مثلما حدث مع شجرة المسكيت التي استجلبت في ثمانينيات القرن الماضي لمعالجة مشكلات زحف الكثبان الرملية في السودان، وتولدت عنها مشاكل بيئية كلفتنا كثيراً، ظهرت النبتة الشيطانية الثانية، كما يسميها البعض، شجرة الدمس أو "المؤتمر الوطني"، بحسب المتندرين، بسبل غير مدروسة لمعالجة المشكلات البيئية والتنموية.
وفي هذه التسمية إشارة إلى الطريقة الطفيلية التي تتغذى بها الشجرة. فهي ترسل شعيراتها الجذرية الدقيقة بحثاً عن الماء، لتخترق شبكات المياه، وتتسبب في حرمان السكان من الإمداد المائي، فضلاً عن اتهام المواطنين إياها بتخريب أسس المنازل وإغلاق تمديدات الصرف الصحي بالأحياء السكنية.
الدَمَس السِناني ضمن رتبة الآسيات، كما تقول المراجع. أصلها من المناطق النهرية والساحلية في الصومال وجيبوتي واليمن. تتميز بسرعة النمو والخضرة الدائمة. ويصل طول الشجرة إلى 20 متراً.
لعلّ أول ظهور للدمس في السودان خلال الخمسينيات كان للدمس الصومالي. وقد تم إدخاله بصورة علمية مقننة للاستخدام في الأحزمة الواقية. ويؤكد البعض أنّ النوع الثاني منها لم يظهر قبل عام 1997. وسرعان ما حجزت الشجرة لنفسها مكانة في المدن. وتبنتها، دونما تفكير، جهات حكومية عديدة، حتى أن أهل الثغر يطلقون عليها "شجرة الوالي"، لارتباطها بنهضة تجميلية يقودها والي ولاية البحر الأحمر.
ومع انتشار الشكاوى، ارتفعت أيادي وحناجر المسؤولين دفاعاً عن مؤسساتهم التي لم تتم استشارتها حين دخلت الشجرة إلى البلاد. فأكدوا أنها أدخلت عبر أفراد "نافذين". ونفت الهيئة القومية لغابات السودان ــ الجهة المعنية بدخول مختلف الأشجار بعد إخضاعها للبحث والتجربة ــ مسؤوليتها عن دخول الدمس السعودي، وانتشار زراعته في المنازل والميادين والحدائق العامة بالبلاد.
في أوائل القرن الماضي تم إدخال العديد من الأشجار، بعد إجراء عملية التجارب لها بصورة علمية ومنظمة، مثل أشجار الكافور والنيم وغيرها، وأثبتت تلك الأشجار نجاحها في البيئة السودانية.
تقلّص دور المؤسسات المتخصصة بجلب الأشجار ودراسة أثرها على البيئة السودانية. وأزيحت الكوادر المؤهلة، ولم يعد هنالك إلاّ أهل الولاء السياسي. وقد جاء في تصريح لأحد هؤلاء أنّ "المواطنين عاملوا الشجرة بدلال فأصبحت شرهة للمياه، فقد كان من المفترض أن تعامل حسب البيئة التي جاءت منها السعودية، وطبيعتها الصحراوية".
وبذلك تزاح أشجار البيئة المحلية عن خارطة الاهتمام الرسمي، لتصبح النتيجة وبالاً على البيئة والأرض والإنسان.
(متخصص في شؤون البيئة)
وفي هذه التسمية إشارة إلى الطريقة الطفيلية التي تتغذى بها الشجرة. فهي ترسل شعيراتها الجذرية الدقيقة بحثاً عن الماء، لتخترق شبكات المياه، وتتسبب في حرمان السكان من الإمداد المائي، فضلاً عن اتهام المواطنين إياها بتخريب أسس المنازل وإغلاق تمديدات الصرف الصحي بالأحياء السكنية.
الدَمَس السِناني ضمن رتبة الآسيات، كما تقول المراجع. أصلها من المناطق النهرية والساحلية في الصومال وجيبوتي واليمن. تتميز بسرعة النمو والخضرة الدائمة. ويصل طول الشجرة إلى 20 متراً.
لعلّ أول ظهور للدمس في السودان خلال الخمسينيات كان للدمس الصومالي. وقد تم إدخاله بصورة علمية مقننة للاستخدام في الأحزمة الواقية. ويؤكد البعض أنّ النوع الثاني منها لم يظهر قبل عام 1997. وسرعان ما حجزت الشجرة لنفسها مكانة في المدن. وتبنتها، دونما تفكير، جهات حكومية عديدة، حتى أن أهل الثغر يطلقون عليها "شجرة الوالي"، لارتباطها بنهضة تجميلية يقودها والي ولاية البحر الأحمر.
ومع انتشار الشكاوى، ارتفعت أيادي وحناجر المسؤولين دفاعاً عن مؤسساتهم التي لم تتم استشارتها حين دخلت الشجرة إلى البلاد. فأكدوا أنها أدخلت عبر أفراد "نافذين". ونفت الهيئة القومية لغابات السودان ــ الجهة المعنية بدخول مختلف الأشجار بعد إخضاعها للبحث والتجربة ــ مسؤوليتها عن دخول الدمس السعودي، وانتشار زراعته في المنازل والميادين والحدائق العامة بالبلاد.
في أوائل القرن الماضي تم إدخال العديد من الأشجار، بعد إجراء عملية التجارب لها بصورة علمية ومنظمة، مثل أشجار الكافور والنيم وغيرها، وأثبتت تلك الأشجار نجاحها في البيئة السودانية.
تقلّص دور المؤسسات المتخصصة بجلب الأشجار ودراسة أثرها على البيئة السودانية. وأزيحت الكوادر المؤهلة، ولم يعد هنالك إلاّ أهل الولاء السياسي. وقد جاء في تصريح لأحد هؤلاء أنّ "المواطنين عاملوا الشجرة بدلال فأصبحت شرهة للمياه، فقد كان من المفترض أن تعامل حسب البيئة التي جاءت منها السعودية، وطبيعتها الصحراوية".
وبذلك تزاح أشجار البيئة المحلية عن خارطة الاهتمام الرسمي، لتصبح النتيجة وبالاً على البيئة والأرض والإنسان.
(متخصص في شؤون البيئة)