كان والده مخرجاً سينمائياً كبيراً. لكن السبب الأساسي في عشقه الفنّ السابع وجود صالة عرض أمام بيته، كان يذهب إليها ويشاهد 3 أفلام، مصرية وأجنبية، وأفلام "كرتون". على بعد 100 متر، كانت هناك صالتان يجد نفسه فيهما غالباً.
إذاً، كانت جغرافية البيت، الذي نشأ فيه شريف عرفة، "ندّاهة" السينما، لا الأب، أقلّه حتى بلوغه 16 عاماً، عندما قرّر أن يُصبح مخرجاً. فالأب كان يمنعه، هو وأخاه عمرو، في طفولتهما، من حضور التصوير، كما كان يرفض أن يدخل بيتَه أحدٌ من الوسط الفني. عائلة "منغلقة جداً"، بحسب وصف عرفة نفسه، في حوار نادر الحدوث، فهو كوالده تماماً، لا يتحدّث إلى الإعلام والصحافة إلا نادراً، مُفضّلاً أنْ تتحدّث أعماله عنه.
لكن حواره مع الناقد السينمائي طارق الشناوي تفصيلي، بخصوص سيرته وخياراته السينمائية، مُضيئاً أموراً كثيرة عن تلقّي العمل الفني، وتقييم وتوصيف أساليب مخرجين، مجايلين أو سابقين عليه، وطارحاً أفكاراً مثيرة للتأمّل، خصوصاً بالنسبة إلى المقارنة بين جيل ثمانينيات القرن الـ20، والجيل السابق عليه من الكبار. في الوقت نفسه، تمنح الإشارات عن تجربته المهنية أملاً، وتُشجّع على الصمود في مواجهة الهزائم والانكسارات، وتؤكّد أنّه طالما أخلص الإنسان لعمله، فلا بُدّ أنْ ينجح يوماً ما.
هذا ما أثبتته تجربته، التي تناول جوانب كثيرة منها في الكتاب الصادر عنه، بعنوان " شريف عرفة... المايسترو"، بمناسبة تكريمه في الدورة الـ41 (20 ـ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، بمنحه "جائزة فاتن حمامة التقديرية".
إذاً، كانت جغرافية البيت، الذي نشأ فيه شريف عرفة، "ندّاهة" السينما، لا الأب، أقلّه حتى بلوغه 16 عاماً، عندما قرّر أن يُصبح مخرجاً. فالأب كان يمنعه، هو وأخاه عمرو، في طفولتهما، من حضور التصوير، كما كان يرفض أن يدخل بيتَه أحدٌ من الوسط الفني. عائلة "منغلقة جداً"، بحسب وصف عرفة نفسه، في حوار نادر الحدوث، فهو كوالده تماماً، لا يتحدّث إلى الإعلام والصحافة إلا نادراً، مُفضّلاً أنْ تتحدّث أعماله عنه.
لكن حواره مع الناقد السينمائي طارق الشناوي تفصيلي، بخصوص سيرته وخياراته السينمائية، مُضيئاً أموراً كثيرة عن تلقّي العمل الفني، وتقييم وتوصيف أساليب مخرجين، مجايلين أو سابقين عليه، وطارحاً أفكاراً مثيرة للتأمّل، خصوصاً بالنسبة إلى المقارنة بين جيل ثمانينيات القرن الـ20، والجيل السابق عليه من الكبار. في الوقت نفسه، تمنح الإشارات عن تجربته المهنية أملاً، وتُشجّع على الصمود في مواجهة الهزائم والانكسارات، وتؤكّد أنّه طالما أخلص الإنسان لعمله، فلا بُدّ أنْ ينجح يوماً ما.
هذا ما أثبتته تجربته، التي تناول جوانب كثيرة منها في الكتاب الصادر عنه، بعنوان " شريف عرفة... المايسترو"، بمناسبة تكريمه في الدورة الـ41 (20 ـ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، بمنحه "جائزة فاتن حمامة التقديرية".
رغم ما سبق، فإن سعد عرفة ساند ابنه شريف، عندما ثارت الأم، وهدّدت بترك المنزل، كي لا يدرس ابنها السينما. فهي عاشت مأساة تقلّب السينما وأحوالها الكارثية مع الأب، ولا تريد تكرارها مع الابن. لذا، أُخفي الأمر عنها نحو عامين، درس الابن خلالهما التجارة والسينما، وعمل مساعد إنتاج مع والده، بعد خوضه تجربة الـ"كلاكيت". كان يشتري الطعام لفريق العمل، ولم يكن سعد يُميّزه عن الآخرين في بلاتوهات التصوير، مُصرّاً على وضعه في مكانه.
يروي شريف عرفة هذه الحكاية: ذات مرّة، كان على فريق العمل السفر للتصوير، والأب يقود سيارته الخاصة. لكن شريف سافر على سطح إحدى السيارات، لأنْ لا مكان له في سيارة والده.
لم يكن سعد، ولا المخرجون الآخرون، يشرحون لماذا يُخرجون لقطة معينة بهذه الطريقة أو بغيرها. وإذا سألهم شريف، تكون الإجابة محدودة جداً، كأنْ يقول سعد: "لأن ليست الأشياء كلّها مثل بعضها"، وكان على شريف أنْ يُحلّل بنفسه، محاولاً أنْ يفهم لوحده، وأنْ يتخيّل النتيجة لو أنّه أخرج هو بعض الأفلام.
اقــرأ أيضاً
في بداياته، واجه شريف عرفة مشاكل مادية، فسُجن بسبب ديون و"شيكات" من دون رصيد، بعد خسائر أفلام له. لكن، عند نجاحه في اختراق سوق الإعلانات، أصبح قادراً على الاختيار الفني بهدوء، مع الوفاء بالتزاماته الأسرية.
لم يكن يستسلم للنجوم. خلافه مع سعاد حسني، في "الدرجة الثالثة"، لا تزال حاضرة. ترويضه لمخاوف عادل إمام، منذ فيلمهما الأول "اللعب مع الكبار" (1991)، والأفلام الـ5 التي جمعتهما بعده، شاهد آخر.
ترك شريف عرفة بصمة مميزة على سيناريوهات وحيد حامد، الذي يرفض بغضب تغيير شيء فيها. يؤكّد عرفة، في الكتاب، أنّ حامد وافق على طلبه تعديل تفاصيل في سيناريوهاته، وهذا يُفسّر نهاية "اللعب مع الكبار"، المتناقضة مع المواقف السياسية للأفلام السابقة لحامد، خصوصاً تلك التي اشتغلها مع عاطف الطيب، وآخرها "البريء" (1986)، السابق مباشرة على "اللعب مع الكبار".
أعاد عرفة للسينما المصرية ممثلين ثانويين، لهم أهميتهم، كسامي سرحان ومحمد يوسف، فهو يمتلك إحساساً صحيحاً، يُمكّنه من اكتشاف الموهبة ومكامن قوّتها، فيُوجّهها على طريق النجومية، كما فعل مع علاء ولي الدين، الممثل الثانوي آنذاك، بمنحه دور البطوله المطلقة في "عبود على الحدود" (1999)، من دون نجم شباك تذاكر إلى جانبه. حينها، وصفه موزّعون ومنتجون بالمتهوّر، وتوقّعوا خسارته. لكنه نجح في التحدّي، وكسب الرهان. تكرّر الأمر مع كريم عبد العزيز وأحمد حلمي، وكان مذيع برامج أطفال، مانحاً إياهما أدواراً رئيسية. ومع أنّه منح محمد سعد الدور الأيقونة، في "الناظر" (2000) الذي رفعه إلى قمّة النجاح (شخصية اللمبي)، لم يكترث الممثل بنصيحة المخرج "ألاّ يُكرّر نفسه".
يروي شريف عرفة هذه الحكاية: ذات مرّة، كان على فريق العمل السفر للتصوير، والأب يقود سيارته الخاصة. لكن شريف سافر على سطح إحدى السيارات، لأنْ لا مكان له في سيارة والده.
لم يكن سعد، ولا المخرجون الآخرون، يشرحون لماذا يُخرجون لقطة معينة بهذه الطريقة أو بغيرها. وإذا سألهم شريف، تكون الإجابة محدودة جداً، كأنْ يقول سعد: "لأن ليست الأشياء كلّها مثل بعضها"، وكان على شريف أنْ يُحلّل بنفسه، محاولاً أنْ يفهم لوحده، وأنْ يتخيّل النتيجة لو أنّه أخرج هو بعض الأفلام.
لم تولد مكانة شريف عرفة من فراغ إذاً، فصار أحد أهم فصول السينما المصرية، لتقديمه الفانتازيا والاستعراض والكوميديا والأكشن، والنوعين الاجتماعي والتاريخي. لا يكفّ عن المغامرة، وإن لم تنجح مغامرة ما، لا يستسلم للإخفاق التجاري، بل يعيد الكَرَّة. هذا تؤكّده تجاربه الـ4، شديدة الخصوصية، مع السيناريست المصري ماهر عواد، في "الأقزام قادمون" (1987) و"الدرجة الثالثة" (1988) و"سمع هس" (1991)، ولاحقاً "يا مهلبية يا" (1991)، عندما كانا يحلمان بتقديم سينما مغايرة. لكن الجمهور، حينها، لم يكن يمتلك وعياً كافياً، يجعله مهيّأ لتلقّي هذا النوع، حتى أنّ أعضاء لجان تحكيم عديدة، في مهرجانات مختلفة، لم يفهموا روح الفكاهة الساخرة في "يا مهلبية يا". هذا أكّدته فاتن حمامة، عند اتصالها به لتهنئته عليه، طالبة منه إخراج فيلمٍ لها، لكن السيناريوهات التي أرسلتها إليه لم تُقنعه، وهو قادر على عدم تنفيذ فيلم لا يقتنع به.
في بداياته، واجه شريف عرفة مشاكل مادية، فسُجن بسبب ديون و"شيكات" من دون رصيد، بعد خسائر أفلام له. لكن، عند نجاحه في اختراق سوق الإعلانات، أصبح قادراً على الاختيار الفني بهدوء، مع الوفاء بالتزاماته الأسرية.
لم يكن يستسلم للنجوم. خلافه مع سعاد حسني، في "الدرجة الثالثة"، لا تزال حاضرة. ترويضه لمخاوف عادل إمام، منذ فيلمهما الأول "اللعب مع الكبار" (1991)، والأفلام الـ5 التي جمعتهما بعده، شاهد آخر.
ترك شريف عرفة بصمة مميزة على سيناريوهات وحيد حامد، الذي يرفض بغضب تغيير شيء فيها. يؤكّد عرفة، في الكتاب، أنّ حامد وافق على طلبه تعديل تفاصيل في سيناريوهاته، وهذا يُفسّر نهاية "اللعب مع الكبار"، المتناقضة مع المواقف السياسية للأفلام السابقة لحامد، خصوصاً تلك التي اشتغلها مع عاطف الطيب، وآخرها "البريء" (1986)، السابق مباشرة على "اللعب مع الكبار".
أعاد عرفة للسينما المصرية ممثلين ثانويين، لهم أهميتهم، كسامي سرحان ومحمد يوسف، فهو يمتلك إحساساً صحيحاً، يُمكّنه من اكتشاف الموهبة ومكامن قوّتها، فيُوجّهها على طريق النجومية، كما فعل مع علاء ولي الدين، الممثل الثانوي آنذاك، بمنحه دور البطوله المطلقة في "عبود على الحدود" (1999)، من دون نجم شباك تذاكر إلى جانبه. حينها، وصفه موزّعون ومنتجون بالمتهوّر، وتوقّعوا خسارته. لكنه نجح في التحدّي، وكسب الرهان. تكرّر الأمر مع كريم عبد العزيز وأحمد حلمي، وكان مذيع برامج أطفال، مانحاً إياهما أدواراً رئيسية. ومع أنّه منح محمد سعد الدور الأيقونة، في "الناظر" (2000) الذي رفعه إلى قمّة النجاح (شخصية اللمبي)، لم يكترث الممثل بنصيحة المخرج "ألاّ يُكرّر نفسه".