وتحدّث "المرصد السوري لحقوق الإنسان" عن وقوع اشتباكات قرب معبر تل أبيض الحدودي، بين مقاتلين من "وحدات حماية الشعب" الكردية من جهة وعناصر من الجيش التركي من جهة أخرى، بعد منتصف ليل الأحد ــ الإثنين، بينما ذكرت مصادر أخرى، أن "الاشتباكات التي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، كانت مع مسلّحين حاولوا عبور الحدود".
ومع عدم صدور بيانات رسمية عن الجانبين التركي أو الكردي، ذكر أحد المواطنين في تل أبيض لـ"العربي الجديد"، أنه "من غير المعروف تحديداً طبيعة هذه الاشتباكات، لكن من المعتاد سماع أصوات اطلاق نار في كل الأوقات". وأشار إلى أن "القوات الكردية في المنطقة تعيش حالة استنفار دائمة، منذ الخرق الأخير الذي قام به تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) داخل المدينة نهاية الشهر الماضي".
وفيما منعت الحكومة التركية مواطنيها من دخول سورية، شددت من إجراءات دخول المواطنين السوريين، ولم تعد تسمح سوى لحملة الجوازات الرسمية الصالحة بالدخول، بينما كانت تسمح سابقاً لحملة البطاقات الشخصية أو أصحاب الجوازات منتهية الصلاحية.
وفي إطار التشديد على الحدود، أغلقت السلطات التركية الحدود بشكل مُحكم منذ ما قبل انتخابات 7 يونيو/حزيران الماضي بدعوى الإجراءات الأمنية، لكن الحدود ما تزال مغلقة حتى الآن تقريباً، ويمنع الدخول إلا للحالات الاستثنائية. وبالنسبة للدخول غير النظامي، الذي كان نشطاً في الفترة الماضية بسبب تساهل السلطات التركية، فقد بات الآن شبه متوقف وفقاً لما ذكر الصحافي السوري أمين محمد، المقيم في منطقة حدودية لـ"العربي الجديد".
اقرأ أيضاً: معركة الزبداني... بحث عن انتصار إعلامي
وأوضح محمد أن "القوات التركية المكلفة بحراسة الحدود لم تعد تتردد بإطلاق النار على من يحاولون عبور الحدود، حتى أن العديد منهم قُتلوا خلال الأيام الماضية، ومنهم قائد أحد الكتائب العسكرية". وأشار إلى أن "هذه الإجراءات تستهدف كما يبدو وقف دخول السوريين إلى تركيا، وربما لتجميعهم في مرحلة لاحقة داخل الأراضي السورية ضمن المنطقة الآمنة، التي تفكر تركيا في إقامتها". واعتبر أن "هذا السلوك يتنافى مع التصريحات التركية الرسمية، التي تتبنّى سياسة الباب المفتوح وتسمح للاجئين بالعبور إلى أراضيها". إلا أن مسؤولين أتراك يبررون سبب التشدد من قبل عناصر حرس الحدود، بـ"ازدياد حالات تهريب السلاح والحشيش الذي نشطت زراعته في بعض أرياف المنطقة الشمالية الشرقية من سورية، في ظل الحرب التي تعيشها البلاد".
وحتى قبيل الانتخابات التركية الأخيرة، كان المئات يعبرون يومياً الحدود التي يبلغ طولها قرابة 900 كيلومتر، بعلم أو تغاضٍ من جانب السلطات التركية. لكن في الآونة الأخيرة كثّفت وحدات من الجيش التركي دورياتها الجوّالة، مدعومة بالآليات على طول الشريط الحدودي مع سورية، لمنع دخول المتسللين غير الشرعيين.
وذكرت صحف تركية أخيراً، أن "أنقرة تعتزم بناء جدار اسمنتي على طول الحدود مع سورية، بهدف منع عمليات التهريب وتسلّل المسلحين". ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "ملييت"، فإن "الجدار الجديد يبلغ ارتفاعه 3.5 أمتار، وسيتم شق طريقٍ موازٍ له داخل الأراضي التركية". وقالت الصحيفة إن السور سيزود بسياج وكاميرات مراقبة على أطراف المدن التركية المحاذية للحدود السورية، وهي هاتاي وكليس وغازي عنتاب وشانلي أورفا، مقدرة تكلفته بنحو عشرة ملايين دولار.
وفي الأيام الأخيرة، أرسلت هيئة الأركان التركية مزيداً من التعزيزات إلى ولاية كيليس الحدودية، تضمّنت بطاريات مضادة للصواريخ ومدفعية ثقيلة، قُدّمت من مدرسة المدفعية بأنقرة بمرافقة الاستخبارات التركية. ومن المقرر وضع البطاريات بمحيط منطقتي أونجو بينار وألبيلي الحدوديتين مع سورية، وذلك لردع أي اعتداء صاروخي محتمل من الجانب السوري.
وكانت القوات المسلّحة التركية أعلنت أنها أكملت استعداداتها لمواجهة أي اعتداء محتمل، أو لتنفيذ عملية برية داخل الأراضي السورية من أجل إقامة منطقة عازلة، وذلك لمواجهة خطر "داعش"، ومنع إقامة كيان كردي مستقل في المنطقة الشمالية لسورية، والذي يعمل عليه حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، بدعم من طائرات التحالف الدّولي.
وتأتي هذه التعزيزات، على الرغم نفي رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أن يكون هدف الاستعدادات على الحدود اجتياح الأراضي السورية. لكن الجيش التركي دعا قادة القوات المنتشرة على طول الحدود مع سورية إلى اجتماع الأسبوع المقبل، لبحث إمكانية تنفيذ عملية عسكرية في سورية، وفقاً لما ذكرت صحيفة "حرييت" التركية.
وحسب مصادر تركية، فإنّ المجتمعين سيبحثون خططاً لاقتحام الأراضي السورية في حال تمّ إقرار ذلك، إضافة إلى وضع خطة لإدخال 400 عربة ناقلة للجنود إلى الأراضي السورية، وكيفية حماية هذه العربات من المواد المتفجرة والألغام المزروعة من قِبل "داعش". ورجّح مراقبون أن يقتصر التدخل التركي إن حصل، على حماية تركمان شمالي سورية وتحذير الأكراد بعدم المساس بالمصالح التركية، خصوصاً لجهة التفكير بإنشاء كيان كردي على الحدود التركية.
إلا أن مصادر عسكرية تركية، نفت لوكالة "الأناضول" صحّة الادعاءات القائلة باستدعاء قادة الوحدات الحدودية والكوماندوز (القوات الخاصة) إلى مقر رئاسة الأركان، على خلفية التطورات في الجانب السوري من الحدود. مؤكدة أنه "لم يجر عقد أي اجتماع مثلما ذكرت الادعاءات، وأنه لا يوجد مخطط بهذا الخصوص".
اقرأ أيضاً: أفكار أميركية لسورية لا تغضب تركيا ولا ترفضها المعارضة