واصلت الصحف الإسرائيلية ووسائل الإعلام الأخرى متابعة ملفات الأزمة الروسية- الإسرائيلية، على أثر إسقاط الطائرة الروسية "إيل 20" الأسبوع الماضي، وما تبع ذلك من حرب روايات بين موسكو وتل أبيب لجهة تحديد المسؤول عن التسبب في الحادثة.
واعتبرت الصحف الإسرائيلية، الثلاثاء، أن الإعلان الروسي عن نقل وتسليم منظومات دفاعية من طراز "إس 300" يحمل رسائل سياسية أشد خطورة من التهديدات العسكرية، خاصة في ظل إعلان روسيا أمس الإثنين، أنها تعتزم أيضاً استخدام وسائل إلكترونية لتشويش واعتراض نشاط "طائرات معادية" في المجال الجوي السوري.
وفي السياق، فإن الصحف الإسرائيلية، التي حذرت على مدار الأسبوع الماضي من مخاطر نصب منظومات "إس 300" وتفعيلها من قبل أطقم سورية، عادت اليوم للحديث عن أن جيش الاحتلال يملك جوابا لهذه المنظومات، وأنه يعرف سبل عملها وطرق التغلب عليها، بفعل تدريبات متواصلة على مدار العقدين الماضيين على مواجهة هذه المنظومات، في دول غير معادية لإسرائيل تملك هذه المنظومات، مثل أذربيجان.
وأشارت الصحف، كما في "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس"، إلى أن الجانب التكنولوجي يشكل تحديا لجيش الاحتلال الإسرائيلي، لكن بمقدوره في نهاية المطاف التغلب عليه، ولا سيما في ظل عدم خبرة الجانب السوري بتفعيل مثل هذه المنظومات، "ما يشي في نهاية المطاف بأن الروس لن يجازفوا بتسليم هذه المنظومات فعليا للجانب السوري، وإنما، وعلى الأقل في المرحلة الأولى، قد يكون تفعيل وتشغيل هذه المنظومات من قبل عناصر الجيش الروسي نفسه".
وهذا البعد بالذات، بحسب ما قالت "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس"، هو ما قد يضع إسرائيل أمام معضلة. فإسرائيل التي واصلت التهديد، حتى خلال الاتصال الهاتفي بين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، بالعمل لحماية مصالحها وعدم تغيير سياستها في سورية، في إشارة إلى مواصلة استهداف المواقع الإيرانية وقوافل السلاح، "ستكون مضطرة إلى إعادة النظر جديا في قصف بطاريات "إس 300" إذا كان من يقوم على تشغيلها الجانب الروسي".
وأشار كل من أليكس فيشمان، في "يديعوت أحرونوت"، وعاموس هرئيل في "هآرتس"، إلى أن الضرر الأكبر في حال لم يتم تخطي الأزمة الحالية قد يكون بالذات في البعد السياسي لها، وتداعيات أزمة سياسية بين موسكو ووتل أبيب على المكانة الاستراتيجية لإسرائيل في المنطقة، لأن "تراجع وتراخي العلاقات الثنائية الحالية بين روسيا وإسرائيل من شأنه أن يشجع إيران على محاولة التغلغل واستغلال هذا الوضع الجديد لصالح تعزيز مواقعها في سورية".
إلى ذلك، لفتت الصحف الإسرائيلية إلى كسر الصمت الأميركي بعد تصريحات مستشار الأمن القومي، جون بولتون، الإثنين، الداعمة لموقف إسرائيل، والمحذرة من تزويد النظام السوري بمنظومات "إس 300"، وما تبع ذلك من تصريح وزير الخارجية، مايك بومبيو، بأنه في انتظار لقاء نظيره الروسي، سيرغي لافروف على هامش مداولات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، للإعراب عن قلق الولايات المتحدة بشأن نية روسيا نقل منظومات "إس 300" إلى سورية.
وعملياً يمكن القول إن تصريحات بومبيو أمس، وقوله "إننا نحاول إيجاد أساس لتفاهم مشترك والتعاون مع الروس"، والرد الروسي عليها باستعداد موسكو مناقشة الأحداث في سورية مع الولايات المتحدة، بشرط ألا تحاول فرض إملاءاتها على روسيا، تؤشر لنقل ملف الأزمة الروسية الإسرائيلية إلى مستوى مجمل العلاقات الروسية- الأميركية والتسويات الجارية، سواء في الشرق الأوسط أو في مناطق أخرى في العالم، وخاصة في الملفات العالقة بين روسيا والولايات المتحدة، وبالتالي فإن "مستقبل الأزمة الروسية- الإسرائيلية الحالية ينتقل حاليا إلى مرحلة جديدة تتعلق بما قد تتمخض عنه الاتصالات الروسية الأميركية عموما".
ومع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن أغلبية المحللين في الصحف الإسرائيلية يبدون قناعة بأن النشاط الإسرائيلي في الأجواء السورية سيبقى قائماً من حيث المبدأ، والسؤال هو: "كيف ستؤثر الخطوات الروسية المستقبلية على طبيعة هذا النشاط؟".
وفي هذا السياق، لمّح فيشمان إلى أن "التحدي الجديد في حال تغير قواعد اللعبة، سيفرض على الطرف الإسرائيلي مزيدا من النشاط الاستخباري لتحديد مواقع نصب بطاريات "إس 300" بدقة، وجمع المعلومات عن هوية مشغلي هذه البطاريات قبل أي تفكير باستهدافها، تجنبا لمواجهة مباشرة مع روسيا".