كلبي "صُولُو"
"أَلْفَا" كانت كلبة الطفولة
سَمَّمُوها في الشارع
أَذْكُر، أَسْتَعيد
اللِّسان الذي يَرْغَوي بالموت
وضوء النَّظرة الأخيرة
المطعونة من الظَّهْر
دفنتها في البحر كما يليق بي
حين يخرج ظلِّي من سقوطي
ويواريني بحب
لأضع على قبري وروداً
لا تَنْقَطِفُ
لِأَرْسُم اسمي
على الشاهدة
وأعودَ باسماً إلى قعر الهُوَّة
لا تَبْك يا "صولو"
فالعالم المسعور بِأَسْرِه الأسير
قطعة لحم وإسمنت مفخّخة
من سُمٍّ
حيث المُدن كما حشرات القُرَّاد
هذي التي خلعتها عن عنقك بالأمس
"صولو" حين تُعْوِلُ الريح
يكتشف الخريف
قلبه المرّ
وشجرة "مُونْدريَّان"
شجرتها اللاّشجرة
■ ■ ■
أنا الحارس الليلي هنا
يا "صولو"
من هذي المنشأة الخَرِبَة
يسري نور الكهرباء إلى المدينة
ليفتحوا نوافذهم على
القمر البارد هذه الليلة
هذا الذي سَأَضَعُهُ
قرص "أسبيرين" فائراً
في كَأْسِك
ماذا لو فسد الطعام
الزائد في الثلاجات
ماذا لو هَزِئْنَا يا "صولو"
من أجراس الأبناك
سيشكرنا اللّصوص الشرفاء
سلالة الشعراء الصعاليك
والمصابيح سَتَعْتَرِف مطفأة
أن القمر على الدوام
هذا المدحرج ككرة بلياردو
بين قوائمك
والثلج الذي يَسَّاقَطُ مُلَوَّناً
أجمل من زجاج يلمع بالصديد
أجمل من أسلاك لا تُدْهِشُ الحُبّ
■ ■ ■
لَنْ يَخْتَلِطَ طعامنا اللّيلة
بمكسور زجاج التلفاز
برؤوس
الرسوم المتحرّكة
بقلب الدمى المُدْمَاة
سيشكرنا النحاس العريق
في مَعْدِن الآلة
سَنُرَوِّض الفراشات
على الكلام
والأشياء على النباح
سيشكرنا الصمت الهادئ
في أَحْدَاقِ القطط الهرمة
وهذا الأَسْوَدُ "السَّيِد" المخلص
المخلص لِعُيُون اللَّيل
■ ■ ■
خارج هذا واجبنا الليلة
يا "صولو"
أن نُمْسِكَ آلة "الباكو"
التي كان يعزفها
"نْكيدو" في العالم السفلي
لنغني لدوار العُشْبَة والأبدية.
■ ■ ■
خارج هذا واجبنا الليلة يا "صولو"
أن نُصْغي إلى الموسيقى
لأننا جئنا معاً
من الشوارع الباردة إلى الحُبّ
إلى شعر الحياة
خارج زمن من رُسْغ
الساعات اليدوية
للأَكُفِّ التي تصفع
جئنا من خلال الفراغات
بين الأحذية
وخرجت رؤوسنا
وجلودنا كاملة من ثُقْبِ الإبر
اللاَّزَوَرْدِية
أَصِخْ السمع يا "صولو"
لا تحرس سوى لَهْبَة الحُبّ
في قلبك
أَعْرِفُ، أَعْرِفُها،
تلك الكلبة الساحرة المِغْنَاج
التي سلبت منك نباحك الجميل
عازفة البيانو بأربع قوائم
و ناثرة فُتَات البرق إذ تَطْرِفُ بالذَّيْل
إذا اصطحبتها إلى هذه المنشأة الخَرِبَة
سأترك لك سريري
سَأُشْعِلُ لَكَ الشُّموع
من مادة دموعي المالحة التي تُحِبُك
سأقتلع مسامير حذائي
و أَقْرَعُ بها
هذي الأشباح التي تُخِيفُك
على الجدران كما لوحات عالمية
سَأُغَني لَكُما "حسين السلاوي"، "ناس الغيوان"
"سيد درويش"، "إديث بياف"، "جاك بريل"
وأعزف لكما سمفونية
الفصول الأربعة لـ "فيفالدي"
سأُمَثِّلُ لكما "شارلي شابلن"
في البحث عن الذهب
لِأُضْحِكَكُمَا حتى ذِرْوَة قهقهة النباح
كِلَانَا يُحِبُّ يا "صولو"
انْبَحْ أَنْتَ أيها الكلب الرائع
فيما سأصرخ أنا
اصْرُخ أنت أيها الكلب الرائع
فيما سأنبح أنا
هذه اللَّيلة العاهِلة
سَتُمْطِر "قُيُوسًا" صغاراً
و"لَيْلاتٍ"
أكثر من "رُوْمُيَّواتٍ" صغار
و"جُوْلْيِتَاتٍ"
كما حبّات المطر الملوّنة
لِنَبْتَلَّ بالحُبِّ يا "صولو"
حتى أقصى الهذيان الحُرّ
حتى فُرَات النجمة
و"أبو رقراق" الحَنِين
وفُيُوضَ "مِسِيسِيِبي"
ونِيلِ، نِيِل الرَّغَبات.
* شاعر من المغرب