سيف الإسلام القذافي: مصير مجهول وأنباء عن العودة عبر الانتخابات

31 ديسمبر 2017
احتمال لجوء القذافي لمناطق نفوذ أخواله (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

تجدّد الجدل في ليبيا بشأن سيف الإسلام القذافي، الإبن الأبرز للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وذلك بعد موجة من اللغط التي أثارها قرار كتيبة مسلحة بالزنتان بإطلاق سراحه في يونيو/ حزيران الماضي، تنفيذا لقرار مجلس النواب في طبرق بتنفيذ عفو عام على كل الليبيين الموجودين بالسجون، والذي سبقته أنباء عن زيارة وكيل وزارة عدل حكومة مجلس النواب، عيسى الصغير، نهاية مايو/ أيار، للقذافي الابن في محبسه بالزنتان، للإشراف على تنفيذ قرار العفو.

سيف الإسلام والانتخابات

وعاد النقاش مؤخرا بشأن سيف الإسلام بالتزامن مع الحديث عن إجراء انتخابات عامة، إذ إن أحد المقربين من أسرة القذافي الذي يدعى باسم الصول، والذي أكد أنه ناطق باسمها، صرح لصحيفة موالية للنظام السابق، منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2017، أن نجل القذافي "يتحضر للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا"، ليليه فيديو انتشر بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي الشهر الماضي لمحامي سيف الإسلام، خالد الزايدي، يدعو فيه الليبيين إلى "سرعة التسجيل بمنظومة المفوضية العليا للانتخابات استعدادا للمشاركة في الانتخابات"، الأمر الذي اعتبره العديد من المراقبين دعوة ضمنية لإمكانية ترشح شخصيات من النظام السابق ربما يكون سيف الإسلام أبرزها.

وجرى تداول إمكانية عودة سيف الإسلام للمشهد على نطاق واسع، خاصة بعدما نقلت صحيفة "ذا غارديان"، في السادس من ديسمبر/ كانون الأول، عن مسؤول أميركي وصفته بـ"صديق قديم لسيف الإسلام"، قوله إن نجل القذافي أكد له أنه يسعى للعودة إلى المشهد السياسي بعد ستة أعوام قضاها في السجن، مضيفا أنه "كان يعمل على تشكيل قوة مسلحة سيطرت فيما بعد على مدينة صبراتة، وأنه سيخوض حملة عسكرية للوصول إلى طرابلس".

ويعتقد متابعون أن عودة سيف الإسلام بقوة السلاح تبدو اليوم بعيدة المنال، لاسيما أن قوات والده الضاربة انكسرت منذ سبعة أعوام وتشتتت جبهة أنصاره، مؤكدين أن عودته قد تتم عبر نافذة الترشح للانتخابات، وهو الأمر الذي يستدعي خروجه من مخبئه والإعلان عن برنامجه الانتخابي، غير أن ضيق الوقت والأزمة السياسية المستمرة سيصعّبان من هذا الاحتمال، فضلا عن الإطار القانوني الذي سيعود من خلاله، بالنظر إلى تصريحات المبعوث الأممي، غسان سلامة، الذي أشار إلى أن سيف الإسلام "مطلوب للعدالة الدولية".

في المقابل، قد يحصل القذافي الابن على قبول نسبي من خلال أنصار والده، أو بسبب تراجع ملموس في تأييد شريحة من الليبيين للثورة، إذ لم يخف بعضهم حنينه للنظام السابق عقب انهيار أوضاع البلاد الأمنية والاقصادية بشكل حاد.

وعلى الرغم من عدم وجود زخم كبير لأنصار القذافي الابن في مناطق غرب العاصمة طرابلس، إلا أن معلومات من وصف بـ"المسؤول الأميركي" قد تشير إلى محاولة عسكرية نفذتها قوات موالية لأنصار النظام السابق مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2017، كشفت عنها قوة الردع الخاصة التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بطرابلس، بحيث أعلنت منتصف الشهر ذاته عن القبض على المقدم المبروك احنيش، أحد أبرز القادة العسكريين في النظام السابق، في عملية أمنية معقدة.

وبينت القوة، في بيان رسمي لها، أن احنيش كان على رأس قوة مؤلفة من أنصار النظام السابق، مدعومين بمسلحي حركة العدل والمساواة السودانية، يحاولون الوصول إلى منطقة ورشفانة غرب طرابلس للوصول إلى قوات بصبراته غرب طرابلس لتقديم الدعم لها، قبل أن تشتبك مع قوات موالية لحكومة الوفاق جنوب طرابلس وتحبط المحاولة.

أين اختفى القذافي الابن؟

وكان خبر إطلاق سراح سيف القذافي، في يونيو/ حزيران، محل جدل، إذ سرت أنباء عن أنه لا يزال بالزنتان، وأن خبر إطلاقه تم بهدف إلى تحصيل مكاسب سياسية لجهة ما، وبين من يؤكد أنه استفاد فعلا من العفو العام، سيما أن الأجهزة القضائية الليبية متأثرة بالتجاذبات السياسية وغير قادرة على محاكمته، ليبقى مصيره، رغم مرور ستة أشهر، غامضا ومثيرا، خاصة أنه لم يجر تسريب أي صورة له خارج محبسه، وفي ظل أنباء تناقلها أنصاره عن إطلالة إعلامية مرتقبة له.

وبحسب مراقبين، فقد بات شبه مؤكد أن سيف الإسلام غادر محبسه، ويمارس حقوقه، خاصة مع إعلان محكمة بمدينة طبرق، شرق البلاد، مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنه تقدم بدعوى قضائية ضد النائب البارز بمجلس النواب أبوبكر بعيرة، الذي سبق أن صرح للإعلام أيام اندلاع الثورة عام 2010 بأن سيف نال شهادة الدكتوراه من جامعة لندن بعلاقاته الشخصية ووصفه بأنه "مجرم حرب".

ورصد "العربي الجديد" المسارات التي يمكن أن يكون القذافي الابن قد سلكها عقب إطلاق سراحه، الذي يبدو أنه شبه مؤكدا، ليبرز أن خيار توجهه إلى الجنوب مستبعد، بسبب وجود عشرات المجموعات المسلحة التابعة لقبائل معارضة لوالده، إضافة إلى انتشار العصابات التي لن تتوانى في استثمار قبضها عليه مقابل الحصول على المال أو أي مكاسب أخرى، سيما أنها هي من قبضت عليه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، في تلك الصحراء، وسلمته لكتائب الزنتان القريبة من المنطقة.

كما يبقى احتمال لجوء سيف إلى إحدى دول الجوار، كالجزائر مثلا التي استقبلت في الماضي أسرته، أو دول بعيدة مثل روسيا، التي لا يزال إعلامها يعكس احتفاظ هذه الدولة بعلاقات وروابط بأنصار النظام السابق، بعيدا عن كونها ستعرّض نفسها لمساءلة المجتمع الدولي جراء إيوائها لمطلوب دوليا.



لكن الخيار الأقرب يتمثل في لجوء سيف الإسلام القذافي إلى أنصار والده في شرق البلاد، وتحديدا في البيضاء، حيث يتواجد أخواله الذين يتمتعون بقوة واستقلالية، ويمكن أن يوفروا له الحماية.

وقد تشير حادثة اختطاف الطبيب اللبناني حسين حبيش في البيضاء، في يونيو/ حزيران 2016، من قبل مسلحي قبيلة البراعصة، التي قالت صحف لبنانية وقتها إنها جاءت ردا على اعتقال السلطات اللبنانية نجل القذافي الآخر هانيبال، إلى استمرار علاقة هذه القبيلة القوية بأسرة القذافي.


ومما يقوي هذا الاحتمال أن شرق البلاد كان له دور كبير وبارز في إنقاذ سيف الإسلام من مواجهة أحكام القضاء، فقرار العفو الذي كان أساسا لإطلاقه من محبسه صدر عن مجلس النواب، والذي لا يخفى تأثره بالضغوط القبلية، كما أن وزير العدل بحكومة مجلس النواب وجه، في أغسطس/ آب 2016، خطابا إلى محكمة الجنايات الدولية، يطالبها فيه بـ"إيقاف الملاحقات والمتابعات الصادرة بحق المواطن سيف الإسلام القذافي" وإسقاط الدعوى المقدمة بحقه. 

القذافي تحت حماية حفتر؟

وفي السياق، يتساءل مراقبون عن موقف اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، المتصدر للمشهد العسكري هناك والمسيطر الأول، من وجود سيف الإسلام في مناطق نفوذه، مشددين على أنه "من دون شك ستشكل موافقته على وجوده هناك مكسبا كبيرا، من خلال استمرار الدعم القبلي لقواته، بالإضافة إلى استفادته من الدعم السياسي، وربما المالي، من أنصار النظام السابق"، وهو الأمر الذي عكسته تصريحات مسؤولي النظام السابق، كأحمد قذاف الدم، الذي لم يخف رضاه عن حفتر ومطالبته بدعمه في مساره العسكري، واعتباره قائدا مناسبا للجيش.