوات الأميركية". وأعلن بيان أصدره قادة العشائر الموالون للنظام شرقي البلاد، تشكيل "وحدات المقاومة العشائرية"، معربين عن رفضهم وجود "أي قوات أجنبية من دون موافقة الحكومة السورية"، في اشارة إلى القوات الأميركية في المنطقة. وذكر البيان أن "تشكيل وحدات المقاومة العشائرية الشعبية هو لطرد الدخلاء المحتلين من أميركيين وأتراك وفرنسيين الذين دنسوا تراب وطننا بحججٍ واهية"، من دون التطرق إلى القوات الإيرانية والروسية، معتبراً في الوقت ذاته تلك القوات رديفة لقوات النظام، حضرت بناء على طلب ممن سموها السلطات الشرعية. كذلك استنكر البيان منع "قوات سورية الديمقراطية" لعشرات الوجهاء من العشائر من الوصول إلى المؤتمر الذي يعقد في مدينة دير حافر بريف حلب الشرقي. وذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام أن 70 عشيرة وقبيلة شاركت في "المهرجان الشعبي الجماهيري" في منطقة دير حافر الذي عُقد تحت عنوان "العشائر السورية ضد التدخّل الأجنبي والأميركي في الداخل السوري".
يأتي ذلك، بالتزامن مع حديث تقارير إعلامية عن تحضيرات تجري في أروقة النظام، لإصدار قرار بشأن توجّه يعمد النظام من خلاله لاحقاً إلى حل كل المليشيات الموالية له بناء على طلب روسي.
اقــرأ أيضاً
وبعدما شكّلت المرحلة الماضية غلبة للتفاهمات متعددة الأطراف، تحديداً عبر مسار أستانة الذي استطاع الروس فرضه وأفضى إلى التوصل لمناطق خفض التصعيد، تشهد المرحلة الحالية تركيزاً على المشاورات ثنائية الأطراف، فيما تبدو تركيا حاضرة فيها كلها لأكثر من اعتبار، خصوصاً أنها تمتلك نفوذاً أو خطوطاً في المناطق المتبقية خارج نطاق التفاهمات المنجزة.
وأثمرت التفاهمات التركية الروسية عن انسحاب قوات النظام السوري من مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، على أن يتم تسليم المدينة قريباً إلى أهلها، بانتظار أن تحسم التفاهمات التركية-الأميركية خلال اجتماع، يُعقد بين الطرفين اليوم الإثنين في واشنطن، مصير مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، وسط تحركات من جانب النظام لمد نفوذه شرقي البلاد، خصوصاً بعد تصريحات رئيس النظام بشار الأسد الأخيرة التي خيَّر فيها "قوات سورية الديمقراطية" بين التفاهم أو الحرب، وهي مواقف كررها وزير خارجيته وليد المعلم.
وأشار مراقبون إلى أن الانسحاب من تل رفعت جاء بعد تفاهمات روسية-تركية على تسليم المنطقة إلى فصائل الجيش السوري الحر في وقت لاحق، وكانت تركيا قد أعلنت مراراً نيّتها استعادة المنطقة وتسليمها إلى أهلها.
وكانت مليشيات "القوات الشعبية"، التابعة للنظام، قد استلمت إدارة مدينة تل رفعت وبلدة دير جمال وعدة قرى شمال مدينة حلب، من "وحدات حماية الشعب" الكردية، بينما يطالب الأهالي النازحون من منطقة تل رفعت، وبشكل مستمر، فصائل الجيش السوري الحر والجيش التركي، ببدء عملية عسكرية لاستعادة منطقتهم التي سيطرت عليها "وحدات حماية الشعب" في فبراير/شباط من عام 2016.
في السياق نفسه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن عناصر وضباط القوات الإيرانية والقوى الموالية لها انسحبوا من منطقة تل رفعت ومحيطها، بعد خلافات مع روسيا حول مشاورات روسية-تركية لتسليم المنطقة إلى القوات التركية والمعارضة السورية، مقابل انسحاب فصائل المعارضة من مثلث غرب جسر الشغور - سهل الغاب - ريف اللاذقية الشمالي الشرقي. وفي سياق هذه التفاهمات كما يبدو، ذكرت مصادر محلية أن "وحدات حماية الشعب" الكردية بدأت في الأيام القليلة الماضية الانسحاب بشكل تدريجي من المواقع القليلة التي تبقّت لها في ريف حلب الشمالي.
وتأتي هذه التطورات عشية اجتماع من المقرر أن يُعقد، اليوم الإثنين، في واشنطن بين وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو ونظيره الأميركي مايك بومبيو، للبت في مستقبل مدينة منبج شمال شرق محافظة حلب الخاضعة لإدارة "قوات سورية الديمقراطية".
وفي خطوة لافتة، زار وفد من المعارضة السورية مدينة منبج. وقالت مصادر محلية إن الوفد، الذي ضم كلاً من رئيس حركة "التجديد الوطني" عبيدة النحاس، والإداريين أنس طعمة ومحمد السرميني، دخل عن طريق معبر جرابلس في ريف حلب الشمالي.
كذلك زار وفد من المعارضة المقربة من النظام السوري مدينة القامشلي الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية شمال شرق سورية. وقال مسؤول كردي، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة "فرانس برس"، إن الزيارة تتم بالتشاور مع النظام السوري وتأتي في سياق محاولات النظام الحصول على مكسب سياسي في المنطقة بعدم إعطاء التحالف الدولي الشرعية لوجوده في الشمال السوري، مضيفاً أن الوفد يحاول القيام بدور الوسيط بين الإدارة الذاتية والأحزاب الكردية من جهة، والنظام السوري من جهة ثانية.
وكان الأسد قد قال الخميس الماضي إن أمام "قوات سورية الديمقراطية" المدعومة من التحالف الدولي خيارين: المفاوضات أو الحرب. وتعليقاً على ذلك، قالت عضو الوفد الذي زار القامشلي، ميس كريدي: "من حسن حظنا أن الزيارة نضجت بالتزامن مع هذه التصريحات، لأنه لا بد من البناء على ورقة سياسية، وهذه التصريحات يجب أن تُفهم على أنها دفع باتجاه عملية سياسية".
يأتي ذلك، بالتزامن مع حديث تقارير إعلامية عن تحضيرات تجري في أروقة النظام، لإصدار قرار بشأن توجّه يعمد النظام من خلاله لاحقاً إلى حل كل المليشيات الموالية له بناء على طلب روسي.