عبدالحفيظ خسر شبابه في سجن "الحراش" في العاصمة الجزائرية، حسب قوله، "بسبب بيع المخدرات برفقة مجموعة من الأصدقاء، إنه طيش الشباب".
ويضيف، أن انحرافه كلفه غالياً، وأدى به إلى الهلاك، وأنه دفع الثمن في سجنه وخارج أسوار السجن أيضاً.
الحصول على وظيفة، أو حتى محاولة تقديم ملفه العدلي لأيّ جهة خاصة أو حكومية حلم بعيد المنال بالنسبة لعبد الحفيظ. ويشير إلى شعوره بالتشاؤم وأن "هناك آلاف الملفات التي تنتظر التوظيف، ومنها ملفات نظيفة، غير ملطخة بعبارة له سوابق عدلية، والإشارة لسنوات الحكم (سجن لمدة عشر سنوات) مثلي، ولم ينل أصحابها عملاً، فكيف لشخص لديه سوابق يمكن توظيفه في مؤسسة حكومية؟".
حقيقة مريرة يعاني منها العشرات بل المئات من الذين قضوا محكوميتهم في السجون الجزائرية. منهم من لم يتمكن من التأقلم مع المجتمع، وأكثرهم يتحسرون على سنوات العمر التي ضاعت خلف جدران الزنازين.
في محطة المسافرين بمنطقة "الخروبة" في قلب العاصمة الجزائرية، وجد حسين (42 عاماً) ضالته في حمل الأمتعة للمسافرين، والعمل نادلاً في أحد مقاهي المحطة في أوقات محددة، فصارت المحطة بيته الأول والأخير بعدما لفظته الأسرة والمحيط عند خروجه من السجن الذي قضى فيه زهرة حياته.
يقول لـ"العربي الجديد": "مرت علي سنوات الشباب في السجن، دخلته ولم أكن أتجاوز يومها 29 من عمري، وعندما خرجت وجدت أنني نسيت الوجوه، ولم أتعرف على بعض أفراد عائلتي والجيران، فمن تركته طفلاً وجدته يدرس اليوم في الجامعة".
ويتابع، إنه بحث عن عمل لمدة تجاوزت العام، عمل يعيش منه، وينسيه هموم الحياة، إلى أن وجد ضالته بالعمل حمالاً في سوق شعبية. ويقول: "كل يوم وبركته"، مشيراً إلى "صعوبات اندماج المساجين في المجتمع مجدداً بسبب وثيقة السوابق العدلية التي تعرقل توظيفهم".
دعوات كثيرة من حقوقيين في الجزائر تطالب بإلغاء وثيقة السوابق العدلية من ملفات التوظيف، في بعض الوظائف، تسهيلاً لعودة المساجين السابقين إلى المجتمع، وتجنيبهم الانحراف مجدداً.
ويرى الحقوقي محمد أوشان أن العمل حق مشروع، لكنه صعب بالنسبة للآلاف من ذوي السوابق العدلية مع رفض المؤسسات الحكومية والخاصة توظيفهم، ما يعني احتمال عودتهم إلى الانحراف مجدداً".
كما طالب أوشان بضرورة تفعيل القوانين التي تمنح الحق للسجناء بعد انقضاء محكوميتهم الحصول على عمل لإدماجهم مجدداً بالمجتمع.