منذ عام 1996، انتقلت فنانة الأداء والتجهيز اليابانية شيهارو شيوتا (1972) للعيش في برلين، وهناك درست في "براونشفايغ" على يد اثنتين من أبرز الفنانات المعاصرات وأكثرهن إشكالية؛ هما ريبيكا هورن ومارينا أبراموفيتش، قبل أن تصبح هي نفسها أستاذة زائرة للفنون المعاصرة في عدة جامعات في بلدان مختلفة.
منذ ذلك التاريخ، كرّست جل وقتها للفنون البصرية الحيّة، فشاركت في إعداد سينوغرافيا لمجموعة من أبرز الأعمال المسرحية، وربما تكون تجهيزاتها الغرائبية وشديدة الخصوصية من أبرز الأعمال المعاصرة اليوم في هذا المجال.
اقتربت الفنانة من مواضيع في غاية التعقيد والحساسية مثل الهجرة القسرية والمجازر الجماعية والحروب والعنف الممارس على النساء، فالصفة التي ترتبط بأعمال شيوتا هي نسويتها ونظرتها الراديكالية إلى طبيعة جسد المرأة في بعض الأحيان.
"غاليري تيمبلون" في باريس يقيم معرضاً لشيوتا، يضم مجموعة من منسوجاتها، إلى جانب عرض تجهيزين وسلسلة من المنحوتات الجديدة، يصفها المعرض بأنها تمثيل للكون الداخلي في الإنسان، أو أنه محاولة لتجسيد العقل، وربما الوعي، أو ذلك الشيء الذي يتجاوز الجسد ويربط الكائنات بعضها ببعض.
عرفت شيوتا بتركيباتها الضخمة وباستخدامها للخيوط كخامة والتي نراها في كثير من أعمالها تخيّم على معارضها كأنها سماء منسوجة من الخيوط المتشابكة والمعقدة، وربما يكون هذا التشابك ومحاولة خلق أفق أو سطح بهذه الهشاشة والتعقيد في آن، ليس إلا جزءاً من سؤالها عن فكرة السطح والحدود التقليدية.
في أعمالها تماثيل وخيوط حمراء وبيضاء وسوداء، وصناديق، وحقائق، ومفاتيح، وأطر نوافذ منتزعة، وفساتين، وأحذية، وأسرة، ومتعلقات شخصية، تتعامل مع الأشياء بوصفها شهوداً على الحياة، لكنها أشياء بأسئلة ميتافيزيقة كبيرة، مثلما رأينا في أعمالها "غرفة الذاكرة"، و"ذاكرة الجلد"، وغيرها.
تقول شيوتا: "الخيط يفصلنا عن هذا الوجود المادي داخل الكائن، ولكن في نفس الوقت، تسمح لي هذه البنية بإنشاء مساحة جديدة. تتراكم طبقة بعد طبقة من الخيط المقطوع والمتشابك والمعقد يخلق مجمل الكون المرتبط بهذا الوجود".