انتشرت في العاصمة اليمنية صنعاء، الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين، أسواق سوداء للمتاجرة بالمساعدات الإنسانية الدولية المقدمة لليمنيين، لتشمل المواد الغذائية والمستلزمات المدرسية والمفروشات والأدوية والخيام.
وكان من النادر أن تجد مساعدات إغاثية تباع في أسواق العاصمة، لكن منذ مطلع العام الجاري تعرض الأسواق المساعدات للبيع في محال تجارية وعلى الأرصفة وأصبحت تجارة مزدهرة ومنظمة، بحسب تجار.
ونشر ناشطون يمنيون، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، صوراً في مواقع التواصل الاجتماعي لحقائب مدرسية قدمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" كمساعدات ويتم بيعها في مكتبات بصنعاء.
وقال سكان محليون إن معظم المساعدات التي تم توزيعها في مناطق سيطرة المتمردين الحوثيين، ذهبت إلى السوق السوداء ويتم بيعها من قبل تجار.
وقال أحد تجار صنعاء لـ "العربي الجديد"، إن أشخاصاً وجماعات يتاجرون بالمساعدات الغذائية التي تقدم للمحتاجين والمتضررين من الحرب، ويديرون تجارة منظمة ولديهم مخازن كبيرة للمساعدات، وكانوا في البداية يعرضون مبيعاتهم لعدد محدود من التجار، ولكن الأمر انتشر وتوسع بشكل كبير.
ووصف مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (مستقل)، بيع مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية في السوق السوداء بالفضيحة، مشيرا إلى انتشار بيع مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية، أسوة بما شهدته الأسواق من بيع المشتقات النفطية بأسعار مبالغ فيها، خلال العامين الأخيرين.
وذكر المركز في تقرير، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن بيع المساعدات الإنسانية يأتي من قبل نافذين، لافتا إلى أن المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية تواجه صعوبات كبيرة أثناء قيامها بتوزيع المساعدات في المناطق المتضررة، ما جعل كثيرا من المساعدات لا تصل إلى المحتاجين الفعليين، إضافة إلى المخاطر الأمنية العالية، وتحكم جماعة الحوثيين في طريقة توزيع المساعدات وآليات عمل المنظمات الإغاثية في المناطق.
وبحسب التقرير، أفاد أحد التجار بأن مواد الإغاثة تباع من قبل القائمين على السوق السوداء للتجار بشكل مستمر، مشيراً إلى أن أبرز المواد التي تباع تتمثل في القمح والأرز والزيت والتونة وغيرها من المواد، التي تحقق مكاسب كبيرة.
وأضاف أن "مواد الإغاثة تباع للتجار بطريقة ممنهجة وبتنسيق مع الذين يستولون عليها ويتولون توزيعها على المحتاجين.. هناك تجار مختصون في بيع مواد الإغاثة فقط وتخزن بمخازنهم وتأتي تلك المواد من ميناء الحديدة (خاضع لسيطرة الحوثيين في منتصف الساحل الغربي لليمن على البحر الأحمر)".
وقال مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إنه لابد من فتح تحقيق عاجل من قبل وكالات الأمم المتحدة، بعد أن تم العثور على كميات كبيرة من المساعدات في الأسواق.
وأضاف نصر: "للأسف الشديد، وجدنا أن كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية يتم بيعها لتجار وإنزالها إلى الأسواق، وهذا يكشف حجم الخلل في عدم وصول تلك المساعدات للمستحقين والمتضررين من الحرب".
ولا يستبعد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، أن يكون هناك تواطؤ بين بعض المعنيين بالإشراف والتوزيع لتلك المواد الإغاثية وبين مافيا المتاجرة بالمساعدات، مشيرا إلى أن سبب نشوء سوق سوداء لبيع المساعدات يعود في جزء منه إلى التواطؤ من جانب المشرفين على توزيعها، وكذلك من جانب المسلحين.
وقال تاجر مفروشات في العاصمة صنعاء لـ "العربي الجديد"، إن أحد التجار الكبار اشترى كمية كبيرة من المفروشات والبطانيات (الأغطية) الخاصة بالنازحين من إحدى الجهات التي لم يسمها في صنعاء، وباع هذه الكمية لتجار التجزئة بأسعار مخفضة عن قيمتها الحقيقية في السوق.
وأضاف: "نحن كتجار نتعامل مع من يبيع لنا بسعر أقل لأننا نريد الربح.. لسنا معنيين بالتأكد من مصدر هذه البضائع، فعندما نتعامل مع التجار لا نسألهم عن قانونية الأشياء التي يبيعونها أو طريقه الحصول عليها".
وبحسب تقرير صادر مؤخراً عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا)، فقد وصل عدد المنظمات العاملة في اليمن، حتى 30 سبتمبر/أيلول 2016، إلى 92 منظمة، منها 53 منظمة غير حكومية محلية، و30 منظمة غير حكومية دولية، و9 وكالات تابعة للأمم المتحدة.
وتشكو منظمات الإغاثة الدولية والمحلية من صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة، بسبب القتال الدائر.
وكان مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تروند جنسين، قال، في تصريحات صحافية مؤخراً، إن "هناك صعوبات كبيرة تواجهها المنظمات الإنسانية متعلقة بإيصال الإغاثة الإنسانية إلى المتضررين من الصراع والمستحقين لها منذ سيطرة مسلحي الحوثيين على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014".
وأدى تصاعد الحرب التي تشنها مليشيات الحوثيين والقوات التابعة للرئيس المخلوع على عبدالله صالح منذ مارس/آذار 2015، إلى ندرة المواد الغذائية الأساسية وغيرها من السلع الأساسية، بسبب توقف تصدير النفط الذي يمثل 70% من إيرادات اليمن، وهو منتج صغير للخام، فضلا عن تعطيل سبل كسب العيش في قطاعات الزراعة وصيد الأسماك والاستيراد والتصدير وغيرها.
وصنفت الأمم المتحدة، اليمن واحدا من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وقدرت عدد اليمنيين الذين هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية بحوالي 21 مليون شخص، من أصل 26 مليون نسمة هم عدد سكان البلاد، وفق البيانات الرسمية.
وأدت الحرب وسيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة إلى نتائج كارثية على الاقتصاد اليمني. ويشير أحدث تقرير للبنك الدولي إلى أن عدد الفقراء زاد في اليمن من 12 مليوناً قبل الحرب إلى أكثر من 20 مليونًا مع بداية العام الحالي 2016. وتعاني عشرات الآلاف من الأسر وضعاً معيشياً صعباً، جراء تأخر صرف الرواتب، خصوصاً في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وساهمت أزمة السيولة النقدية في تفاقم انعدام الغذاء على نحو غير مسبوق، مع ظهور مجاعة في مناطق الساحل الغربي للبلاد، وفق تقرير صادر، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن وزارة التخطيط لشهر أكتوبر/تشرين الأول.
كما تسبب الصراع الدائر في موجة نزوح واسعة من مناطق القتال، ليصل عدد النازحين إلى 3.1 ملايين شخص، بينهم 2.2 مليون مشردين داخلياً و200 ألف شخص خارجياً، بحسب المفوضية السامية للاجئين.
اقــرأ أيضاً
وكان من النادر أن تجد مساعدات إغاثية تباع في أسواق العاصمة، لكن منذ مطلع العام الجاري تعرض الأسواق المساعدات للبيع في محال تجارية وعلى الأرصفة وأصبحت تجارة مزدهرة ومنظمة، بحسب تجار.
ونشر ناشطون يمنيون، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، صوراً في مواقع التواصل الاجتماعي لحقائب مدرسية قدمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" كمساعدات ويتم بيعها في مكتبات بصنعاء.
وقال سكان محليون إن معظم المساعدات التي تم توزيعها في مناطق سيطرة المتمردين الحوثيين، ذهبت إلى السوق السوداء ويتم بيعها من قبل تجار.
وقال أحد تجار صنعاء لـ "العربي الجديد"، إن أشخاصاً وجماعات يتاجرون بالمساعدات الغذائية التي تقدم للمحتاجين والمتضررين من الحرب، ويديرون تجارة منظمة ولديهم مخازن كبيرة للمساعدات، وكانوا في البداية يعرضون مبيعاتهم لعدد محدود من التجار، ولكن الأمر انتشر وتوسع بشكل كبير.
ووصف مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (مستقل)، بيع مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية في السوق السوداء بالفضيحة، مشيرا إلى انتشار بيع مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية، أسوة بما شهدته الأسواق من بيع المشتقات النفطية بأسعار مبالغ فيها، خلال العامين الأخيرين.
وذكر المركز في تقرير، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن بيع المساعدات الإنسانية يأتي من قبل نافذين، لافتا إلى أن المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية تواجه صعوبات كبيرة أثناء قيامها بتوزيع المساعدات في المناطق المتضررة، ما جعل كثيرا من المساعدات لا تصل إلى المحتاجين الفعليين، إضافة إلى المخاطر الأمنية العالية، وتحكم جماعة الحوثيين في طريقة توزيع المساعدات وآليات عمل المنظمات الإغاثية في المناطق.
وبحسب التقرير، أفاد أحد التجار بأن مواد الإغاثة تباع من قبل القائمين على السوق السوداء للتجار بشكل مستمر، مشيراً إلى أن أبرز المواد التي تباع تتمثل في القمح والأرز والزيت والتونة وغيرها من المواد، التي تحقق مكاسب كبيرة.
وأضاف أن "مواد الإغاثة تباع للتجار بطريقة ممنهجة وبتنسيق مع الذين يستولون عليها ويتولون توزيعها على المحتاجين.. هناك تجار مختصون في بيع مواد الإغاثة فقط وتخزن بمخازنهم وتأتي تلك المواد من ميناء الحديدة (خاضع لسيطرة الحوثيين في منتصف الساحل الغربي لليمن على البحر الأحمر)".
وقال مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إنه لابد من فتح تحقيق عاجل من قبل وكالات الأمم المتحدة، بعد أن تم العثور على كميات كبيرة من المساعدات في الأسواق.
وأضاف نصر: "للأسف الشديد، وجدنا أن كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية يتم بيعها لتجار وإنزالها إلى الأسواق، وهذا يكشف حجم الخلل في عدم وصول تلك المساعدات للمستحقين والمتضررين من الحرب".
ولا يستبعد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، أن يكون هناك تواطؤ بين بعض المعنيين بالإشراف والتوزيع لتلك المواد الإغاثية وبين مافيا المتاجرة بالمساعدات، مشيرا إلى أن سبب نشوء سوق سوداء لبيع المساعدات يعود في جزء منه إلى التواطؤ من جانب المشرفين على توزيعها، وكذلك من جانب المسلحين.
وقال تاجر مفروشات في العاصمة صنعاء لـ "العربي الجديد"، إن أحد التجار الكبار اشترى كمية كبيرة من المفروشات والبطانيات (الأغطية) الخاصة بالنازحين من إحدى الجهات التي لم يسمها في صنعاء، وباع هذه الكمية لتجار التجزئة بأسعار مخفضة عن قيمتها الحقيقية في السوق.
وأضاف: "نحن كتجار نتعامل مع من يبيع لنا بسعر أقل لأننا نريد الربح.. لسنا معنيين بالتأكد من مصدر هذه البضائع، فعندما نتعامل مع التجار لا نسألهم عن قانونية الأشياء التي يبيعونها أو طريقه الحصول عليها".
وبحسب تقرير صادر مؤخراً عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا)، فقد وصل عدد المنظمات العاملة في اليمن، حتى 30 سبتمبر/أيلول 2016، إلى 92 منظمة، منها 53 منظمة غير حكومية محلية، و30 منظمة غير حكومية دولية، و9 وكالات تابعة للأمم المتحدة.
وتشكو منظمات الإغاثة الدولية والمحلية من صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة، بسبب القتال الدائر.
وكان مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تروند جنسين، قال، في تصريحات صحافية مؤخراً، إن "هناك صعوبات كبيرة تواجهها المنظمات الإنسانية متعلقة بإيصال الإغاثة الإنسانية إلى المتضررين من الصراع والمستحقين لها منذ سيطرة مسلحي الحوثيين على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014".
وأدى تصاعد الحرب التي تشنها مليشيات الحوثيين والقوات التابعة للرئيس المخلوع على عبدالله صالح منذ مارس/آذار 2015، إلى ندرة المواد الغذائية الأساسية وغيرها من السلع الأساسية، بسبب توقف تصدير النفط الذي يمثل 70% من إيرادات اليمن، وهو منتج صغير للخام، فضلا عن تعطيل سبل كسب العيش في قطاعات الزراعة وصيد الأسماك والاستيراد والتصدير وغيرها.
وصنفت الأمم المتحدة، اليمن واحدا من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وقدرت عدد اليمنيين الذين هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية بحوالي 21 مليون شخص، من أصل 26 مليون نسمة هم عدد سكان البلاد، وفق البيانات الرسمية.
وأدت الحرب وسيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة إلى نتائج كارثية على الاقتصاد اليمني. ويشير أحدث تقرير للبنك الدولي إلى أن عدد الفقراء زاد في اليمن من 12 مليوناً قبل الحرب إلى أكثر من 20 مليونًا مع بداية العام الحالي 2016. وتعاني عشرات الآلاف من الأسر وضعاً معيشياً صعباً، جراء تأخر صرف الرواتب، خصوصاً في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وساهمت أزمة السيولة النقدية في تفاقم انعدام الغذاء على نحو غير مسبوق، مع ظهور مجاعة في مناطق الساحل الغربي للبلاد، وفق تقرير صادر، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن وزارة التخطيط لشهر أكتوبر/تشرين الأول.
كما تسبب الصراع الدائر في موجة نزوح واسعة من مناطق القتال، ليصل عدد النازحين إلى 3.1 ملايين شخص، بينهم 2.2 مليون مشردين داخلياً و200 ألف شخص خارجياً، بحسب المفوضية السامية للاجئين.