شهر العسل الروسي-الإسرائيلي: تعهدات بالحماية في مجلس الأمن

19 يونيو 2016
استقبل بوتين نتنياهو بحفاوة غير مسبوقة (ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -
تتعدد المؤشرات حول تزايد التنسيق بين إسرائيل وروسيا، وخصوصاً بعد الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو أخيراً. وبينما تجاهر إسرائيل بالرهان على دور روسي في إحباط المبادرة الفرنسية الخاصة بعملية السلام، يقول مسؤول إسرائيلي بارز أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعهد بحماية إسرائيل في مجلس الأمن، ولم يستبعد استخدام موسكو حق النقض الفيتو لإحباط أي مشروع قرار في مجلس الأمن يسعى لفرض أي شكل من أشكال التسوية للصراع مع الشعب الفلسطيني لا تقبل به إسرائيل. ونقل موقع صحيفة "ميكور ريشون"، يوم الثلاثاء، عن مسؤول إسرائيلي، شارك في اللقاءات التي جمعت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبوتين أخيراً، قوله إنّ حرص الرئيس الروسي على طمأنة رئيس الوزراء الإسرائيلي جاء رداً على القلق الإسرائيلي من إمكانية أن تسعى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن يتضمن "معايير محددة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بدون التنسيق والتعاون مع إسرائيل".
ويرى المسؤول نفسه أنه على الرغم من أن الروس يمكن في النهاية ألا يلتزموا بهذا التعهد، إلا أن الخطوة التي أقدم عليها بوتين تدلل على أنه "معني ببساطة بالتقرب منّا بكل ما أوتي من قوة"، على حد قوله.



من جهته، يوضح المعلق السياسي في "ميكور ريشون" الذي أعد التقرير، أرئيل كهانا، أن الصورة التي نقلها وزير المالية السابق، زعيم حزب "ييش عتيد"، يئير لبيد، الذي زار البيت البيض أخيراً أقلقت ديوان نتنياهو، مشيراً إلى أن عدداً من مستشاري أوباما أوضحوا للبيد أن الإدارة الأميركية إما أنها ستبادر إلى تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي حول "معايير حل الصراع مع الفلسطينيين أو أنها لن تعترض على مثل هذا المشروع في حال قدمته دولة أخرى في مجلس الأمن".
ويشير كهانا إلى أنه على الرغم من أن مستشارة الأمن القومي الأميركي، سوزان رايس، قد عبرت الأسبوع الماضي عن مواقف مغايرة لمواقف المستشارين الذين استمع إليهم لبيد، إلا أن ذلك لم يقلّص من مستوى القلق في تل أبيب من إمكانية أن يوجه أوباما في آخر ولايته ضربة سياسية لحكومة نتنياهو. وينقل كهانا عن المسؤول الإسرائيلي الذي رافق نتنياهو إلى موسكو، قوله إن الأخير ومرافقيه فوجئوا من "مستوى الحفاوة غير المسبوق. مظاهر الحفاوة فاقت ببساطة أكثر التوقعات الإسرائيلية تفاؤلاً". ويشير المسؤول إلى أنه بسبب رغبة بوتين، فقد امتد اللقاء بينه وبين نتنياهو إلى 4 ساعات، على الرغم من أنه كان من المقرر ألا يتجاوز الساعتين.
وينوه المسؤول إلى أن بوتين فاجأ نتنياهو عندما عرض عليه القيام بجولة في مرافق الكرملين وقاعاته، وهو ما لم يكن ضمن برنامج الزيارة. ويلفت المسؤول نفسه إلى أن مفاجآت بوتين الرمزية لم تقتصر على ذلك، بل إن الرئيس الروسي حرص بعد مشاهدة عمل فني في مسرح "بلشوي" في موسكو برفقة نتنياهو وزوجته سارة، على الإسراع بمغادرة القاعة قبل الزوجين نتنياهو ومفاجأة سارة بتقديم باقة من الزهور لها. وحسب كهانا، فإن المستوى السياسي ومحافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب ترى أن حرص بوتين الكبير على التقرب من إسرائيل يأتي "كرد للجميل" لها، على اعتبار أنها "الدولة الغربية الوحيدة التي رفضت المشاركة في فرض العقوبات الدولية على روسيا في أعقاب تفجر الصراع مع أوكرانيا"، إلى جانب حرصها على إبداء أكبر درجات الحذر لدى التعبير عن موقف من الصراع بين موسكو وكييف.
وينقل كهانا عن مصدر سياسي إسرائيلي آخر قوله إن قناعة تسود في تل أبيب بأن الجهود التي تبذلها إسرائيل لمنع انتقال السلاح من سورية إلى حزب الله "كان يمكن أن تكون أكثر صعوبة وأقل جدوى لولا التعاون والتنسيق مع روسيا". وفي السياق، يقول السفير الإسرائيلي الأسبق في موسكو، تسفى مغين، الباحث البارز في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إن إسرائيل تراهن على دور بوتين في إحباط المبادرة الفرنسية دون أن تتعرض إسرائيل لانتقادات دولية. وتنقل صحيفة "معاريف" أخيراً عن مغين قوله إن تعمد بوتين عدم إرسال ممثل عن موسكو لمؤتمر باريس الأخير جاء في إطار التنسيق الإسرائيلي الروسي.
من جهتها، تقول الكاتبة الإسرائيلية دانا سمبيرغ إن نتنياهو يرتاح في التعامل مع الروس لأنهم "يتحدثون بالغة المصالح وليس بلغة القيم". وفي مقال نشرته "معاريف" قبل أيام، تشير سمبيرغ إلى نتنياهو معني أن يسهم التحرك الروسي والتحرك الذي شرع فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تجاوز المبادرة الفرنسية.
من ناحيته يلفت المعلق السياسي في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، أودي سيغل، في تعليق بثته القناة قبل أيام، إلى أن مسؤولين كبار في ديوان نتنياهو يخشون أن تتخذ إدارة أوباما من فشل المبادرة الفرنسية مسوغاً لتمرير مشروع قرار في مجلس الأمن ويتضمن تصوراً لحل الصراع بدون التشاور مع إسرائيل.