توقف شباب سوريون عن متابعة دراستهم الجامعية لدواعي الحرب والنزوح والهجرة إلى خارج البلاد، لكن فتحت لهم نافذة لمتابعة الدراسة عن طريق الإنترنت.
وجد الشباب السوريون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أو في دول اللجوء، أنفسهم في مواجهة صعوبات استكمال التعليم الجامعي الذي انقطع عنه كثيرون منهم بسبب الحرب والملاحقات من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري. ففي مناطق المعارضة، لا معاهد ولا جامعات معترفاً بها، وحتى قيمة ونوعية التعليم في بعض المعاهد الخاصة المنشأة حديثاً متردية ولا تشبع طموح الشباب الراغبين بزيادة معارفهم، ما دفع الكثير من الشباب إلى الاستفادة من التقنية والإنترنت وذلك بالتوجه نحو منصات التعليم الإلكتروني.
محمد سالم (25 عاماً)، من سكان محافظة إدلب شمال سورية، يتحدث إلى "العربي الجديد" عن تجربته مع تلك المنصات: "الحرب دمرت كلّ شيء، لم يكتفِ نظام الأسد بقتل الأجساد، إنّما يريدنا شعباً بلا حضارة، لذا استهدف الجامعات والمعاهد، ولاحق الطلاب المعارضين، وجدنا أنفسنا بلا منشآت للتعليم فكان البديل في المنصات الافتراضية على شبكة الإنترنت". يضيف سالم: "أثناء بحثي على الإنترنت عن وسائل للتعليم والتدريب، وقعت على موقع لمنصة عربية تحمل اسم رواق، فسجلت فيه والتحقت بعدد من المواد في مجال الإدارة، إذ تتيح المنصة عدداً جيداً من هذه المواد". يعبّر عن رضاه بما استطاع تحصيله حتى الآن عبر المنصة: "التحقت منذ عام تقريباً، وأعتقد أنّ كمّ المعلومات التي حصّلتها جيد جداً، حتى أنني من خلال ما تعلمته استطعت الالتحاق بوظيفة في إحدى المنظمات بدوام جزئي".
الجامعات التقليدية باتت من الماضي بالنسبة إلى بعضهم (لؤي بشارة/ فرانس برس) |
رويدة صالحاني (28 عاماً) دمشقية تقيم في إسطنبول، هي أم لطفلين، كانت لها تجربتها الخاصة مع التعليم الافتراضي. تروي لـ"العربي الجديد" ظروفها و تفاصيلها: "خرجت من دمشق قبل ست سنوات، وكنت حينها في السنة الثالثة من هندسة المعلومات في جامعة دمشق. اضطررت للخروج مع زوجي إلى مصر، ومنذ عامين وصلت إلى إسطنبول. وجدت صعوبة كبيرة في إكمال دراستي هنا في تركيا، فاللغة إحدى العوائق، بالإضافة إلى أنّ عمري تجاوز العمر المسموح به للتقديم على المنح، والجامعات الخاصة ذات تكاليف عالية جداً لا طاقة لي ولا لزوجي على تحملها فهي تتجاوز 6 آلاف دولار أميركي سنوياً، بالإضافة إلى صعوبة تنقلي وذهابي إلى الجامعة في ظل بعدي عن الأهل والأقارب، كما أصبحت أماً لطفلين يزيدان من مسؤولياتي".
تضيف صالحاني: "أخبرتني إحدى الصديقات عن تجربتها في الدراسة عبر الإنترنت، ما دفعني لهذه التجربة في دوري. وبالفعل، تمكنت من التسجيل في جامعة سوريّة افتراضية، ضمن برنامج تقانة المعلومات المرتبط بدراستي السابقة، وبتكلفة مقبولة لا تتجاوز 1000 دولار سنوياً. من الجيد أنّ الدروس باللغة العربية ما يجعل الدراسة أسهل. بذلك، لست مضطرة لمغادرة منزلي للدراسة، وقد تكون الشهادة غير معترف بها حالياً، لكن يبقى حلاًّ أفضل من لا شيء".
من جهته، يوجه، صهيب خالد (22 عاماً) وهو مصمم مختص بتحرير الفيديو، ويقيم في ريف محافظة حلب السورية، عبر "العربي الجديد" نصيحة إلى الشباب السوريين، تبعاً لتجربته الخاصة، بالتوجه نحو منصات التعليم الأجنبية: "لديّ تجربة خاصة قليلاً إذ بدأت منذ ثلاث سنوات بتحسين لغتي الإنكليزية عبر فيديوهات على موقع يوتيوب وبعض المواقع الأخرى، ثم تعرفت على موقع خاص بالدورات التخصصية، فصادفت آلاف الدروس في مختلف المجالات، وكانت ميولي نحو تعلم التصميم والمونتاج". يضيف: "كثير من الدروس في المجال الذي اخترته كانت مجانية، والتحقت بمواد منتظمة داخل المنصة، بعضها كان يستمر لثلاثة أو أربعة أشهر، وما زلت حتى الآن أتابع دراستي فيها".
إلى ذلك، يرى عبد الله (29 عاماً) وهو صحافي في جريدة محلية، أنّ هذه المنصات باتت حلاً حقيقياً للسوريين، يكسبهم كثيراً من المعارف والخبرات، بالإضافة إلى شهادات تمنحها بعض المنصات ويعترف بها من قبل القطاع الخاص: "كنت أدرس الفيزياء قبل الثورة، ومع بدايتها توقفت، وتفرغت لتوثيق ما يجري إعلامياً، لم أكن امتلك المعارف الإعلامية الكافية في البداية، ومع الوقت قررت البحث عن مصادر للتعليم، لألتحق عندها بمنصة عربية، تابعت من خلالها دروساً مستمرة في الصحافة. أهمية هذه الدروس أنّها كانت مركزة و مصممة بطريقة مبسطة وسهلة، بالإضافة إلى إمكانية التواصل المستمر مع المدرّس". يتابع: "صقلت هذه الدروس معرفتي، وأكسبتني التدريبات العملية التي خضعت لها خبرة جعلتني في النهاية أتمكن من الحصول على فرصة عمل في صحيفة سورية".