محطة المسافرين تحوّلت إلى كومة من الحجارة والخردة، ولم يكتف النظام السوري بذلك، بل حول مكانها إلى نقطة عسكرية بعد اعتقال صاحبها هشام يوسف الحوز.
ومضى على اعتقال صاحب المحطة سنوات، إلى أن علم ذووه أخيرا بأنه قضى في السجون، حاله حال الآلاف من السوريين الذين دخلوا سجون النظام ولم يخرجوا منها أبدا.
رفض شراكة النظام
حاول النظام عن طريق عملائه عدة مرات فرض شراكة على مالك "استراحة طيبة"، هشام الحوز، وذلك قبل اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، إلا أنه رفض تلك الشراكة، التي كان يحاول النظام فرضها عن طريق رجل أعمال متنفذ يتحدر من مدينة دير عطية.
ووفق المعلومات المتوفرة، فهذا الرجل هو الذي يشغل منصب "مدير مكتب رئيس الجمهورية" منذ بداية عهد حافظ الأسد، واستمر في عهد بشار الأسد، بدأ موظفا في بلدية دير عطية وانتهى به المطاف مديرا لمكتب رئيس الجمهورية، وشريكا في العديد من الجامعات الخاصة.
وخطف في منتصف عام 2012 عندما هاجمته مجموعة من المسلحين أمام جامعة القلمون وتم الإفراج عنه من قبل تلك المجموعة المجهولة في يوليو/ تموز من العام ذاته.
تحرش النظام
منذ بداية الثورة، بدأ ضباط أمن النظام بالتحرش بصاحب استراحة طيبة، وفي بداية عام 2012 قام النظام برمي جثث ضباط تمت تصفيتهم أمام باب الاستراحة، واتهم صاحبها بالوقوف وراء ذلك، إلا أن تلك المحاولات لم تجد نفعا، ليقوم النظام في كل يوم بمداهمة الاستراحة وإهانة الزبائن.
لاحقا قام النظام باستهداف الاستراحة بالرصاص والقذائف، ما أدى إلى إغلاقها من قبل صاحبها، وفي أحد الأيام قام عناصر النظام بمداهمة الاستراحة بحجة البحث عن مسلحين، حيث قاموا بإفراغها وسرقة كافة محتوياتها من الحلويات والطعام والآلات.
وعمد النظام بعد إفراغ الاستراحة بالكامل إلى تفجيرها مذيعا بين الناس أن التفجير كان بسبب وجود نفق يستخدمه "المسلحون".
اختطاف وتغييب
في حديث مع "العربي الجديد"، قال أحد المقربين من عائلة الحوز، إنّ اعتقال هشام لم يكن لأنه رفض الشراكة مع النظام، إنما كان لأنه يساعد النازحين الفارين من جحيم النظام إلى القلمون في عام 2012 ويعمل على تأمين مأوى لهم، وحينها كان جل النازحين من محافظة حمص.
وفي نهاية عام 2012 رفض هشام مغادرة النبك وقام بنقل عائلته إلى مدينة دمشق، وفي تلك الأثناء فقد الاتصال به، وعلمت عائلة هشام بأن أحد المخبرين العاملين لدى النظام قام بالإخبار عن مكان وجود هشام حيث تم اعتقاله.
وكان شقيق هشام يعمل ضمن صفوف الجيش السوري الحر في القلمون، إلا أن هشام لم تكن له أي علاقة بذلك واقتصر عمله على مساعدة النازحين فقط، إلا أن النظام قام بوضع تهمة العمل المسلح له.
وبعد عشرين يوما من الاعتقال، علمت العائلة بأن هشام معتقل في فرع المنطقة بريف دمشق، كما علمت بأنه دخل في مشادة كلامية مع العميد في قوات النظام مازن الكنج، إذ قام الأخير بتهديد هشام وتوعده بأنه لن يحلم بالخروج من المعتقل.
تنقل بعدها هشام بين الفروع الأمنية، وفي عام 2015 انقطعت جميع الأخبار عنه، حتى عام 2017 جاءت أخبار بأنه وصل إلى سجن صيدنايا المعروف بسمعته السيئة.
يؤكد المصدر المقرب الحوز أن أفراد العائلة في ذلك الوقت لم يكونوا قادرين على التأكد من أي خبر أو أي معلومة، وكل ما كان يصلهم مجرد كلام، وحاولوا عدة مرات أن يصلوا إلى معلومات عن طريق الواسطة لكن الجميع كان ينسحب، وفي الأيام الأخيرة علمت العائلة من عدة مصادر بأن هشام قضى في صيدنايا منذ عام 2015.
وقبل ذلك كانت العائلة قد فقدت ابنها عبد الملك الذي فضل العودة والمشاركة في الثورة على الدراسة في لندن، ورغم ممانعة والده إلا أنه أصر على حمل السلاح في صفوف الجيش السوري الحر، حيث قضى نتيجة استهدافه من قبل قناصة قوات النظام.
لجوء
منذ اعتقال هشام غادرت عائلته سورية متجهة إلى لبنان، وخلال خروجها قام النظام باعتقال صهر هشام، ومن خلال ذلك الاعتقال تمكن النظام من معرفة مكان هشام حيث التقى بصهره في فرع المنطقة، وبعد عام ونصف خرج صهره من السجن إثر دفع مبلغ مالي كبير.
وبينما تقيم زوجة هشام مع ابنها في لبنان، تقيم ابنته في تركيا وتعمل في تلفزيون سورية، في حين وصل صهر هشام لاجئا إلى ألمانيا.
وتوقف عمل العائلة في سورية بشكل كامل، وجميع أملاكها بقيت تحت يد النظام ولا تقدر على التصرف بها.
وتم افتتاح العديد من المطاعم ومتاجر الحلويات في العديد من البلدان تحت اسم طيبة، إلا أن المصدر أكد لـ"العربي الجديد"، أن لا علاقة للعائلة بها، مشيرة إلى امتلاكها صك حماية دولية للعلامة التجارية، إلا أن الانشغال بقضية والدها منعتهم من التحرك قضائيا بذلك الصك.
وأوضحت أنهم قاموا بفتح فرع في سوق واقف بقطر إلا أنهم أغلقوه بعد مدة، بينما قام عمها بافتتاح فرع في مدينة مرسين التركية، ولا يوجد أي فرع آخر لهم.