أنهى وفد رفيع المستوى من الحكومة العراقية زيارته إلى الصين، بعد توقيع عدد من الاتفاقيات، وسط قلق من وجود شبهات فساد بالعقود الموقعة في ظل غموض بنودها.
وأبدى عدد من النواب في البرلمان العراقي مخاوفهم من عمليات هدر بالمال العام، خلال عقد الاتفاقيات بين العراق والصين، التي وقعها وفد حكومة بغداد، في مختلف الأصعدة.
وتخوف النواب من قضية تخويل رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي عدداً من الوزراء والمحافظين بتوقيع اتفاقيات مع الصين بشكل مباشر خلال الزيارة، بدون الرجوع إليه، مع وجود ملاحظات على عدد من الوزراء والمحافظين، من ضمنها شبهات فساد، في أعمالهم خلال الفترة السابقة.
وبدأ عبد المهدي، برفقة وفد يضم وزراء ومحافظين ومستشارين، زيارة إلى الصين، يوم الخميس الماضي، بهدف عقد اتفاقات وتفاهمات بين بغداد وبكين في عدة مجالات، بينها التعليم والنقل والصناعة والزراعة، وكذلك الجانب الأمني.
وأعلن رئيس الحكومة العراقية عن مذكرات التفاهم واتفاقات ثمانية، وفي مقدمتها "اتفاق إطاري للإنفاق الائتماني المالي، ومذكرة تفاهم لإعادة الإعمار الاقتصادي، وأخرى في مجالات تعاون اقتصادية وثقافية وفنية، فضلاً عن العقود التي توقع من قبل الوزراء والمحافظين، وتطوير البنى للمواصلات والاتصالات والسكن والطاقة والمجاري وغيرها".
فيما كشف عبد الحسين الهنين، المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة العراقية، أن "حجم الأعمال بين العراق والصين المستهدف خلال العشر سنوات القادمة سيزيد عن 500 مليار دولار، تبدأ من الآن".
وتعد زيارة عبد المهدي الكبرى من نوعها، إذ يسعى العراق من خلالها لتطوير ونمو حجم الاقتصاد والاستثمارات في البلاد.
وحذر تيار الحكمة المعارضة، بزعامة عمار الحكيم، من وجود عمليات فساد وهدر للمال العام، خلال الاتفاقيات التي وقعت بين الجانب العراقي والصيني.
وقال النائب عن التيار علي البديري، لـ"العربي الجديد"، إن توقيع المحافظين اتفاقيات مباشرة قد يؤدي إلى عمليات إهدار المال العام. وأضاف البديري أن "هناك مخاوف حقيقة من وجود شبهات فساد أو عمليات هدر للمال في الاتفاقيات التي وقعها المسؤولون العراقيون، خلال زيارتهم إلى الصين، خصوصاً أننا في البرلمان لم نعرف ما هي الاتفاقيات والصفقات، التي وقعتها بغداد مع بكين حتى الآن".
ودعا رئيس الحكومة لإعطاء إيجاز كامل لمجلس النواب العراقي، عن زيارته إلى الصين. وقال: "نحن سوف ندقق بتلك الاتفاقيات وندرسها، خصوصاً أن لمجلس النواب حق رفضها في حال وجدت شبهات فساد فيها أو هدر للمال العام".
من جانبه، أكد عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي طه الدفاعي، لـ"العربي الجديد"، أنه "لغاية الساعة لا نعرف ما هي الاتفاقيات التي وقعها وفد العراق مع الصين؟ وما تم توقيعه هي اتفاقيات أولية حسب ما نعتقد، أما المشاريع سوف تعلن أمام مجلس النواب".
وبين الدفاعي أننا "ننتظر تقرير الحكومة عن زيارتها وعن الاتفاقيات التي أبرمتها مع الصين، وما هي المبالغ المتفق عليها؟ وكذلك شروط الاستثمار، لغرض تدقيقها ومنع أي شبهات فساد أو هدر للمال العام بهذه الاتفاقيات".
في المقابل قال النائب عن تحالف البناء عباس العطافي، لـ"العربي الجديد"، إن "كل الاتفاقيات التي أبرمها وفد حكومة بغداد مع الجانب الصيني، ستكون لمجلس النواب العراقي وقفة معها قبل التصديق عليها".
وأكد أن "هناك متابعة ورقابة لمجلس النواب على أي اتفاقيات وصفقات تعقدها الحكومة العراقية مع أي دولة، كما أن هناك صلاحيات للبرلمان لتدقيق أي اتفاقية، ورفضها في حال وجدت فيها شبهات فساد أو هدر للمال العام".
وبين العطافي أن "زيارة وفد الحكومة العراقية إلى بكين كان اختيارا صحيحا، خصوصا أن الصين تعتبر من أكبر الدول الصناعية، والمشروعات المشتركة معها ستوفر فرص عمل كثيرة".
ويعاني العراق منذ سنوات من فساد كبير، ويأتي في المرتبة الـ12 بين الدول الأكثر فساداً في العالم، وفقاً لأحدث تقرير لمنظمة الشفافية الدولية. ورغم إجراءات حكومية مشدّدة استهدفت الحد من الفساد إلّا أن الظاهرة ما زالت تتسع، وقال مسؤول في ديوان محافظة الموصل، في شهر يوليو/ تموز الماضي، إن الفترة المقبلة تمهد لفتح 13 ملف فساد في عدة قطاعات كبدت البلاد نحو 100 مليار دينار (84 مليون دولار تقريباً) في أقل من عامين، مشيراً إلى أن قسماً من المسؤولين السابقين في المحافظة منعوا فعلاً من مغادرة البلاد، وآخرين يخضعون للاستجواب.