رسمت صحف فرنسية، اليوم الأحد، صورة قاتمة عن الوضع في مصر، مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير، وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على اندلاع ثورات الربيع العربي.
ونقلت صحيفة "ليبراسيون"، من خلال تقرير لمراسلتها في القاهرة، صوفي أنموث، عن عمار أبو بكر، وهو فنان مصري، يعمل غير بعيد عن ساحة التحرير، قوله: "الكثير من الذي صدّقوا بالتغيير، أصبحوا يائسين أو موتى أو في السجون أو غادروا مصر. البعض منهم تنكَّرَ لالتزامه. صحيح أننا كنا حالمين سنة 2011. ولكن الشيء المؤكَّد هو أن الأمور لن تدوم على هذا الشكل".
وأضاف "كل المصريين يعتبرون أن الجنرال السيسي يقودهم إلى الخسران"، لكنه عبر عن قلقه من المستقبل، رغم الأمل، مقارناً الثورة المصرية بنظيرتها الفرنسية التي لم تنجح، بسرعة، قائلاً: "لا شيء ضائع، الثورة ما زالت في سنتها الخامسة. وهي لا تزال رضيعا".
صحيفة "لوجورنال دي ديمانش"، نشرت تقريراً لمراسلها من القاهرة، صمويل فُوري، بعنوان: "خمس سنوات، ساحة التحرير مُحاصَرَةٌ". ويرسم المراسل الفرنسي أجواء مخيفة من القمع البوليسي والاستخباراتي. حيث يقوم رجال الأمن بمطاردة الشباب واقتحام بيوتهم واستغلال كل شيء لتوريطهم، سواء تعلق الأمر بوثيقة ما أو نبيذ أو مخدرات، وحين لا يجدون شيئا يستولون على الحواسيب.
يتحدث المصريون الذين التقى بهم مراسل الصحيفة الفرنسية الأسبوعية عن مختلف أجهزة النظام بتعبير"هُمْ": "جهاز دولة، أي صناعة المراقبة والتفتيش التي تم تنشيطُها من جديد عشية الذكرى الخامسة للمظاهرات التي اندلعت ضد الرئيس مبارك".
ويصف المراسل، الهستيريا التي استبدّت بنظام السيسي إلى درجة إقدامه على "تفتيش أكثر من 5000 شقة في وسط القاهرة، وفي قلبها، ساحة التحرير الشهيرة".
وفي هذه الحمّى الأمنية، جرى إغلاق الكثير من المراكز الفنية والأدبية، ومن بينها غاليريه الفن المعاصر ومقرات دار ميريت للنشر. كما لجأت السلطات المصرية إلى اعتقال ثلاثة مسؤولين عن صفحات "فيسبوك" دعوا للتظاهر يوم 25 يناير.
ويرى المراسل الفرنسي أن الذكرى تظهر أحقاد البعض للعَلَن، ومن هنا موقف بعض نواب البرلمان المصري الجُدُد، قبل أسبوعين، ومن بينهم مرتضى منصور وتوفيق عكاشة، المُعارِض لأداء القَسَم حتّى لا يبدو الأمر وكأنه يُحيل إلى ثورة 25 يناير.
وهو موقف يرى فيه الكثير من المصريين، الذين التقى بهم مراسل الصحيفة الفرنسية: "محاولة لمسح كل تذكار، كما لو أن الانتفاضة الوحيدة هي الانتفاضة التي قادت إلى رحيل الرئيس الإسلامي محمد مرسي، يوم 30 يونيو/ حزيران 2013".
ويشير المراسل إلى أن الثورة المضادة، و"إنكار التاريخ" يحصلان على قدم وساق، خاصة في وسط المدينة: "الغرافيتي الذي كان يُمجّد "شهداء" الثورة امّحى، شيئا فشيئا، والأسوار التي كانت تحمل هذا الجرافيتي تم تدميرها. ساحة التحرير جاهزةٌ للإغلاق عند أدنى إنذار".
كما ينقل عن قيادي مصري، عمل خلال خمس سنوات مع إحدى المنظمات غير الحكومية لحماية حقوق الإنسان، بعد مروره في الحركة الاشتراكية الثورية، قوله: إن "الجيش المصري يقود ثورة مضادة، ولا يدع أي شيء يفلت منه. النظام الجديد يعرف بعض مظاهر الضعف، وقد بدأ يفقد حلفاءه في الداخل والخارج، بينما الاقتصاد المصري لم يعرف أي إقلاع".
ويعبّر القيادي عن الأمل في الثورة، موضحاً: "هي القادرة وحدها على حل مشاكل المنطقة، ابتداء من التفاوتات الاقتصادية وقمع الأقليات والنظام البطركي".
ويضيف: "نظام السيسي بدأ ينتقم من الثورة. وبالنسبة للثوريين، فالوقت ليس وقت حركة. إنه وقت قراءة وتأمل. إذ علينا أن نستقي الدروس مما حدث. وأنا مقتنع بأن هذا النظام لن يدوم طويلا. وحين يأتي وقتُ التخلص منه، يجب أن نكون متأهبين".
اقرأ أيضاً:خبراء: كلام السيسي لتونس يعكس تخوفه من 25 يناير