حذر رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق مولود حمروش من تصادم الخيارات بين الجيش والشعب، الذي يرفض استمرار ظاهرة حكم العسكر بالوكالة.
وقال حمروش "نلاحظ أن الشعب والجيش لا يزالان وحيدين، وعليهما ألا يديرا ظهريهما لبعضهما وألا يتجابها. فالجيش لا يمكنه أن يقف ضد طموحات الشعب، ولا يريد الشعب اليوم أن يحكم كما في السابق بواجهات سياسية مفبركة، واجهات طابعها نقص الذمة وقلة الحياء وغياب روح المسؤولية والواعز الأخلاقي"، لافتاً إلى أن "الحراك ألغى كل هذه الواجهات وهذه التصرفات غير الشرعية، وهو بهذا الرفض يريد إنهاء أساليب التسلط وشبكات الولاء والإذعان التي تصرفت خارج القانون واغتصبت الحقوق ومارست الرشوة والتعسف".
ولفت حمروش، في ثالث مساهمة (مقال) سياسية ينشرها منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط الماضي، إلى أن "تغيير الأشخاص لن يكون له أي معنى في حال عدم وجود تغيير سياسي عميق ودستور قوي"، إذ "سيكون من السذاجة بمكان الاعتقاد بأن استبدال الأشخاص لوحده سيكون جواباً شافياً، وأن تعويضهم بآخرين جدد ذوي نزاهة وأكثر التزاماً، سيضمن تحقيق كل آمال الحراك. كما أن استبدال الأشخاص لن يشكل ضمانة قوية لتحقيق الحكم الجيد والعدل المنزه، ومن المهم أن تتجه الأولوية إلى إعادة وضع المعيار الشرعي وإقامة الرقابة والمراقبة على كل الوظائف وعلى ممارسة أي مسؤولية. فلينصب كل جهد وكل اعتبار وكل ثقة، على استخلاف الرجال بدستور حقيقي ومؤسسات فعلية تمارس سلطات الترخيص والضبط والتأهيل والرقابة والتحكيم".
ويعد حمروش، الذي سبق أن ترشح للانتخابات الرئاسية التي جرت في إبريل/نيسان 1999 ونافس فيها عبد العزيز بوتفليقة، أبرز الشخصيات التي يتم تداول اسمها من قبل الحراك الشعبي والقوى السياسية والمدنية ضمن شخصيات مقبولة، للمساهمة في إدارة مرحلة انتقالية مؤقتة.
واعتبر رئيس الحكومة الأسبق (بين سنتي 1990 و1991) أن "الحراك الشعبي بحجمه الوطني، وبوحدته وسلميته، قد صحح البعض من العيوب، وأعاد اللحمة للروابط الاجتماعية الوطنية، غير أنه لم يمنح بعد الشرعية للحكم، ومن هنا سيكون خطيراً حقاً دفع المؤسسات إلى هشاشة أعمق، وإلى عدم شرعية أكبر في الحكم وفي الأدوات وفي الضبط والرقابة"، مشيراً الى أن "هكذا وضع يستدعي توفر الأمن ومزيداً من التضحية من جميع الأطراف".
ورأى حمروش أن "مثل هذه الشروط ستسمح لا محالة بالحفاظ على استقرار الحراك وحيويته وسلميته، لاسيما خلال بدايات اللقاءات ومحاولات استقصاء الحلول ووضع أدوات وميكانيزمات قانونية تسمح ببروز شرعيات تدخل المؤسسات وتتولى المناصب الوطنية لقيادة المجتمع وإدارة مشاريعه وإنجاز تطلعاته لانه ليس هناك حل جاهز".
ودعا حمروش الى "توافق وطني لوضع حل ينقل البلاد الى حالة انتقال ديمقراطي سلس، حيث ليس هناك أي طرف ولا أي حزب أو مجموعة من الأحزاب قادراً على فرض خريطة طريق بهذا الحجم لوحده، ولهذا من المحبذ أن يكون كل فعل وكل قرار وكل إجراء وكل سلوك وكل اقتراح محل معاينة وتقدير أن يكون كل سعي ملماً بكل هذه الشروخ والنقائص، لأن هنالك الكثير من المطبات تتربص بالحراك والجيش والنخب بما فيها تلك الموجودة في السلطة، وتتطلب كل هذه المطبات مساهمة الكل في صياغة جماعية للحلول من دون نوايا مسبقة".
وشدد المسؤول الجزائري السابق على عدم وقف الحراك الشعبي قبل تحقيق المطالب المركزية، إذ "لا يجب أن يتوقف الحراك من دون الوصول إلى نتيجة أو ينتهي إلى انسدادات جديدة أو إلى انزلاقات نتيجة مزايدات تدفع به نحو مهالك يصعب تجنبها"، مشيراً إلى "قصر لافت في الدستور الحالي الذي لا يتوفر على أي آلية ولا على أي أداة لفض المنازعات أو لحل الأزمات"، مذكراً أنه "تم في الماضي فضّ مثل هذه المنازعات ومثل هذه الأزمات خارج مجال الدستور".
وحذر مولود حمروش من "ربط مصير البلاد بانتخابات رئاسية لا تتوفر لها الظروف المناسبة، وقال إن "أي انتخابات حقيقية لا ينبغي ربطها بأي تاريخ ولا تحديدها بأي آجال، فالانتخابات مرتبطة بإنجاز كل تلك الأعمال السالف ذكرها (يقصد ظروف وآليات النزاهة)، ومن دون ذلك ستكون أي انتخابات سلاح زعزعة شاملة للاستقرار بسبب الغموض والاعتراضات وعدم الاعتراف بالنتائج".
ويتوجه حمروش بتحليله إلى قادة الجيش بالدرجة الأولى، بعد إصرار قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح على إجراء الانتخابات كآلية لحل الأزمة السياسية الراهنة.
ومقرر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية في الرابع من يوليو/تموز المقبل، لكن أغلب القوى السياسية والمدنية والحراك الشعبي ترفض إجراءها في ظلّ حكومة نور الدين بدوي، وتحت رئاسة عبد القادر بن صالح، وتطالب بإرجائها إلى حين توفير الظروف المناسبة.