عقدت فصائل مسلحة معارضة في جنوب دمشق، صلحاً مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الموجود في المنطقة، وذلك بعد عدة أشهر من الاقتتال وحصار الأخير في حي الحجر الأسود. وأوضح ناشطون أن المخاوف من تعرّض الحي إلى ضربات من قبل التحالف الدولي، هو السبب الرئيسي الذي دفع الطرفين إلى الصلح.
وقال محمد الشامي، ناشط من جنوب دمشق، لـ"العربي الجديد"، إن "مئات العائلات نزحت من حي الحجر الأسود، جنوب دمشق، خلال الأيام الأخيرة، إلى مخيم اليرموك وحي القدم، جراء المخاوف من تعرض الحي إلى القصف من قبل التحالف الدولي، وخاصة أن الحي يعتبر المعقل الأكبر للتنظيم جنوب دمشق".
وأعرب عن اعتقاده أن "هذه المخاوف هي التي دفعت بالفصائل التي تحاصر داعش إلى الانسحاب من الحجر الأسود، عقب اتفاق بعدم عودة التنظيم إلى قتال هذه الفصائل، في حين كان التنظيم أصدر أخيراً بياناً يتعهّد فيه بعدم تكفير المسلمين ضمن حدود الله، الأمر الذي اعتبر حينها أنه حمّال أوجه، وطالبوه ببيان أكثر وضوحاً".
ولفت إلى أن "الفصائل نصبت حواجز على أطراف الحي باتجاه القدم ويلدا، لمنع انتقال عناصر التنظيم إلى تلك الأحياء، في حين لا تزال الأجواء في حالة ترقّب".
من جهته، قال الناشط زهير العبد، من جنوب دمشق، إن "تنظيم الدولة في جنوب دمشق يختلف عمّا هو في شمال سورية، فمعظم أعضاء التنظيم هم سوريون من أبناء القنيطرة، ولا أجانب بينهم، منهم الكثير مَن يدخنون، مثلاً، ما يدلّ على عدم التزامهم بتشريعات التنظيم، والفصائل التي تقاتله هي كتائب شام الرسول وأجناد الشام ولواء الأمة الواحدة وألوية أبابيل حوران وجبهة ثوار سوريا، المكوّنة من سوريين، ومعظم الذين على خط النار مع التنظيم هم من أبناء القنيطرة، هذا ما خفّف من شراسة المعارك".
وأوضح أن "المفاوضات بدأت بين الطرفين قبل وجود التحالف، بوساطة مدنيين وجبهة النصرة وحركة أحرار الشام، في حين سبق هذا الصلح أربع محاولات لكن لم يكتب لها النجاح"، معتبراً أن "التحالف الدولي وقصفه للمدنيين وبعض الفصائل المعادية لـ"داعش"، دفع هذه المرة لإنجاز الصلح، إذ إن المزاج العام هو ضد التحالف، بل ويعتبره هجوماً على السنّة، وخدمة مجانية لبقاء النظام".
يشار إلى أن "داعش" هاجم عناصر من الكتائب المعارضة العاملة في جنوب دمشق قبل أشهر، الأمر الذي قابلته تلك الكتائب بمهاجمة مقار التنظيم، وتوقيف عدد من عناصره، ومصادرة أسلحة وأموال كانت في مقراته، وطرده إلى الحجر الأسود، الذي يقيم فيه نحو 16 ألف شخص، في وقت يخضع الأخير، إلى جانب عدة أحياء منها مخيم اليرموك والقدم والعسالي والتضامن، إلى حصار خانق منذ نحو عام وتسعة أشهر، ما تسبّب في تدهور الوضع الإنساني بشكل كبير، حيث قضى عشرات الأشخاص فيها جوعاً.