واستعادت كتائب الثوار معظم النقاط التي تسللت إليها قوات النظام السوري، الجمعة الماضي، شمالي حلب، في محاولة منها للتمدد نحو الغرب بهدف الوصول إلى منطقة "الكاستيللو"، وفرض حصار كامل على مناطق سيطرة الثوار شمالي وشرقي مدينة حلب.
وتمكنت كتائب "الجبهة الاسلامية" و"جيش المجاهدين" من استعادة منطقة مزارع الملاح الواقعة إلى الشرق مباشرة من مدينة حريتان الاستراتيجية، بعد أن استطاعت مجموعات من القوات الخاصة التابعة للنظام السوري، مدعومة بمقاتلين يحملون جنسيات أجنبية، الوصول إلى منطقة المزارع المطلّة مباشرة على طريق "الكاستيللو".
وكانت مجموعات صغيرة من قوات النظام تمكنت من التسلل إلى مزارع الملاح المليئة بمقرات وحواجز كتائب الثوار، ليسقط عناصر المجموعات المتسللة إلى هذه المنطقة بين قتيل وأسير في يد كتائب الثوار بعد اشتباكات استمرت ساعات في المنطقة.
وقد بث نشطاء محليون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تظهر قتلى وأسرى قوات النظام في المنطقة بعد تمشيط قوات الثوار لها، كما بثوا صوراً تظهر أوراقاً ثبوتية عائدة لمقاتل إيراني الجنسية تمكنت كتائب الثوار من قتله أثناء الاشتباكات، وصوراً لمقاتل تظهر عليه الملامح الآسيوية تمكنت كتائب الثوار من أسره في المنطقة، قائلين إنه مقاتل يحمل الجنسية الأفغانية يقاتل مع قوات النظام.
وكانت قوات النظام قد قامت في وقت سابق من يوم الجمعة، بعملية تسلل من منطقة السجن المركزي نحو كتيبة الدفاع الجوي الواقعة إلى الشمال من بلدة حندارات، عبر تلال وعرة تقع إلى الشرق من السجن، لتتمكن بعد اشتباكات عنيفة من السيطرة على الكتيبة، التي كانت تتمركز فيها قوات تابعة لجيش "المهاجرين والأنصار"، الذي أضافته الولايات المتحدة إلى قائمة الإرهاب أخيراً.
ويبدو أن خفض عدد عناصر "جيش المهاجرين والأنصار" في المنطقة خوفاً من استهداف طيران التحالف الدولي لهم، ساهم في تمكّن قوات النظام من التقدم في المنطقة، ذلك أن قوات النظام حاولت خلال الأشهر الثلاثة الماضية التقدم في المنطقة الواقعة إلى الشمال من بلدة حندارت، من دون فائدة بسبب المقاومة العنيفة من كتائب الثوار المتمركزة في المنطقة.
وكانت مجموعة من قوات النظام قد نجحت أيضاً بالتسلل نحو الطريق الواصل بين بلدتي سيفات وباشكوي عبر نفق حفرته في المنطقة، لتنصب حاجزاً على الطريق الواصل بين البلدتين الواقعتين تحت سيطرة كتائب الثوار، وتقوم باعتقال المدنيين الذين مروا على الطريق أثناء وجود قوات النظام عليه.
ودفع ذلك قوات الثوار المتمركزة في بلدة سيفات إلى الانسحاب شمالاً نحو مناطق سيطرتها في مدرسة المشاة والمنطقة الحرة ومحيطهما خوفاً من وقوعهم تحت حصار قد تفرضه قوات النظام، قبل أن تعلن حركة "فجر الشام" التابعة لجبهة "أنصار الدين" عن تمكنها من تفجير النفق الذي استخدمته قوات النظام في عملية التسلل من السجن المركزي نحو المنطقة، دون أن تعلن الحركة عن استعادتها لبلدة سيفات.
وحاولت قوات النظام بعد ذلك التقدم من النقاط الجديدة التي سيطرت عليها في المنطقة نحو بلدة باشكوي غرباً، إلا أن تعزيزات كبيرة جلبتها كتائب الثوار إلى المنطقة تمكنت من صدّ هجوم قوات النظام، وأكد الناشط، يزن الشمالي، لـ"العربي الجديد"، أن قوات "حركة حزم"، تمكنت من "تدمير دبابة وناقلة جنود تابعتين لقوات النظام بصاروخين من نوع تاو، إثر محاولتهما التقدم غرباً نحو بلدة باشكوي".
كذلك حاولت قوات النظام التقدم جنوباً من كتيبة الدفاع الجوي الواقعة إلى الشمال من بلدة حندرات، وتمكنت من الدخول إلى بلدة حندرات والسيطرة عليها بالكامل، قبل أن تحاول الدخول إلى مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين، والواقع إلى الجنوب من البلدة، لكن قوات الثوار المتمركزة في المخيم تمكنت من صد قوات النظام، قبل أن تتمكن من استعادة بعض النقاط التي سيطرت عليها قوات النظام في حندرات.
وسعت قوات النظام من خلال هجومها على نقاط كتائب الثوار في المنطقة على ثلاث محاور إلى تشتيت قوات الثوار، لتتمكن من إحداث الفوضى في صفوفهم وبالتالي اضعاف قدرتهم على التصدي للهجوم الكبير والمفاجئ الذي شنّته القوات.
ونجحت قوات النظام السوري في تحقيق مرادها على الجبهة الواقعة إلى الشمال الشرقي من سجن حلب المركزي الذي تسيطر عليه، وتمكنت من السيطرة على بلدة سيفات وعلى أجزاء من الطريق الذي يصلها ببلدة باشكوي الأمر الذي أدى إلى إغلاق طريق "حلب ـ حندرات ـ سيفات" الذي كانت تستخدمه كتائب الثوار والمدنيون المقيمون في الأجزاء التي تسيطر عليها كتائب الثوار في مدينة حلب.
لكن قوات النظام لم تتمكن من السيطرة على منطقة الملاح الواقعة إلى الشرق من مدينة حريتان، ذلك أن سيطرتها على هذه المنطقة تعني تمكن قوات النظام من رصد طريق "حلب ـ الكاستيللو" في الريف الشمالي، الذي يعتبر خط الامداد الوحيد المتبقي لقوات الثوار في المدينة.
وتبدو بشكل واضح محاولات قوات النظام للتقدم في المنطقة بهدف فرض حصار على المناطق الواقعة تحت سيطرة كتائب الثوار في مدينة حلب، وتسعى قوات النظام أيضاً إلى التقدم شمالاً عبر سيطرتها على بلدة سيفات ومحاولتها التقدم نحو بلدة باشكوي، لتفكر في المرحلة التالية بالسيطرة على بلدة بيانون الواقعة إلى الشرق مباشرة من بلدتي نبّل والزهراء المواليتين للنظام والمحاصرتين برياً من قبل كتائب الثوار منذ أكثر من سنتين.
وستزيد سيطرة قوات النظام على مناطق جديدة من الطريق الواصل بين سيفات وبيانون في شمال حلب خريطة العمليات في المنطقة تعقيداً، ذلك أن قوات النظام ستتمكن في حال نجحت في التقدم على هذا المحور من فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء، وستتمكن في الوقت نفسه من فصل الريف الشمالي لحلب، والذي يعتبر الحاضن الأكبر لكتائب الثوار، عن مدينة حلب بشكل كامل.