يعود السبب، حسب رأيه، إلى التكافل الاجتماعي منقطع النظير بين أبناء المجتمع اليمني، إذ قال إنه استمع إلى الكثير من القصص التي تتحدث عن أشكال عدة من هذا التكافل والتي ساهمت في التخفيف من وطأة الآثار المأسوية للحرب ومساعدة اليمنيين على الصمود داخل البلاد من دون الاضطرار إلى النزوح. وأضاف تولر أنّ التكافل بين اليمنيين لا يقتصر على من يعرفون بعضهم البعض أو من تربطهم صلة قرابة، بل إنه يمتد لمساعدة كل ذي حاجة أينما كان.
وبالتأكيد، تبدو ملاحظة المسؤول الأميركي غاية في الدقة، إذ تؤكد الوقائع أنّ بعض الميسورين في اليمن يوزعون على المحتاجين أضعاف ما توزعه المنظمات الإغاثية والمؤسسات الخيرية، ومن دون منٍّ ولا أذى ولا تصوير ولا كاميرات. وهذه ربما هي النقطة المضيئة في الواقع المعتم الذي تمرّ به البلاد، إذ ساهمت الحرب في إظهار المعدن الأصيل لهذا الشعب الذي يستحق حياة أفضل من هذه التي دفعته إليها الصراعات والأطماع والحروب.
ولا شك أنّ فئة المغتربين تؤدي دوراً رئيسياً في هذا التكافل بعدما انضمت أغلب الفئات المجتمعية إلى خانة الحاجة والعوز، خصوصاً بعد انقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين منذ سنوات.
ولعلّ المفارقة أنّ اليمن في المقابل، يكاد يكون البلد الوحيد الذي يصمد شعبه داخل أراضيه وتنزح حكومتُه خارج البلاد، رغم وجود مساحات كبيرة من الأرض يمكن أن تعود إليها القيادة وتمارس منها مهامها. لكن ذلك للأسف غير متحقّق لسببين؛ أحدهما متعلّق بقيادة الشرعية التي لا تحمل على ما يبدو العزم الكافي للعودة التامة إلى اليمن، مع وجود استثناءات للعديد من المسؤولين، والثاني يتعلّق بجملة من العراقيل تضعها القوى الموالية لدولة الإمارات في المناطق التي لا تقع ضمن سيطرة الحوثيين، وعلى رأسها العاصمة المؤقتة عدن، ومدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت. ولكن أيّاً كانت العراقيل التي تضعها تلك القوى، فإنّ على الحكومة الشرعية ألا تستسلم لهذه المعوقات، وأن تتعلّم من شعبها الصمود على الأرض مهما كانت الصعوبات.