ودعا الأمين العام لحزب "إلى الأمام" ريشار فيرون، اليوم الثلاثاء، السلطات الفرنسية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة "لضمان عدم تدخّل أي قوة أجنبية في المسار الديمقراطي الفرنسي"، متهماً روسيا بالعمل على التشويش على الحملة الانتخابية لمرشح الحزب إيمانويل ماكرون، وشنّ هجمات إلكترونية وإعلامية على حملته.
وطالب فيرون، بمقال في صحيفة "لوموند"، اليوم الثلاثاء، بالعمل على "منع روسيا من التدخّل في انتخابات الرئاسة الفرنسية"، متهماً جهات روسية باستهداف البنية الإلكترونية لحزب ماكرون، كاشفاً أنّ موقع الحزب كان هدفاً في الشهور الأخيرة "لآلاف الهجمات الإلكترونية المنظمة وبأشكال مختلفة هدفها التسلل إلى قاعدة البيانات والرسائل الإلكترونية".
وحذّر فيرون من أنّ "تواصل هذه الهجمات التي تأتي من أوكرانيا، سيعقّد بشكل كبير الحملة الانتخابية لماكرون وقد تصير الحملة مستحيلة بسببها".
وفضلاً عن الهجمات الإلكترونية، قال الأمين العام لحزب ماكرون، إنّ وسائل إعلامية روسية منها "روسيا اليوم" و"سبوتنيك نيوز" الممولتين من الحكومة الروسية، "تشنّ حملة قوية ضد ماكرون وتبث منذ شهور إشاعات مضللة بشأن حياته الشخصية"، في إشارة إلى الاتهامات التي تناقلتها وسائل إعلام فرنسية أيضاً، ومواقع الاتصال الاجتماعي بخصوص المثلية الجنسية لماكرون واستفادته من" دعم مالي يوفره له لوبي مثلي نافذ".
وأضاف فيرون أنّ "تهديدات مبطنة صدرت مؤخراً عن مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج، أكد فيها حصوله على معلومات مهمة بخصوص ماكرون ظهرت في رسائل إلكترونية مسروقة من المرشحة الديمقراطية السابقة للانتخابات الأميركية هيلاري كلينتون، تكشف أنّ ثمة أياد روسية تستهدف ماكرون باعتبار أنّ أسانج معروف بقربه من السلطات الروسية".
في المقابل، سارعت كل من "روسيا اليوم" و"سبوتنيك نيوز"، اليوم الثلاثاء، إلى نفي اتهامات فيرون في بيانين منفصلين، ووصفتاها بأنّها "مجرد مزاعم لا تستند إلى أيّ دليل واضح". وعلى الجانب الروسي أيضاً، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، اليوم الثلاثاء، إنّ "مزاعم عن أنّ الكرملين شنّ هجمات إعلامية وإلكترونية على حملة المرشح ماكرون سخيفة"، وأكد أنّ روسيا "لا نية لديها للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، أو في عملياتها الانتخابية على وجه الخصوص".
وهذه أول اتهامات رسمية تصدر عن جهة حزبية فرنسية إلى روسيا، بمحاولة التدخّل في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بعد الاتهامات التي وُجهت إلى موسكو بخصوص تدخّلها في الانتخابات الرئاسية الأميركية، لترجيح الكفة لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب، ورواج معلومات حول نشاطات إلكترونية روسية مشبوهة في بعض البلدان الأوربية الأخرى، خاصة ألمانيا.
وكانت الاستخبارات الفرنسية، حسب معلومات سرّبتها صحيفة "لوكانار أونشيني"، قد حذّرت من أنّ الأجهزة الروسية تحضّر لحملة إلكترونية، لصالح مرشحة حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرّف مارين لوبان لكونها مرشحة الكرملين المفضلة سياسياً وإيديولوجياً، ستمرّ بالخصوص عبر إغراق مواقع الاتصال الاجتماعي برسائل وتدوينات وتغريدات تساند لوبان، بهدف تعزيز الانطباع العام بنجاحها الوشيك في الانتخابات.
وذكرت مصادر الاستخبارات الفرنسية أنّ الحملة لصالح لوبان، تعني أيضاً استهداف خصومها الرئيسيين بحملة إشاعات مضللة ومعلومات خاطئة وتسريبات عن سلوكيات حميمية، تستهدف سمعتهم الشخصية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتأخذ الرئاسة الفرنسية على محمل الجد، مسألة احتمال وجود تهديدات خارجية بالتدخّل في الانتخابات الفرنسية، إذ خصّص اجتماع لمجلس الدفاع الوطني يعقد قريباً في قصر الإليزيه، للبحث في خطة ردعية شاملة لأيّ تدخل روسي محتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وكانت الاستخبارات الفرنسية قد نظمت في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يوماً دراسياً دعت إليه مختلف ممثلي الأحزاب الفرنسية، للتأكيد على ضرورة اتخاذ احتياطات مناسبة لحماية مواقعهم على الإنترنت، وقواعد بياناتهم الخاصة ومراسلاتهم التي قد تتعرّض للقرصنة، بينما كان لافتاً أنّ الحزب الوحيد الذي رفض المشاركة في هذا اليوم الدراسي، هو حزب مارين لوبان تحديداً.
ويأتي هذا الاستنفار الفرنسي في مواجهة تدخّل روسي محتمل في انتخابات الرئاسة الفرنسية، بعد الاتهامات التي وجهتها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لروسيا، بخصوص تدخّلها في الحملة الانتخابية وإضعافها للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، لصالح الجمهوري دونالد ترامب.