تتواصل محاولات الجيش المصري لتعبئة قبائل شمال سيناء في القتال ضد تنظيم "ولاية سيناء"، نظراً لنفوذها في المنطقة ذات التركيبة القبلية أساساً، على وقع موافقة مجلس النواب المصري على قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، بشأن تمديد حالة الطوارئ في بعض مناطق محافظة شمال سيناء، لمدة ثلاثة أشهر جديدة، تبدأ اعتباراً من 31 يناير/كانون الثاني الحالي، للمرة العاشرة على التوالي، منذ فرضها، للمرة الأولى، في أكتوبر 2014. وانتهك قرار البرلمان المادة 154 من الدستور، التي تنص على أن يكون "إعلان حالة الطوارئ لمدة مُحددة، لا تُجاوز ثلاثة أشهر، ولا تُمد إلا لمدة أخرى مماثلة (ستة أشهر)"، فيما شملت قرارات تمديد الطوارئ مُدة ثلاثين شهراً مُتصلة.
ولا تبدو قبائل شمال سيناء موحدة، فعدد قليل منها يقف إلى جانب الجيش فعلاً، وجزء ثانٍ لديه عدد من الأبناء ممن يقاتلون في صفوف التنظيم المسلح، وجزء ثالث فضل الوقوف على الحياد في الاقتتال، وعدم مساندة القوات المسلحة كاعتراض على استمرار التجاوزات التي ترتكبها قوات الجيش والشرطة بحق مدنيي المنطقة.
وآخر الحلقات في مسلسل سقوط ضحايا مدنيين بضربات الجيش أو غارات جوية، تفيد معطيات بأن طائرات من دون طيار إسرائيلية تشارك فيها، تجسدت قبل أيام، بعد تصفية وزارة الداخلية 10 شبان، بدعوى ضلوعهم في العمليات الإرهابية في المدينة. وأوكل الجيش المصري، قبل يومين، لعدد من المتعاونين معه من أهالي سيناء، الترويج لسيناريو مشاركة القبائل في العمليات المسلحة ضد "ولاية سيناء"، كخطوة أولى للتخلص من التضييقات والحرب التي يدفع ثمنها أهالي سيناء. وصاحب هذه التحركات والترويج لهذا السيناريو، بيان مجهول حمل توقيع عدد من القبائل والعائلات الكبيرة في سيناء، من دون ذكر اسم أي من شيوخ القبائل والعائلات، وهو ما فتح المجال أمام التشكيك فيه. وجاء في البيان دعم لقوات الجيش والشرطة في حربها ضد الإرهاب، مطالباً بضرورة عدم إثارة أي قلاقل في سيناء لأنها تصبّ في صالح تنظيم "ولاية سيناء"، مع ضرورة التحقيق في واقعة مقتل الشبان العشرة في العريش.
وقال شيخ قبلي إن البيان لا يمثل جميع القبائل، موضحاً أن الجيش يطالب بعض الموالين له بإصدار مثل تلك البيانات، لإظهار عدم وجود أزمات في المنطقة مع أهلها، وهو ما يجافي الحقيقة، خصوصاً في ظل حالة غضب شديدة نتيجة تكرار وازدياد التجاوزات التي ترتكبها قوات حكومية من قتل خارج إطار القانون وهدم للمنازل واعتقالات عشوائية وتضييق على المواطنين، وقصف متواصل جوي وبري. وشدد المصدر القبلي على أن الغضب القبلي والأهلي عموماً يكبر، في ظل تجاهل الجيش التواصل مع أهالي المواطنين وصرف تعويضات، أو محاولة الاعتذار عن القتل الخطأ، وفي المقابل يتم تنظيم جنازات عسكرية وصرف تعويضات لقوات الجيش والشرطة الذين يقتلون في سيناء. وحذّر المصدر القبلي من نتائج سلبية لانقسام القبائل بين مشارك في الحرب وأخرى رافضة لهذا الأمر، لما قد ينتج عن ذلك من صراعات قبلية عنيفة.
وعلق الشيخ القبلي على المؤتمر الذي عُقد أخيراً في مدينة الشيخ زويد، بموازاة صدور بيان القبائل والترويج لضرورة تدخل القبائل وحمل السلاح لمواجهة تنظيم "ولاية سيناء"، مشيراً إلى أنه لا يمثل رأي جميع أهالي الشيخ زويد، وهو "محاولة للتغطية على حالة الغضب في سيناء". واستطرد قائلاً إن شيوخ القبائل لن يوافقوا على مثل هذا السيناريو قبل أن تتوقف الانتهاكات من الجيش المصري. وكانت طائرة من دون طيار، يسميها أهالي سيناء "الزنانة"، قصفت منزل أحد المواطنين في منطقة العجراء جنوب مدينة رفح، ما أسفر عن مقتل 10 مواطنين، وإصابة آخرين. وبحسب الروايات الأهلية، التي نشرتها صفحات لرصد الانتهاكات في سيناء، فإن طائرة من دون طيار آتية من الأراضي المحتلة، حلقت في أجواء رفح عقب صلاة الجمعة، قبل أن تطلق صاروخاً باتجاه بعض المواطنين عقب خروجهم من أحد المساجد. واحتمى المواطنون بأحد المنازل، لتطلق الطائرة صاروخاً ثانياً، ليسقط نحو 10 من أهالي سيناء، بينهم طفل.