ويدخل السوريون إلى تركيا، منذ بدء الثورة، وفق تسهيلات عدة، حتى لمن لا يحملون وثائق سفر سليمة، ويقيم كثير منهم بصورة غير شرعية، ويتم التساهل معهم من السلطات، التي تسمح لهم، أيضاً، بمزاولة الأعمال لكسب قُوتهم.
هذه الميزات، أو التسهيلات، التي نعم بها اللاجئون السوريون، طيلة السنوات الأربع الماضية، تحت حكم حزب "العدالة والتنمية" بقيادة رجب طيب أردوغان، بات كثير منهم يشعر أنها مهددة مع ظهور النتائج التي لا تعطي للحزب الحاكم تفويضاً كبيراً بتشكيل الحكومة بمفرده، بل تترك الأبواب مشرّعة لمشاركة أحزاب أخرى، قد لا يكون لها السياسة نفسها حيال المسألة السورية.
اقرأ أيضاً: ارتياح إسرائيلي لتراجع قوة أردوغان
وأعرب مواطنون سوريون يقيمون في إسطنبول، عن أملهم بألا يكون لنتائج الانتخابات تأثير سلبي على أوضاعهم، وإن كان بعضهم أبدى تشاؤمه بسبب ارتفاع سعر الدولار حيال الليرة التركية، فور الإعلان عن نتائج الانتخابات.
وقال صالح إبراهيم، وهو شاب يعمل في أحد المطاعم ويتقاضى راتباً بحدود 433 دولاراً شهرياً، ويعيش في مسكن جماعي، إن راتبه الضئيل، أصلاً، سيفقد المزيد من قيمته، خصوصاً أنه يحوّل نحو 200 دولار شهرياً لمساعدة أهله داخل سورية. واستبعد إبراهيم أن تؤثر نتائج الانتخابات على وضعه في المدى المنظور على الأقل، لكنه خشي من تأثيرات في المدى الأبعد، كونه يعيش من دون أوراق إقامة نظامية حتى الآن.
من جهتها، أبدت أم أحمد، وهي سيدة أربعينية تعمل في مشغل للخياطة، خشيتها من صدور قوانين جديدة تُضيّق على اللاجئين السوريين، وأنها كانت تأمل بفوز كبير لحزب "العدالة والتنمية"، بعد تداول شائعات عن أن "الحزب سيمنح اللاجئين السوريين بطاقات للمواصلات المجانية في المدينة". وتُعلّق زميلتها قائلة إن "هذه الإشاعة بثها موالون لبعض أحزاب المعارضة التركية، في إطار التحريض على اللاجئين وحزب العدالة، ولا أساس لها من الصحة".
أما الناشط والصحافي، أحمد عيسى، فيرى في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هذه النتائج قد لا تكون لها تأثيرات مباشرة على أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا، فالأمر رهن بالتحالفات التي قد تنشأ بين الأحزاب الفائزة".
واستبعد عيسى في كل الحالات، صدور قرارات تمسّ جذرياً أوضاع اللاجئين السوريين، الذين لا يشكّلون في الحقيقة إلا نسبة ضئيلة من سكان البلاد، وليست قضيتهم مطروحة بقوة في السياسة الداخلية التركية، التي تركز على قضايا أخرى مثل "تحقيق السلام الداخلي مع الأكراد"، و"تغيير الدستور" وغير ذلك.
واعتبر عيسى أن "الحكومة التركية، وإن كانت تتعاطف مع اللاجئين السوريين، وتُسهّل لهم أمور التنقل والعمل بعض الشيء، لكنها في الحقيقة لا تُقدّم للاجئين السوريين أيّ مساعدات، باستثناء من يعيش منهم في المخيمات، وبالتالي فإن تغيير الحكومة لن يُغيّر كثيراً في أوضاعهم، لأنهم يعتمدون على أنفسهم، لا على مساعدات من الحكومة".
وكانت قد صدرت قبل الانتخابات دعوات عدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحثّ السوريين على التزام بيوتهم يوم الانتخابات، وعدم الاقتراب من مراكز الاقتراع، خشية زجّهم من أي طرف من الأطراف في هذا الأمر، وهو ما ينعكس سلباً عليهم. كما حصل خلال الانتخابات التي جرت في بلدان أخرى مثل مصر، حين اتهموا هناك بمؤازرة مرشح جماعة "الإخوان المسلمين"، فتعرّضوا، لاحقاً، لحملات انتقام وتضييق. ونشطت الماكينة الإعلامية للمعارضة التركية القومية والعلمانية، في بثّ أنباء غير صحيحة، تحذّر من إمكانية أن يتم تزويد اللاجئين السوريين بطاقات هويات تعود لأموات، للتصويت من خلالها. ووصلت بعض الحملات التحريضية ضد السوريين، خصوصاً من حزب الشعب الجمهوري، أكبر الأحزاب المعارضة، حدّ رفع شعار "إعادة السوريين إلى ديارهم".
اقرأ أيضاً: تركيا تعود لعهد الحكومات الائتلافية... وحزب الأكراد يدخل البرلمان