20 يونيو 2022
صحافة ملفوفة بموت الفجأة
منذ عقود وصحافتنا معقود في نواصيها الخير، تقدم ما تستطيع طرحه للمتابع رغم قلّة الإمكانات المادية وجاهزية الكادر البشرى عندها، قامت على بساطتها وقلة حيلها في مواجهة نظام الرقابة الذي يتدارك في شكل كوابيس تأخذ بدون مواعيد مسبقة..
الصحافة التشادية اليوم بدأت تأخذ استراحات متقطعة بعد أن فقدت الرعيل الأول من رجالاتها الذين تخطفهم الموت وغيبتهم الدنيا عنها، رحلوا وتركوا وراءهم سوقا مفتوحة للإعلام يدخلها أي عابر سبيل تقطعت به السبل، أو فاشل في مسيرته الدراسية أو منتهك لحقوق غيره، أو مخلفات أجهزة الأمن الذين فتحوا دكاكين تباع وتشترى فيها سمعة الصحافة، بينما الدولة تقف في ظل هذا الهرج موقف المتفرج لوسائل إعلام قامت بالتطوع وسارت به، وعملت في الحقل الإعلامى بجهود فردية وأخرى مساعدات تغذيها لتعيش حسب المضمون الذي تقدمه..
لكن كل هذا اختفى وظهر ركود عام شهدته الساحة الإعلامية الناطقة باللغتين العربية والفرنسية، ما يعني أن حقيقة تلك المهنة بفقرها وذلها ومسكنتها تجدها ظاهرة على المنتسبين إليها، فأصبحت مع الزمن تدر المصالح والوساطات والمحسوبية والضغط باسم العيش على سمعة الآخرين، صار الإعلامي يُنظر إليه في مراكز القرار بأنه بوق، وأنه شحاذ ومطبل يسترزق من وسيلته الإعلامية، فظهرت الصحافة الصفراء وجميع الألوان بائنة، يقف المتتبع لمسيرة الصحافة عندنا كأنه فاقد إبرة في كومة قش.
صحافة بدون معايير
هناك حيلة بسيطة يسرق بها الإعلامي الأنظار ويدق مسمار الهبل على نعش فشله، ويسير بين الأمم كأنه سيد قومه، ويرفع سماعة وهمه فيتطاول بلسانه وقلمه على أي مخلوق يراه من بعد في أبراج الثراء والمسؤوليات، يدق الباب بتقارير ومستندات كاذبة يفتح نوافذها على الضحية المستهدفة ومن ثم يبدأ مسار الاسترزاق وورقات الضغط، ثم غدا في أبواب غيره، اليوم تعتلي تلك الصحافة قائمة الصحف الأكثر متابعة والأكثر جماهيرية بينما أصحابها يمتلكون دكاكين يأكلون ويشربون من عرق غيرها، فهل يتعقل إعلامنا عن أفعاله بمافياته ولصوصه الذين وأدوا المهنة وعرقلوا سمعتها.
النظام والبحث عن فضيحة
في ظل هذا المشهد الموبوء تعكس حقيقة واحدة وهي أن الأنظمة المتعاقبة على البلد وسنوات الضحك على الناس، وصناعة أوهام وجماهير الغوغاء وتفريخ مطبلين يعتلون المناصب والمسؤوليات وينشئون إمبراطوريات مالية تقوم على غسيل الأموال والتزوير وشبكات التهريب، يتسابق الناس إلى مؤسسات الدولة تقربا بالرشاوي والوساطات وإنفاق كل شيء في سبيل اعتلاء المناصب..
لهذا وصل النظام الحالي والأنظمة الغابرة إلى فضائح تسطرها بالتوريط في لصوص طوقوا الوطن بالرقص على جثث الأبرياء والمساكين، قتل وسحل وتقطيع جثث وضرب بالنار وكل أدوات التعذيب والموت، كلها مواد إعلامية جاهزة تعمل عليها وسائل الإعلام ومن ثم تقاد إلى مشانق المحاكمات الصورية والمطاردات المشؤومة التي قتلت الكثير من وسائل باءت محاولتها في نقل الواقع الذي يمس آلهة النظام بسوء حسب وجهة نظر المنتبسين للنظام؟
فإلى متى تقف العمليات التعسفية والمضايقات ضد الصحافيين والعاملين في هذه المهنة؟ بحسب تقرير منظمة مراسلون بلا حدود لهذا العام رصدت مجموعة من التجاوزات التي ارتكبها النظام في حق وسائل الإعلام تمثلت في الاعتقال والعنف والرقابة على الإنترنت والإغلاق لمؤسسات إعلامية عانت الكثير من هذه المطاردات، لهذا اعتلت تشاد قوائم بعيدة في ترتيبها حيث 123، إلى متى يتوقف نظام الإنقاذ عن حقيقة وهم الديمقراطية المخلوطة بالتعذيب والقتل والتهجير؟