صداقات من صنع الشيطان
عانى المغفور له، الحسن الثاني، كثيراً من غدر الأصدقاء، فعاش في حياته أقسى خيانة، يمكن أن يتعرض لها المرء من صديق يثق فيه. مع ذلك، عندما سأله صحافي هل سيستمر في ربط صداقات؟ أجابه الحسن الثاني: "مَنْ لا أصدقاء له ليس بإنسان. وأنا أفضل أن أكون ضحية صداقة على أن أكون قاتل صداقة".
هذا الجواب الحكيم من ملك واع بإكراهات السلطة والحكم، مولع بقراءة كتب التاريخ التي ما فتئت تخبرنا أن الأصدقاء في السياسة أخطر من الأعداء، تجعلنا ندرك أن الحسن الثاني ناضل لكي يعيش الملك والإنسان مع بعضهما جنباً إلى جنب، وألا ينتصر أحدهما على الآخر. فعلى الرغم من تجارب مؤلمة تعرض لها، ظل مؤمناً بقيمة الصداقة، لأنه لا يريد أن يخنق الإنسان فيه.
فمن منا لم يعانِ من صداقةٍ انتهت بجرح دفين؟ مَن مِنّا لم يثق بابتسامة صديق، فسكن إليه وباح له بكل أسراره، وجعله يتنزه في حدائقه، كاشفاً له عما يدور في مكنون صدره، فاضحاً أمامه كل عيوبه، فأصبح كمن يتمشى عاري الروح والنفس والفكر أمامه، ثم، وبعد فوات الأوان، يكتشف أن الصديق لم يكن صديقاً، كان عدوّاً يلبس ثوب صديق، وأنه، في الأصل، كان يضمر له السوء والحسد، ولا يريده أن يرتقي أو أن يكون راضياً وسعيداً؟