كان الوضع السوري إحدى الأدوات المشينة التي يستخدمها الإعلام المصري للدفع ضد الحراك المصري الثائر على السيسي، الرئيس المنقلب على الحكم الشرعي. كان الوضع السوري موضع الشماتة، بالموازاة مع الوضع المستقر تحت عنف العسكر في مصر.
لم يتوان أي إعلامي مصري عن جعل سورية مثالاً قذراً، يضعونه على طاولاتهم للمراهنة على قائد عسكري أنهى الحياة السياسية والاجتماعية في مصر نهائياً. ولا يتعاطف أحد مع السوريين، بل ينطلق الإعلام المصري من لهجة شبه عنصرية، فيها تفوق مُستعار من خطاب العسكر المصري. هذا ما لم نتحدث عن الخطاب الاستنتاجي الذي يجعل كل حركة شعبية تواجه نظامها بأنها مشروع فوضى، وذات خلفية إسلامية تكفيرية بالضرورة، ويتم استنطاق أي حركة تحارب النظام في بلادها بوصفها مشروعاً لضرب جيش البلاد. فالجيش المصري أصبح مثالاً قياسياً لفحص أوضاع العالم على مقاسه.
في تسارعٍ للأحداث أوقف السعوديون شراء الخضار والفاكهة من مصر، وأوقفوا تصدير النفط في وقت لاحق - منحة 700 الف طن شهرياً ــ توازى هذا مع وقوف مصر مع مشروع القرار الروسي في جلسة مجلس الأمن الخاصة بالحرب القائمة في سورية. توجيه السفير السعودي في الأمم المتحدة لنقدٍ شديد اللهجة لدولة مصر على موقفها من الشأن السوري، ووقوفها بجانب مشروع الدولة الروسية التي احتكرت الأرض السورية وقراراها السيادي وضربت شعبها بأقوى القذائف النارية القاتلة.
ورداً على التوبيخ، والهجوم الإعلامي الواسع من مواطني الوطن العربي عموماً، ومواطني السعودية خاصة على الموقف المصري، شن الإعلام المصري حملة مضادة، لكنها لم تكن في وجه السعودية دفاعاً عن الشأن المصري العام، بل بتوكيد المثال القذر للوضع السوري. ولأن الإعلام المصري إعلام نمطي فلا داعي لتحديد هوية المتوحش الذي يصطاد دم السوريين، فكلهم سواسية، من إبراهيم عيسى إلى لميس الحديدي. التعددية الإعلامية الزائفة ليست إلا توسعا وتعددا للمؤسسات الإعلامية المُلقنة من العسكر. والساذج البديهي أن مواضيع القنوات المصرية تتشابه كلها في اليوم الواحد، والكلُ يستخدم السوريين ووضعهم التفصيلي مبرراً للوقوف في وجه موقف السعودية المُندد والمهاجم للانحناء المصري للإرادة الروسية. إبراهيم عيسى وصفَ المعركة في سورية، إلى ضدين متخاصمين هما النصرة والجيش السوري، ولم يذكر الشعب المُراق دمه تحت عنف الضربات الروسية، أو طبيعة وتكوين الجيش السوري المُقاد طائفياً، خلافاً لكل جيوش الأرض واستحكاماتها. في ذهنية الإعلام المصري، على جميع البلدان أن تخضع بشكل أو بآخرٍ لإرادة العسكر أينما وجدوا، بدلالة جيش مصر ومثاله الحي رغم كل فشله. يتناول الإعلام المصري زاوية المثال السورية من باب انفجار مجموعات إسلامية بوجه الدولة، دون أدنى دراية بحثية للشأن السوري بتفاصيله، فالجميع ذكر أسماء الكتائب الإسلامية المقاتلة مع المعارضة، دون ذكر الكتائب الإيرانية والعراقية واللبنانية التي تقاتل مع الجيش النظامي، أو يقومون بذكر داعش، وإلحاق السعودية في دعمه، دون ذكر تفاصيل لوجستية عن انتشار داعش أو مقاومته.
يُصور الإعلام المصري سورية كمثال ضد شعب مصر أيضاً، دافعين إياه للاستكانة خوفاً من هبوط المثال على الشعب المصري، فليس خطأ أن يمتلك الإنسان خوفاً أصيلاً في تكوينه، بل الخطأ الكارثي أن يكون التخويف سلاحاً لا يتوقف وبأدوات يجعلونها قذرة إلى حد مهين لكل سوري يتابع الإعلام المصري.
سورية في وضع سيئ وكارثي، لكن هذا الشعب لا يحتاج إلى إهانة يومية من إعلام مصر أو أي إعلام آخر، ذلك من أجل عداء مفتعل مع السعودية. حيوات السوريين الصعبة لا يليق تجاهها إلا التعاطف، وفتح أبواب البحث المعرفي والإنساني لفهم العالم الذي سمح بوصولهم لهذا الدرك، لا أن يصبحوا مثالاً قذراً لتبييض حكم العسكر وذكر فضائله.
اقــرأ أيضاً
لم يتوان أي إعلامي مصري عن جعل سورية مثالاً قذراً، يضعونه على طاولاتهم للمراهنة على قائد عسكري أنهى الحياة السياسية والاجتماعية في مصر نهائياً. ولا يتعاطف أحد مع السوريين، بل ينطلق الإعلام المصري من لهجة شبه عنصرية، فيها تفوق مُستعار من خطاب العسكر المصري. هذا ما لم نتحدث عن الخطاب الاستنتاجي الذي يجعل كل حركة شعبية تواجه نظامها بأنها مشروع فوضى، وذات خلفية إسلامية تكفيرية بالضرورة، ويتم استنطاق أي حركة تحارب النظام في بلادها بوصفها مشروعاً لضرب جيش البلاد. فالجيش المصري أصبح مثالاً قياسياً لفحص أوضاع العالم على مقاسه.
في تسارعٍ للأحداث أوقف السعوديون شراء الخضار والفاكهة من مصر، وأوقفوا تصدير النفط في وقت لاحق - منحة 700 الف طن شهرياً ــ توازى هذا مع وقوف مصر مع مشروع القرار الروسي في جلسة مجلس الأمن الخاصة بالحرب القائمة في سورية. توجيه السفير السعودي في الأمم المتحدة لنقدٍ شديد اللهجة لدولة مصر على موقفها من الشأن السوري، ووقوفها بجانب مشروع الدولة الروسية التي احتكرت الأرض السورية وقراراها السيادي وضربت شعبها بأقوى القذائف النارية القاتلة.
ورداً على التوبيخ، والهجوم الإعلامي الواسع من مواطني الوطن العربي عموماً، ومواطني السعودية خاصة على الموقف المصري، شن الإعلام المصري حملة مضادة، لكنها لم تكن في وجه السعودية دفاعاً عن الشأن المصري العام، بل بتوكيد المثال القذر للوضع السوري. ولأن الإعلام المصري إعلام نمطي فلا داعي لتحديد هوية المتوحش الذي يصطاد دم السوريين، فكلهم سواسية، من إبراهيم عيسى إلى لميس الحديدي. التعددية الإعلامية الزائفة ليست إلا توسعا وتعددا للمؤسسات الإعلامية المُلقنة من العسكر. والساذج البديهي أن مواضيع القنوات المصرية تتشابه كلها في اليوم الواحد، والكلُ يستخدم السوريين ووضعهم التفصيلي مبرراً للوقوف في وجه موقف السعودية المُندد والمهاجم للانحناء المصري للإرادة الروسية. إبراهيم عيسى وصفَ المعركة في سورية، إلى ضدين متخاصمين هما النصرة والجيش السوري، ولم يذكر الشعب المُراق دمه تحت عنف الضربات الروسية، أو طبيعة وتكوين الجيش السوري المُقاد طائفياً، خلافاً لكل جيوش الأرض واستحكاماتها. في ذهنية الإعلام المصري، على جميع البلدان أن تخضع بشكل أو بآخرٍ لإرادة العسكر أينما وجدوا، بدلالة جيش مصر ومثاله الحي رغم كل فشله. يتناول الإعلام المصري زاوية المثال السورية من باب انفجار مجموعات إسلامية بوجه الدولة، دون أدنى دراية بحثية للشأن السوري بتفاصيله، فالجميع ذكر أسماء الكتائب الإسلامية المقاتلة مع المعارضة، دون ذكر الكتائب الإيرانية والعراقية واللبنانية التي تقاتل مع الجيش النظامي، أو يقومون بذكر داعش، وإلحاق السعودية في دعمه، دون ذكر تفاصيل لوجستية عن انتشار داعش أو مقاومته.
يُصور الإعلام المصري سورية كمثال ضد شعب مصر أيضاً، دافعين إياه للاستكانة خوفاً من هبوط المثال على الشعب المصري، فليس خطأ أن يمتلك الإنسان خوفاً أصيلاً في تكوينه، بل الخطأ الكارثي أن يكون التخويف سلاحاً لا يتوقف وبأدوات يجعلونها قذرة إلى حد مهين لكل سوري يتابع الإعلام المصري.
سورية في وضع سيئ وكارثي، لكن هذا الشعب لا يحتاج إلى إهانة يومية من إعلام مصر أو أي إعلام آخر، ذلك من أجل عداء مفتعل مع السعودية. حيوات السوريين الصعبة لا يليق تجاهها إلا التعاطف، وفتح أبواب البحث المعرفي والإنساني لفهم العالم الذي سمح بوصولهم لهذا الدرك، لا أن يصبحوا مثالاً قذراً لتبييض حكم العسكر وذكر فضائله.