تعرض حي جوبر الدمشقي، أمس الأربعاء، لقصف بالغازات السامة من قبل قوات النظام السوري، ما أدى لمقتل ثلاثة أشخاص وأصيب سبعة أخرين، بحسب ما أفاد ناشطون من الغوطة الشرقية.
يأتي استخدام النظام مجدداً للغازات السامة، بالتزامن مع الذكرى السنوية لمجزرة الكيماوي في بلدات الغوطة الشرقية والمعضمية في ريف دمشق، فجر يوم 21 أغسطس/آب عام 2013، والتي راح ضحيتها بحسب مكتب توثيق ملف الكيماوي في سورية 1722 شخصاً، موثقين بالرقم والمكان غالبيتهم من النساء والأطفال.
ليست هجمات أمس الوحيدة بعد موافقة النظام على تسليم مخزونه من السلاح الكيماوي، فسبق للنظام أن قصف بلدتي كفر زيتا واللطامنة في ريف حماه بمادة الكلور في أبريل/نيسان الماضي.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، عرض ناشطون تسجيلات مصورة تظهر ثلاث إصابات تم نقلها من منطقة جوبر. ووصف بيان صادر عن مستشفى عربين الجراحي، أعراض المصابين، ما تؤكد تعرضهم لغازات سامة.
وتتكرر هذه الهجمات الصغيرة نسبياً بين الحين والآخر، والتي يتغاضى عنها المجتمع الدولي، وخصوصاً بعد امتداح النظام من قبل عدد من زعماء الدول الغربية، ومن قبل الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لامتثاله لقرار مجلس الأمن بتسليم كامل المخزون المصرح به، والتعاون لنقله خارج البلاد لتدميره.
غير أن مراقبين يلفتون إلى أن هناك نقطة ضعف رئيسية في الاتفاق، معتبرين أن الأسلحة التي اعترف بها النظام، هي فقط التي تم الخلص منها. ومن المحتمل أن كميات إضافية يحتفظ بها في مخابئ سرية، تكفي لقتل كل السوريين، ويرجح نقل جزء آخر من مخزونه إلى "حزب الله" اللبناني، شريكه في القتال.
ويلفت متابعون للملف الكيماوي السوري إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد، يحاول الالتفاف على قرار مجلس الامن الذي امتثل له، باستخدام غاز "الكلور"، كمادة كيماوية صناعية شائعة وغير مدرجة على قائمة المواد الكيماوية المحظورة، مع العلم أن استخدامها كسلاح مازال ينتهك بنود معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية.
ويلاحظ تكرار قوات النظام لاستخدام "الكلور" في حي جوبر الدمشقي، الذي يشهد اشتباكات بين الحين والآخر، ويتم قصفه بمختلف أنواع الأسلحة، وتوصف المعارك على تخومه بـ"الصعبة"، بسبب تمرس المقاتلين، وإفشالهم محاولات النظام المتكررة لاقتحامه.
وتكمن أهمية حي جوبر، كونه يُشرف على عدد من أحياء دمشق التي تحتوي مراكز أمنية ومقرات حكومية، ويمكن لقذائف المعارضة أن تطالها، وكونه يعتبر بوابة العبور إلى عمق الغوطة الشرقية التي هي خارج السيطرة وتتمركز فيها فصائل المعارضة المسلحة.
ويفيد ناشطون بتكثيف النظام للغارات الجوية على الحي، خصوصاً بعد السيطرة على بلدة المليحة، في محاولة للإطباق على مقاتلي المعارضة داخل الغوطة الشرقية عبر تكتيك "فكي الكماشة"، ولاحظوا أن قوات النظام، استخدمت أخيراً، الاسلوب القتالي نفسه للمعارضة. فقد دفعت بعدد من عناصرها عبر أنفاق قامت بحفرها، وفجرت عدد من الابنية، بهدف كشف المناطق التي يتحصن بها مقاتلو المعارضة.
في سياق متصل، نظم معارضون عريضة للتوقيع تتهم النظام بالاستمرار في استخدام الأسلحة المحظورة دولياً ضد الشعب السوري، وتطالب بتحويل المسؤولين إلى محكمة الجنايات الدولية.
وناشد المعارضون في عريضتهم التي تحمل تواقيع أكثر من ألف سوري، المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، فاتو بينسودا، بالتحرك لإجراء تحقيقاتها وإحالة ممثلي النظام السوري إلى المحكمة، ابتداءً من رأس النظام وانتهاءً بكل من شارك بإصدار وتنفيذ الأوامر في ضرب الشعب بالأسلحة المحظورة دولياً، وكذلك التحقيق فيما إذا كان لـ"الحرس الثوري" الايراني أو لـ"حزب الله" دور في هذه الجريمة وإحالتهم للمحكمة، أيضاً.
مقتل رئيس أركان إدارة الدفاع الجوي
في غضون ذلك، افاد مصدر مطلع في "ألوية الحبيب المصطفى"، لـ"العربي الجديد"، أن مقاتلي المعارضة تمكنوا من قتل رئيس أركان إدارة الدفاع الجوي، اللواء عدنان عمران، والذي تم تعيينه، أخيراً، وذلك خلال الاشتباكات الدائرة في جبهة المليحة.
من جهته، وصف المرصد السوري لحقوق الانسان، الضابط المقتول بأنه "رفيع المستوى" ويعد من أبرز قادة الدفاع الجوي في سورية. وكشف أنه قتل مع ثلاثة من مرافقيه، جراء إصابتهم في انفجار لغم أرضي، أثناء تفقده للمنطقة الواقعة بين بلدتي المليحة وزبدين في الغوطة الشرقية.
وكان مقاتلو المعارضة تمكنوا من قتل قائد الدفاع الجوي في جيش النظام، اللواء حسين إسحاق، الذي توفي في الـ18 من شهر مايو/أيار الماضي، متأثراً بجراح أصيب بها خلال اشتباكات مع "جبهة النصرة" والكتائب الإسلامية في المليحة في الغوطة الشرقية.
وكانت قوات النظام بمساندة من قوات الدفاع الوطني و"حزب الله" اللبناني قد سيطرت الأسبوع الماضي على بلدة المليحة بالكامل، عقب اشتباكات عنيفة استمرت لأشهر مع مقاتلي الكتائب الإسلامية و"جبهة النصرة".