انتقل النظام السوري ورأسه إلى مرحلة المجاهرة بالقتل، من دون الحاجة لإخفاء جريمته، بما أن استباحة السوريين أصبحت أمراً عادياً بالنسبة للعالم. هكذا، تمرّ الإعلانات الرسمية المتتالية من دمشق عن موت آلاف المعتقلين السوريين في سجون النظام، نتيجة حالات صحية مثلاً أو بـ"قنص الإرهابيين" (وهم داخل الاعتقال)، من دون صدور اعتراض عالمي واحد، أو دعوة واحدة لمعاقبة المجرم، إفساحاً في المجال أمام نظام بشار الأسد للتخلص من عبء ملف المعتقلين البالغ عددهم مئتي ألف في سجونه.
وحدها مدينة داريا سجلت اعتراف النظام بقتله ألفاً من أبنائها قبل أيام، من أصل 2809 اعتقلوا من المدينة منذ بداية الثورة السورية في عام 2011، تم توثيق 68 منهم قضوا تحت التعذيب وتم إبلاغ ذويهم بوفاتهم قبل صدور القائمة الأخيرة، التي تضم نحو ألف معتقل تمت توفيته.
داريا تلتها مدن سورية عدة تحولت أسماء الآلاف من أبنائها في سجلات القيد المدني من "أحياء" إلى "أموات"، تحت التعذيب بطبيعة الحال. والقائمة هي الأضخم من نوعها منذ أن بدأ النظام اعتماد آلية إرسال قوائم بأسماء المُعتقلين في مدن وبلدات سورية عدة إلى مديريات السجل المدني في مناطقهم لتتم توفيتهم، في إحدى أكثر الصفحات الدموية لنظام الأسد.
إبادة المعتقلين داخل سجون الأسد تمرّ وكأنها خبر عادي في الإعلام العربي والعالمي، لتبقى وصمة عار إضافية في سجل "الضمير العالمي".