وتضيف، أن عمليات استهداف قوات الشرطة بكثافة، خلال الشهر الماضي، في قلب مدينة العريش، أثّرت سلباً على معنويات الأفراد والضباط، وهو ما تحاول القيادات التخفيف من وطأته، من خلال بث الطمأنينة. وتشير المصادر الوزارية، إلى أن مطالب الأفراد ترتبط بوضع خطة محكمة لمواجهة محاولات التنظيم استهداف الشرطة، من خلال زيادة التسليح وتوفير آليات حديثة بدلاً من سيارات الشرطة التقليدية، موضحة أنّها "ليست المرة الأولى التي تشهد سيناء حالة تذمر من قبل أفراد الأمن، خصوصاً في ظل العمليات التي ينفذها التنظيم الإرهابي، منذ ما يزيد عن عامين"، على حدّ وصفها.
وتلفت المصادر أنفسها، إلى أنّ "الأزمة تكمن في استهداف التنظيم أمناء وأفراد الشرطة بشكل منفصل، فضلاً عن تنفيذ عمليات اغتيال في الشوارع"، مشددة على رفع المطالب والتخوفات إلى قيادات وزارة الداخلية لبحث حلّ الأزمة التي وإن استمرت ستؤدي لمشكلة كبيرة، تهدد باختلال الحالة الأمنية في العريش، آخر نقطة آمنة متبقية في سيناء. وترجّح مصادر وزارة الداخلية، عقد اجتماعات مستمرة بين القيادات الأمنية وأفراد وضباط الشرطة في سيناء، خلال الأيام القليلة المقبلة، مع الإمداد بآليات وأسلحة حديثة.
ميدانياً، لا تزال تأثيرات العمليات التي ينفذها تنظيم "ولاية سيناء" ضد قوات الجيش والشرطة، تُلقي ظلالها على الأوضاع هناك، خصوصاً مع تنفيذ عمليات في قلب مدينة العريش. وبدأ التنظيم المسلح، الذي أعلن مبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في التمدد إلى مدينة العريش، التي تعتبر مركز ثقل عمليات الجيش والشرطة وكانت، حتى فترة قصيرة، تعتبر "المدينة الآمنة". وظلّت المدينة بعيدة، إلى حدّ كبير، عن عمليات التنظيم باعتبارها لا تمثل ثقل ومركز عمليات "ولاية سيناء"، بيد أنّ التوسّع الأخير له منذ ما يزيد عن شهرين، خلّف أزمة كبيرة وكشف الخلل الأمني للشرطة والجيش، بحسب مراقبين.
اقرأ أيضاً: هجمات القاهرة الكبرى... ظروف جاهزة لتوظيفها عنفيّاً
ونفّذ التنظيم خلال الأسبوعين الماضيين، نحو 30 عملية ضد الجيش والشرطة، الأغلبية منها كانت في قلب مدينة العريش، بواقع ثلاث عمليات كبيرة. وبحسب إحدى المبادرات الحقوقية، "مرصد سيناوي"، التي توثّق انتهاكات الجيش والشرطة ضد أهالي سيناء، فإن أفراد الشرطة المدنية لا يتواجدون بشكل كامل في المدينة، خوفاً من استهدافهم من قبل التنظيم.
في هذا السياق، يقول شيخ قبلي لـ"العربي الجديد"، إنّ عمليات التنظيم في الشيخ زويد ورفح، أسفرت عن عدم تواجد أفراد الشرطة أو قوات الجيش، وهو ما سيتكرر خلال الفترة المقبلة في العريش. ويضيف الشيخ القبلي، أنّه "لا يمكن اعتبار وجود الشرطة بصورة طبيعية في المدينتَين، بفعل العمليات المسلحة، ولكن إذا ظنّت القيادات الأمنية أنه بعمليات التهجير والقصف الجوي وقتل الأبرياء والمدنيين والأطفال سيكونون بعيداً عن يد المسلحين، فهم على خطأ"، على حدّ قوله.
ويشير الشيخ ذاته، إلى أن العريش باتت مسرحاً لعمليات "ولاية سيناء"، ولا أحد يعلم ما إذا كانت ستتحول المدينة هي الأخرى إلى حالة الشيخ زويد ورفح. ويوضح، أن "الأوضاع في سيناء سيئة للغاية والغلبة للمسلحين للأسف الشديد، في ظل سياسات وخطط الجيش والأجهزة الأمنية التي تعتمد الانتهاكات بحق الأهالي، وعدم الاكتراث لمواجهة حقيقية للمسلحين". ويشدد الشيخ القبلي، على ضرورة التنبه إلى كارثة محدقة بسيناء، في حال وصل تذمر العناصر من الجيش والشرطة إلى مرحلة شديدة، وبالتالي رفض المشاركة في العمليات ضد المسلحين، وفي هذه الحالة سيسيطر التنظيم ضمنياً على سيناء.
من جانبه، يقول الخبير الأمني محمود قطري، إنّ "هناك خللاً أمنياً كبيراً في مواجهة الإرهابيين، في سيناء. وما يحصل ليس وليد الأمس، وحذّر كثيرون من تأثيرات ذلك". ويضيف قطري لـ"العربي الجديد"، أنّ الأزمة تكمن في عدم الاعتماد على الأساليب الحديثة في مواجهة الإرهاب، موضحاً أنه ليس من العيب الاستفادة من خبرات أجنبية في هذا المجال. ويشير الخبير الأمني، إلى أن "التنظيم نجح إلى حد كبير في مخطط إيجاد ثغرات أمنية لتنفيذ عملياته. الكل يعلم أن مواجهة الإرهاب تحتاج فترة طويلة لاقتلاع جذوره، إلّا أن الفشل الأمني يصعّب من المسألة ويطيل مدة المواجهة"، مستبعداً فكرة سيطرة التنظيم على سيناء، "لكن الموقف يمرّ بمراحل صعود وهبوط في عمليات التنظيم"، بحسب الخبير ذاته.
اقرأ أيضاً سيناء خارج السيطرة: 30 عملية خلال أسبوعين