وكتب الكاتب في مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، مارك غالوتي، في مقال بعنوان "بوتين يلعب في حلب بقواعد غروزني"، أن "من يريد معرفة وحشية استراتيجية بوتين يتأمل ما فعله خلال حرب الشيشان الثانية عام 1999، حينما كان وزيراً للدفاع"، موضحاً أن "المشاهد المروعة لحرب الشيشان وقصف المدنيين تتجسد الآن بحلب".
وبعد رسم لوحة سوداوية لما آلت إليه أحياء المدينة، حيث مشاهد الدمار وهروب الناس في كل اتجاه، أشار الكاتب إلى أن "التاريخ يعيد نفسه حيث مقتل الآلاف بغروزني، وتشريد عشرات آلاف المدنيين، بينما كان ينظر العالم في فزع من هول قصف حاملات الطائرات والصواريخ الروسية، يتكرر في حلب الآن". وأضاف: "مهما تغيّرت الظروف فإن الوحشية واحدة".
وبعد وصف "درامي" عن القدرات التدميرية للقنابل الروسية التي تستخدم حالياً في مدينة حلب، والتي حولتها إلى "مدينة أشباح"، بحسب تعبير غالوتي، والذي بيّن أن روسيا تزيد من دعمها العسكري لنظام الأسد بشكل متسارع، وأن طائرات روسية من طراز "سوخوي 25" تستخدمها موسكو في "سحق الأهداف المدنية في سورية من ارتفاع منخفض".
وتابع الكاتب أن روسيا تستخدم هذه الطائرات في الأحياء المدنية بالقنابل الحارقة والذخائر العنقودية، وبقنابل "خارقة للتحصينات" من نوع "بيتاب 500"، والتي تقدر زنة الواحدة منها بنحو 454 كيلوغراماً، والمصممة لاختراق التحصينات الخرسانية المشيدة تحت الأرض قبل أن تنفجر، متسببة بتدمير وانهيار المباني على رؤوس ساكنيها.
وكما نبش غالوتي في ذاكرة غروزني، شبّهت مجلة "ذا ايكونومست" سياسة الحكومة الروسية في التعامل مع الأزمة السورية بسياستها في التعامل مع التمرد الشيشاني عام 1999 حين كان بوتين رئيساً للوزراء.
وقالت المجلة: "اليوم يعود بوتين كرئيس لروسيا الاتحادية، ولم يتغير شيء في تعامله مع الأزمات التي تشغل بال الحكومة الروسية، وكأن التاريخ يعيد نفسه، ففي الماضي اعتبرت الحكومة الروسية جميع معارضيها (إرهابيين)، ودمرت مدناً بأكملها كغروزني التي اعتبر 80 في المائة منها غير صالح للحياة، واليوم يعتبر بوتين كل المعارضين للنظام في سورية إرهابيين".
من جانبه، شبّه الكاتب، ديفيد غارندر، في مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" تدمير حلب بما جرى سابقاً في العاصمة الشيشانية غروزني، إذ دمّرتها المقاتلات الروسية وأحدثت فيها مجازر واسعة عقب فشلها بالسيطرة عليها عام 1994.
وقال غارندر: "يبدو أن روسيا قد توصلت إلى نتيجة، وهي أن حلفاءها الإيرانيين والسوريين على الأرض لا يستطيعون استعادة حلب، ولهذا فإنها تخطط لتسويتها بالأرض".
وخلص إلى القول "لأن روسيا لم تستطع هزيمة عدد كبير من الفصائل السنية المسلحة، فإنها قررت تدمير حضارتهم نيابة عن حليفها السوري، وإجبارهم على الخروج من منطقتهم التي أصبحت أرضاً قاحلة، وضمها لدويلة يحكمها الأسد".
ولا يقتصر وجه الشبه بين ما يجري في حلب وما جرى مطلع الألفية في الشيشان وأوكرانيا، على بشاعة القصف، ودموية الدمار، فقد رأى كتاب الرأي الغربيون أن حلب تكشف مُجدداً عن ضعف الغرب وتخبّطه في مواجهة "العنترية" الروسية، أو على الأقل كبح جماحها.
وبينما ذكّر غالوتي بالعجز الغربي عن وقف القصف الروسي على غروزني، أكد محرر الشؤون الخارجية ونائب رئيس تحرير "الأوبزيرفر" السابق، أدريان هاميلتون، أن الولايات المتحدة والغرب "عاجزان عن فعل أي شيء، وقد أخفقا بشكل واضح في وقف القصف الروسي على حلب".