أثار رحيل الصحافي الجزائري المعارض محمد تامالت، بعد دخوله العناية المركزة بمستشفى باب الوادي بالعاصمة، موجة من الاستنكار، وكان تامالت (41 سنة) قد باشر إضرابًا عن الطعام، فور توقيفه من طرف السلطات الجزائرية، ومحاكمته بتهمة الإساءة إلى رئيس الجمهورية، وحكم عليه بعامين حبسًا نافذًا.
وتم القبض على تامالت، وهو صحافي مقيم ببريطانيا وحاصل على جنسيتها، فور عودته إلى البلاد، وذلك بسبب منشوراته على صفحته الرسمية في فيسبوك، التي يتعرّض فيها لمسؤولين جزائريين، ويكشف عبرها ممتلكاتهم في الخارج، ويتهمهم بتورّطهم في قضايا فساد.
كان شقيق محمد تاملت، أكد في سبتمبر/أيلول الماضي لوسائل إعلامية، أن شقيقه لم يدخل العناية المركّزة بسبب إضرابه عن الطعام، لكن بسبب تلقيه ضربة قوية على مستوى الرأس، مضيفًا، أنه عند زيارته لأخيه في العناية المركزة، تبين أنه مصاب على مستوى الرأس، وتمت خياطة جرحه بعدة غرز، مستطردًا أن أخاه على "مشارف الموت ولا يدري إن كان حيًا أم ميتًا".
من جهته، أكد بيان لوزارة العدل الجزائرية، أن تامالت، ظهرت عليه علامات نقص التركيز بتاريخ 20 أغسطس/آب فنقل على وجه السرعة إلى مستشفى القليعة، وأضاف البيان أن الصحافي أجرى من تحاليل بيولوجية وكشوفات سكانر، ولم تظهر من خلاله أية اختلالات، ونقل بعدها إلى المستشفى الجامعي لمين دباغين في باب الوادي بالعاصمة، وبعد عرضه على أشعة (IRM ) تبين أنه مصاب بجلطة دماغية جراء ارتفاع حاد للضغط الدموي، وهو ما تطلب إخضاعه لعملية جراحية مستعجلة على مستوى الرأس من طرف مختص في جراحة الأعصاب.
ذكر البيان، أن العملية كانت ناجحة، واستعاد تامالت عافيته، "وأصبح يتواصل مع الطاقم الطبّي المشرف عليه، وشرع في تناول الطعام بصورة عادية"، غير أنه قبل عشرة أيام عانى من التهابات في الرئتين وخضع للعلاج المناسب، وتوفي بسبب تدهور حالته الصحيّة بعد ذلك.
كان تامالت قد تحدث عن ملاحقته في الجزائر، وحذّر من إمكانية أن "يحدث له مكروه"، في منشور له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في يونيو/حزيران الماضي، حيث قال "ستصل طائرتي إلى الجزائر العاصمة غدًا السبت حوالي الساعة الحادية عشر والنصف ظهرًا، لا قضاء إلا ما قدّره سبحانه، نعيش رجالًا ونموت كذلك، ولا يخاف إلا المجرمون. هذه زيارة قصيرة تدوم ما يقارب الشهر، وهدفها الإعداد للعودة النهائية ومن باب الاحتياط ورد الأذى بما يليق به، فقد وكلت مكتب المحامية المعروفة "Gareth Peirce"، التي اشتهرت قبل عقود بدفاعها عن مناضلي، الجيش الأيرلندي الجهوري، ليقوم بما هو ضروري لإبلاغ الإعلام ومن يهمهم الأمر، إن حدث لي مكروه".
استنكر ناشطون وكتاب جزائريون، خبر رحيل الصحافي محمد تامالت بهذه الطريقة، مشكّكين بأنه قد يكون قد تعرّض للتصفية؛ حيث قالت الكاتبة فايزة مصطفى على صفحتها في فيسبوك: "موت صحفي جزائري في السجن لأوّل مرة في تاريخ الجزائر المستقلة هو إهانة لسمعة بلادنا ولتاريخنا النضالي ولتضحيات شباب أكتوبر 1988". من جهته ،قال الصحافي أبو طالب شبوب "وفاة زميلنا محمد تامالت عار على العصابة الحاكمة وجريمة جديدة ترتكبها في حقّه".